لم يتسبب "كوفيد-19" في خسائر فادحة في الأرواح فحسب، بل أيضا في انهيار الاقتصادات وتوقف العالم، وربما يعود ذلك لعدم استعدادنا لمواجة وباء عالمي. وفي حين أن نهاية الوباء قد لا تكون بعيدة المنال مع الجهود المبذولة في تطوير اللقاحات الفعالة ضد المرض في وقت قريب، إلا أن العلماء يحذرون من الأوبئة المستقبلية، ويؤكدون على ضرورة الاستعداد لفيروس كورونا آخر أو مرض آخر كونه أمرا لا مفر منه، وفقا لدراساتهم وبحوثهم. والوقاية، على أي حال، أفضل من العلاج، لذلك، صرح عدد من العلماء بأن تقنيات تحرير الجينات يمكن أن تكون إحدى الطرق المستخدمة لمنع الوباء القادم. ويخطط العلماء الآن لاستخدام التعديل الجيني لحماية الأجيال القادمة من الأوبئة المستقبلية، حيث تتمثل إحدى طرق تعديل الجينات في استخدام تقنية "كريسبر" (CRISPR) أو CRISPR-Cas9، المثيرة للجدل، والتي يقوم العلماء من خلالها بتحرير جزء معين من الجينوم عن طريق تغيير الحمض النووي. ويمكن أن يشمل ذلك تغيير الحمض النووي للجنين لتعزيز الخلايا التائية، وهي الخلايا المسؤولة عن مكافحة الأمراض والعدوى. وهناك طريقة أخرى يمكن أن يعطل العلماء بها فيروسات كورونا، وذلك عن طريق "خلط" الشفرة الجينية. وقال يوسف باولو ربيعة، طالب الدكتوراة في جامعة لندن للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والسياسة العامة، إن هذه التقنية مثيرة للجدل، لأن العلماء غير متأكدين من الآثار الدائمة لتحرير الجينات قبل ولادة الشخص. وكتب باولو ربيعة في مجلة The Conversation: "إذا أزلت جينا يسبب مرضا معينا في الجنين، فلن يكون الطفل خاليا من المرض عند ولادته فحسب، بل وكذلك أحفاده. ومع ذلك، فإن هذه التقنية مثيرة للجدل، ولا يمكننا التأكد من كيفية تطور الطفل ذي الجينوم المتغير على مدار حياته". وتابع: "ولكن مع إظهار جائحة كوفيد-19 مدى تعرض البشر للمرض، فهل حان الوقت للتفكير في المضي قدما معه بسرعة أكبر؟". وأضاف: "يناقش العلماء الآن تعديل الجينوم في ضوء جائحة كوفيد-19. على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنية كريسبر لتعطيل فيروسات كورونا عن طريق خلط شفرتها الجينية". وشرح: "يمكننا أيضا تعديل جينات الأشخاص لجعلهم أكثر مقاومة للعدوى، على سبيل المثال عن طريق استهداف الخلايا التائية، التي تعتبر مركزية في الاستجابة المناعية للجسم. وهناك بالفعل تجارب سريرية لكريسبر قيد التنفيذ والتي تبحث في تعديل الجينوم للخلايا التائية في مرضى السرطان لتحسين المناعة المضادة للورم (الخلايا التائية التي تهاجم الورم)". وقال: "هذا النوع من تعديل الجينات يختلف عن تعديل الخط الجرثومي لأنه يحدث في الخلايا غير التناسلية، ما يعني أن التغيرات الجينية ليست وراثية. وعلى المدى الطويل، قد يكون من الأفضل تحسين استجابات الخلايا التائية باستخدام تحرير السلالة الجرثومية". المصدر: إكسبرستابعوا RT على
مشاركة :