المحور العربي مستعد للذّهاب بعيدا في وجه إيران

  • 12/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال المنطقة تعيش على وقع آثار تصفية "أبي القنبلة النووية" الإيرانية محسن فخري زاده التي شكلت تصعيداً كبيراً في المواجهة بين إسرائيل وحلفائها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، وبين إيران التي تعرضت في عهد الرئيس دونالد ترامب الى أوسع مروحة عقوبات اقتصادية ومالية وأمنية في تاريخ العلاقات المتوترة بين واشنطن وطهران منذ 1979 تاريخ انتصار "الثورة الإيرانية" بقيادة الإمام الخميني. وتصفية فخري زاده التي أتت بعد ما يقرب على الأحد عشر شهراً من تصفية قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري " الإيراني قاسم سليماني، تندرج عموماً في سلسلة الهجمات "الغامضة" التي تعرضت لها منشآت إيرانية "حساسة" على أراضي الدولة نفسها، وحتى في قلب العاصمة طهران، وقد شكلت عملية تخريب جزئية في مفاعل "نطنز" النووي إشارة حاسمة مفادها أن البرنامج النووي لن يمر مرور الكرام تحت أعين الإسرائيليين أو الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. كما أن أوروبا التي افترقت عن الموقف الأميركي بعد خروج واشنطن سنة 2018 من الاتفاق النووي، تدرك أن قنواتها الخلفية المفتوحة مع طهران لا تعني القبول بأن يستغل الإيرانيون انقسام مجموعة "5+1" حول الاتفاق النووي، وبأن تسرّع طهران الخطى لإنتاج قنبلة نووية، أو لخرق كبير في مندرجات الاتفاق النووي. ومع ذلك، تبقى المواجهة التي تواصلها إسرائيل بمنهجية عالية لمنع إيران من الاستحواذ على قنبلة نووية، أو من تطوير برنامج صاروخي عالي الدقة، أولوية تتقدم على أجندة إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، هذا إذا حاول الأخير العودة الى العمل بالاتفاق النووي من دون تعديلات، أي إذا حاول العودة بعقارب الساعة الى سنة 2015، من دون أي اعتبار لما استجد على ساحة منطقة الشرق الأوسط. ومع أن بايدن قال قبل ثلاثة أيام في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمس" أجراها معه الصحافي طوماس فريدمان إن العودة الى الاتفاق النووي ليست بالأمر السهل، لكنه لم يشدد كثيراً على النقاط المستجدة التي طرأت على مسار الاتفاق. فالإطار الزمني قصير للغاية، وهذه نقطة ضعف أساسية أملاها تسرّع كل من الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري الذي كان شديد الحماسة لعقد الاتفاق وتحويل الأنظار عن نقاط الضعف البنيوية فيه. ثم هناك برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية العالية الدقة الذي يمثل تهديداً وجودياً لإسرائيل ودول الخليج العربي، إضافة الى الوجود الأميركي العسكري في المنطقة. وقد مثل الاعتداء بالطائرات المسيرة الإيرانية – الحوثية على منشآت أرامكو في السعودية محطة فاصلة في تقويم البرنامج الذي بات أكثر خطورة من أي وقت مضى. و لا يغيب عن البال شعور الإسرائيليين بالخطر الشديد الناجم عن السعي الإيراني الحثيث لإقامة قواعد صواريخ ومسيّرات عالية الدقة في كل من لبنان وسوريا، وذلك عبر تهريب قطع ومعدات، إضافة الى تدريب خبرات لبنانية تابعة لـ"حزب الله" على تجميع الصواريخ وقيادتها تقنياً. ثم هناك النقطة الثالثة وهي متصلة بما سبق، وتتعلق بالاستراتيجية التوسعية الإيرانية من العراق الى سوريا ولبنان وغزة، وصولاً الى اليمن بما يضع المنطقة بأسرها تحت تهديد مستمر. هذه هي ملامح القضايا التي سيتعين على إدارة الرئيس الأميركي الجديد أن تتصدى لها، ليس بعقلية أوباما التواطئية مع طهران، بل بعقلية جديدة تأخذ في الاعتبار ما استجد على صعيد الاتفاق النووي، وإقليمياً على مستوى قيام حلف عربي – إسرائيلي، ولن يكون من السهل على بايدن و"الحمائم" الموروثة عن إدارة باراك أوباما أن تغفلها في سياق بلورة استراتيجية أميركية جديدة في الشرق الأوسط. وهنا لا بد من الإشارة الى أن دول التحالف العربي – الإسرائيلي المستجد يمكن أن تذهب بعيداً في الرد على إدارة بايدن إذا وقع الأخير تحت تأثير "إيرانيي" إدارة أوباما العائدين الى البيت الأبيض. فالمسألة أبعد من نظام علاقات إقليمية، أو إدارة خلاف سياسي. إنها مسألة وجودية، والأطراف المعنيون مستعدون للذهاب بعيداً في مواجهة ما يهدد كياناتهم جراء السياسات الإيرانية العدوانية، وهنا الجدة في الموضوع!

مشاركة :