غصت مواقع التواصل الاجتماعي هذا العام بمقاطع المسافرين الخليجيين في عواصم العالم ككل عام؛ مستغلين إجازات الصيف هربا من الجو اللاهب الخانق، ولا ضرر في ذلك. ومع كل مقطع جديد يرسل لنا سواء من الأصدقاء أو المتابعين أتذكر المسلسل الكويتي الإذاعي الذي كان بعنوان (في الصيف لازم نسافر)، الذي يحكي واقع الناس في السعي الحثيث للسفر حتى لو كان على حساب ضعف ميزانياتهم وسوء ظروفهم، لكنه التقليد الأعمى لمن حولهم. ما الجديد هذا العام؟ انتشار مقاطع الفيديو التي تنقل صورا بعض منها مقبول في تلك الدول والأكثر غير مقبول لدى الجميع. فقد تحولت الحدائق والمتنزهات العامة والخاصة إلى مناظر مؤذية من سوء التعامل معها، سواء في مستوى النظافة أو السلوك العام غير المقبول في تلك الدول، حتى إن هناك مظاهرات من السكان الأصليين خرجت رافضة تلك السلوكيات، إضافة إلى الشوارع الرئيسة التي حفلت بالرقص و"الردح" على حساب باقي المصطافين وأمام دهشة وذهول الآخرين. من غير المقبول أن نقصد مكانا ويكون شغلنا الشاغل هو فرض أساليبنا وسلوكياتنا على الآخرين؛ كتحويل المتنزهات العامة إلى جلسات أرضية، وإتلاف المسطحات الخضراء بسبب أنه تقليد خليجي، والاستمرار في ذلك الفعل ولساعات طويلة، إضافة إلى إشعال النيران من أجل صنع الشاي والقهوة، أو حتى من أجل الشواء. وكأننا في صحرائنا الواسعة التي لا يحكمها نظام أو قانون. سيارات الشباب الخليجي في شوارع العواصم الأوروبية تضج بأصوات الموسيقى المرتفعة، ومسلسل التصرفات غير المقبولة منهم -كما يقال في لغتهم الشبابية (المهايط)-. الخليجيون هذا العام فاقوا وتعدوا الحدود الطبيعية في التصرفات الغريبة، فمن مناظر الحدائق إلى مشاهد الرقص، مرورا بالسيارات الخليجية وإزعاجها المستمر. يكفي أن صورتنا الغالبة حتى عند إخواننا العرب الموجودين في أوروبا أننا الشعوب المدللة المخملية التي تلعب بالمال الذي تملكه كما الرز من وفرته، إضافة إلى أننا "قليلو ذوق" في نظرهم! لكن أمام كل السوداوية والسلبية في الطرح، وهذا ما أجبرني عليه حال مسافرينا هذا العام، سأسرد لكم واقع 300 فرد إماراتي يسافرون سنويا إلى المنطقة الحدودية ما بين هولندا وألمانيا، يقيمون بها بكل الذوق والاحترام، عوائل إماراتية تستمتع بجمال المناظر الطبيعية وروعة الطقس، ولكنهم في نهاية مدة إقامتهم ينظمون يوما إماراتيا بجهود ذاتية بعد الحصول على إذن من بلديات المدن التي يسكنونها، ثم يوجهون دعوات لكل من السفير الإماراتي في كل من هولندا وألمانيا لحضور العرض الجميل الذي يشيد به سكان المدن هناك على الناحية الحدودية بين الدولتين الأوروبيتين. يعرضون التراث الإماراتي سواء من مشغولات أو أزياء وأدوات، كما يقدمون المأكولات والمشروبات الإماراتية ختاما لإقامتهم في الدولتين، ولفتة جميلة منهم للتعريف بدولة (الإمارات العربية المتحدة)، ويلاقي عملهم هذا ونشاطهم إشادة من السياح من كل الدول، فيما يحرص السفير الإماراتي في هولندا عبدالله بن حمدان النقبي والدبلوماسيون الإماراتيون وعوائلهم على حضور هذا اليوم الجميل، بل يعرض عليهم تقديم كل التسهيلات والخدمات اللازمة لهم متى ما احتاجوا إليها، ولهم الحق في ذلك فلا أجمل من نقل الصورة المشرفة والجميلة عن وطنهم، إنهم بلا شك فخورون بما يقوم به هؤلاء السياح الرائعون، ولقد اعتادوا على هذا التقليد سنويا. هل يقتدي كل المسافرين والسياح الخليجيين بما يفعله الإماراتيون في نقل صورة مشرفة وجميلة عن الشعوب الخليجية، حتى نكون سفراء لبلادنا، فكل فرد سفير بأخلاقه وتعامله وسلوكه. أرجو ذلك.
مشاركة :