الدوحة - قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارة إلى الدوحة الخميس إن موقف فرنسا المناهض للتطرف الديني تعرض "للتحريف" واعتبر خطأ "معاديا للإسلام".وتأتي تصريحات الوزير الفرنسي بعد يوم واحد من عرض الحكومة الفرنسية مشروع قانون لمكافحة ما تسميه الأصولية الإسلامية والذي أثار انتقادات ومخاوف دولية كونه يحمل في طياته ذرائع لقمع الحريات وإطلاق يد الشرطة واستهدافا للمسلمين.وتعرضت فرنسا لانتقادات شديدة في العالم الإسلامي بعدما دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد باسم حرية التعبير اثر إقدام إسلامي متطرف في أكتوبر/تشرين الأول على قطع رأس مدرس فرنسي عرض على طلابه هذه الرسوم. وخرجت تظاهرات غاضبة في عدة دول إسلامية احتجاجاً على تصريحات ماكرون.وأكد قادة العالم الإسلامي ومنظمات ممثلة للمسلمين في العالم أن ارتكاب مسلم لجريمة إرهابية لا يعني أن كل المسلمين إرهابيون ولا يعني أن الإسلام كما تروج إلى ذلك أحزاب اليمين المتطرف "دين تطرف".وأكد هؤلاء إدانتهم للإرهاب بكل أشكاله، لكنهم حثوا على ضرورة التفريق بين الإسلام وأعمال إرهابية فردية لا تمت للدين الإسلامي بصلة رغم أن منفذوها يرتكبونها باسم الدين.ولدى عرض مشروع قانون الأربعاء لمكافحة "التطرف الإسلامي"، كررت السلطة التنفيذية الفرنسية بحذر دفاعها عن "الحريات" من دون المساس بالأديان، خوفا من اتهامها مرة أخرى بوصم المسلمين.وقال لودريان للصحافيين "لقد أشرت في هذا السياق إلى فحوى مواقفنا وتصريحاتنا حول مكافحة التطرف التي تم تشويهها واستغلالها إلى حد كبير كجزء من حملة تستهدف بلادنا".وأضاف خلال الزيارة التي استغرقت يوما واحدا للدوحة أن "هذه التصريحات ربما أسيء فهمها بحسن نية من قبل مسلمين ربما شعروا بأنها تمس معتقداتهم. نحن نكن أعمق تقدير للإسلام".وإن لم تنتقد السلطات القطرية فرنسا بشكل مباشر بعد تصريحات ماكرون، غير أن بعض المتاجر سحبت المنتجات الفرنسية من أرففها كجزء من دعوات لمقاطعتها في العالم الإسلامي.وقال وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وهو يقف إلى جانب لودريان إن "النظرة الموضوعية لقضايا التطرف العنيف نصل فيها إلى أنها لا تمت بصلة أو تكون مرتبطة بأي دين أو عرق".وأضاف أن "خطاب الإسلاموفوبيا يقلقنا في قطر ويجب الوقوف بحزم أمامه كما يقف العالم أمام أشكال الخطاب العنصري".وتمثل قطر سوقا مهمة لفرنسا إذ تتواجد فيها الكثير من العلامات التجارية الفاخرة كما صمم المتحف الوطني الجديد المهندس المعماري الفرنسي جان نوفيل ووضعت شركة فرنسية نظام إشارات خط المترو الجديد. وقطر من كبار مشتري الأسلحة الفرنسية.وتخشى فرنسا من أن تتضرر تعاملاتها التجارية بشدة مع دول العالم الإسلامي بسبب موقف الرئيس الفرنسي الداعم لإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد وهو موقف فجر موجة غضب لم تنته في دول مسلمة.وبدأت الدبلوماسية الفرنسية تتحرك في كل اتجاه بهدف احتواء موجة الغضب منذ آخر تصريح للرئيس الفرنسي حول مسألة الرسوم، لكن الحملة الأمنية الواسعة التي أطلقتها السلطات الفرنسية واستهدفت غلق عشرات المساجد والتي أرفقتها السلطة التنفيذية لاحقا بقانون حماية مبادئ الجمهورية وهي التسمية المعدلة لقانون مكافحة الأصولية الإسلامية في نسخته الأولى، أعادت الجدل مجددا وفسّرت على أنها استهداف للإسلام والمسلمين. وسبق للرئيس الفرنسي أن دافع بشدة عن موقفه من حرية نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد، مجددا تأكيده على أن تصريحاته أخرجت من سياقها وأنه لا يعادي الإسلام والمسلمين.ولم تنجح تطميناته ولا تفسيراته في تهدئة الغضب في دول العالم الإسلامي. كما شكلت التحركات الأمنية الأخيرة عاملا محفزا لليمين المتطرف الذي عمل على تأجيج الكراهية مستعيدا ومستحضرا أطروحات سابقة مناهضة للهجرة وللأجانب وللإسلام وما يعتبره خطرا على قيم الجمهورية.واختار لودريان إطلاق تصريحاته من الدوحة في رسالة مشفرة لكنها معلومة في آن وهي أن قطر تعتبر حاضنة لجماعات الإسلام السياسي ويقيم فيها معظم قيادات الجماعات الإسلامية التي تصفها دول عربية وخليجية وغربية بـ"المتطرفة".كما أن قطر ذاتها واجهت في السابق في عهد الحمدين: الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ووزير خارجيته رئيس الوزراء حينها حمد بن جاسم آل ثاني، اتهامات من قبل أحزاب فرنسية بتغذية الإرهاب في الضواحي تحت غطاء استثماري.
مشاركة :