أفاد مصدران مصريان مطلعان تحدثت إليهما «الشرق الأوسط»، أمس، بأن القاهرة تسعى لعقد لقاء رباعي مصري - فلسطيني - أردني - إسرائيلي، قبل مطلع العام المقبل، لبلورة موقف متناغم إزاء مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام، يمكن من خلاله حلحلة القضية الفلسطينية وفق أسس تحظى بتوافق أممي ضمن إطار «حل الدولتين».وكان الرئيس عباس قد دعا إلى عقد هذا المؤتمر في سبتمبر (أيلول) الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالباً بأن يتمتع بالتأثير اللازم وأن تكون لديه «صلاحيات» لحل القضية الفلسطينية، كما أرسل في أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعاه فيها إلى إطلاق المؤتمر بداية العام المقبل، عاداً أن من شأن ذلك «مساعدة الطرفين في التفاوض على حل قضايا الوضع الدائم، وإجراء تلك المفاوضات على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وضمن إطار زمني محدد».ويسعى الجانبان المصري والفلسطيني لـ«استعادة خبرات (أوسلو) ومقرراتها والبناء عليها»، وتوسيع المظلة التي يتم العمل تحتها لإنجاز حل توافقي، كما أفاد أحد المصدرين المصريين.وتضمنت رسالة الرئيس الفلسطيني للأمين العام للأمم المتحدة، قبل نحو ستة أسابيع، الإشارة إلى ضرورة وجود أساس سياسي «من شأنه أن يفتح الطريق أمامنا للانخراط في عملية سلام جدية، قائمة على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات ذات الصلة، بما يفضي إلى إنهاء الاحتلال، وتحقيق الشعب الفلسطيني لحريته واستقلاله، في دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وحل جميع قضايا الوضع الدائم، ولا سيما قضية اللاجئين، بناءً على القرار 194».وبدأت الدبلوماسية المصرية جهوداً منسقة للمساعدة في تنظيم المؤتمر الدولي، عبر تحديد خبراء متخصصين لمناقشة الملفات الخاصة بتسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهي جهود تحظى بتأييد فلسطيني و«تفهم» أميركي، بحسب المصدرين المصريين المطلعين، اللذين أكدا أن القاهرة تسعى إلى عقد لقاءات على مستويات مختلفة مع الأطراف المعنية للانخراط في هذا المسار وتعزيزه.وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل نظيره الفلسطيني في القاهرة نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، قبل أن يصدر بيان رئاسي بخصوص الزيارة، وهو البيان الذي أكد «ثبات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية، ودعم مصر الكامل للمواقف والاختيارات الفلسطينية تجاه التسوية السياسية، واستمرار مصر في بذل جهودها من أجل استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وفق مرجعيات الشرعية الدولية، مع التأكيد على أن المرحلة الحالية تتطلب التكاتف وتكثيف كل الجهود العربية من أجل استئناف مفاوضات عملية السلام».وفي تل أبيب، كشفت مصادر سياسية، أمس (الخميس)، عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ينوي خلال الشهر الحالي، زيارة كل من مصر والإمارات، في زيارتين رسميتين. وقالت إن الزيارة إلى مصر ستتم في غضون أيام قليلة، وقد تكون في القاهرة أو شرم الشيخ، وزيارة أبوظبي ستتم بعد أسبوعين.وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، أن الزيارة إلى مصر «ستكون مهيبة بشكل خاص، وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وجه الدعوة إلى نتنياهو، سيأتي إلى مطار القاهرة بنفسه لاستقباله، مع العلم بأن الرئيس السيسي لا يستقبل رؤساء وزراء في المطار»، بحسب المصادر الإسرائيلية. وأشارت إلى أهمية الزيارة كونها «المرة الأولى التي قد يتلقى رئيس وزراء إسرائيلي دعوة بزيارة مفتوحة إلى القاهرة، منذ عشر سنوات». ولفتت النظر، إلى أن الصحيفة الإسرائيلية نسبت معلوماتها إلى «مصادر مصرية»، وقالت، إن السيسي ونتنياهو سيبحثان جملة من القضايا الإقليمية، منها تعزيز العلاقات الأمنية والسياسية في مواجهة التهديد الإيراني، وتنسيق المواقف بين تل أبيب والقاهرة قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الشهر المقبل للبيت الأبيض.وتابعت الصحيفة، إن القاهرة تعلق أهمية كبيرة على التحالف الإقليمي الذي يتم تشكيله بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، ولتعزيز الدعم للاتفاقيات الإبراهيمية واتفاقية السلام بين إسرائيل والسودان، أيضاً في التوجه إلى واشنطن. وقالت إن نتنياهو والسيسي سيناقشان أيضاً إمكانية استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ولاحقاً جهود وسطاء المخابرات المصرية لدفع تفاهمات وقف النار والهدوء في قطاع غزة.وفي أعقاب هذا النشر، ذكرت مصادر سياسية إسرائيلية أخرى، أن المصريين فوجئوا من تسريب النبأ، على عكس التفاهمات بين الطرفين، وفوجئوا أكثر من قيام صحيفة نتنياهو بنسب الخبر إلى مصادر مصرية؛ ولذلك هناك احتمال لأن تؤجل مصر هذه الزيارة أو تلغيها تماماً. غير أنه ووفق مراقبين متابعين للملف، فإن القاهرة ستكون حريصة على استقبال نتنياهو في حال توافرت لديها مؤشرات عن انفتاحه على مقاربة أكثر مرونة واتساقاً مع المقررات الأممية لحلحلة القضية الفلسطينية، وأن تفعيل مثل تلك الزيارة «قد لا يكون مجدياً» في حال تعذر إيجاد تلك المؤشرات.على صعيد آخر، ذكرت مصادر سياسية في تل أبيب، أن نتنياهو طلب أن يزور الإمارات خلال الأسبوع بعد المقبل، في أول زيارة رسمية بعد توقيع اتفاق السلام بين البلدين. وقالت المصادر، إن اختيار موعد الزيارة يصادف نفس يوم بحث الكنيست في حل نفسه، إذا لم يتم إقرار موازنة عامة لسنة 2020. وأكدت أن نتنياهو يتعمد أن يظهر أمام الجمهور كمن ينشغل في إقامة السلام مع الدول العربية، بينما ينشغل خصومه في الانتخابات، مع العلم بأنه هو السبب في عدم المصادقة على الموازنة.
مشاركة :