أضواء على التاريخ السياسي للزعيم المصري سعد زغلول

  • 12/11/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ولد الزعيم السياسي المصري سعد زغلول الذي قاد ثورة 1919 في مصر في بلدة (إبيانة) مركز (فوة غربية) سنة 1880، وكان قد تلقى القراءة والكتابة في مكتب البلدة، ثم أرسل إلى دسوق حيث حفظ القرآن، ثم عاد إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف خمس سنوات وكان ضمن أساتذته العالم الكبير جمال الدين الأفغاني، وفي عام 1881 عمل صحفيا ورئيس تحرير جريدة الوقائع المصرية خلفا للشيخ محمد عبده. في عام 1883 عين معاونا بالداخلية. في تلك الفترة اندلعت شرارة الثورة العرابية، واتهم بالاشتراك فيها، حيث إنه كان من أتباع الشيخ محمد عبده، ثم فصل من وظيفته في عام 1884 وعمل محاميا ثم عين قاضيا فكان أول محام يقع عليه هذا الاختيار. وفي عام 1892 اختير مستشارا لمحكمة الاستئناف، وظل في هذا السلك القضائي إلى أن عين وزيرا للمعارف وذلك في عام 1907، بعد ذلك تولى وزارة الحقائبية، واستطاع أن يترك أثره في هذه الوزارة بمثل ما تركه في وزارة المعارف، في عام 1913 سقطت وزارة محمد سعيد باشا، فاعتزل سعد الحكومة لكنه انتخب وكيلا للجمعية التشريعية عن الأمة وكان ذلك في بدء حياته النيابية، وعندما وضعت الحرب أوزارها، وأعلنت الشروط لكل شعب حق مصيره، أسرع سعد إلى إدارة الحماية البريطانية في يوم 13 نوفمبر 1918 وبرفقته علي باشا شعراوي وعبدالعزيز باشا فهمي، حيث أبلغوا المعتمد البريطاني أماني الشعب المصري وطلبوا السفر إلى أوروبا كان الرد أن رفضت الحكومة البريطانية السماح لهم بالسفر، ما أدى إلى اندلاع الثورة وكان هذا عام 1919. في 8 مارس 1919 نفي سعد وصحبه إلى مالطة فهبت مصر احتجاجا على هذا النفي واشتدت المظاهرات في جميع أرجاء مصر. في 7 أبريل 1919 تم الإفراج عن سعد ورفاقه فسافروا إلى باريس باسم الوفد المصري بهدف تخليصهم وتخليص مصر من الاحتلال البريطاني ومضى الوفد في إعلاء كلمة مصر وطلبها الاستقلال أن سافر الوفد إلى أوروبا وأمريكا وهنا انزعجت بريطانيا، ما استدعى طلبها الحضور إلى لندن الاتفاق مع الوفد ولكن انقطعت تلك المفاوضات، حيث تشكلت الوزارة العدلية وعاد سعد إلى مصر، حيث استقبل استقبالا شعبيا جارفا ومضى يجاهد ويكافح، ما استدعى الاستعمار البريطاني مرة أخرى نفيه إلى عدن ثم جزر سيشل مع صحبه ثم عاد الإفراج عنه وعن رفاقه مرة أخرى والعودة إلى مصر ومواصلتهم الكفاح. استمر سعد في كفاحه ونضاله إلى أن أعلن الدستور فألف وزارته الأولى في عام 1924 وعلى أثر وقوع الحادثة السردار، استقالة وزارته وما كان من جهاده بعد ذلك إعادة الحياة النيابية بعد تعطيلها، وفي تأييد دولة ثروت باشا لإتمام الاتفاق مع الإنجليز، وكانت وفاته في 23 أغسطس من عام 1927.وهذه مواقف للزعيم سعد زغلول كافح من أجل مصر وشعبيها:أعدمت بريطانيا واحدا وخمسين من ثوار 1919، في أسيوط وامتدت المشانق من المدينة إلى ديرمواس شمالا، وكان على رأس المعدمين محمد كامل فأعور السندر، حيث أعدم رميا بالرصاص في سجن أسيوط العمومي يومها ذهب كل من سعد زغلول وعلى الشعراوي وعبدالعزيز فهمي إلى المندوب البريطاني يطلبون السماح لهم بالسفر إلى باريس عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وذلك من أجل عرض قضية استقلال مصر على المؤتمر الدولي، فما كان من المندوب البريطاني إلا أن قال لسعد ورفاقه إنكم لا تمثلون إلا أنفسكم ولا تمثلون الشعب المصري ورفض الاستجابة لطلبهم، فما كان من الشعب المصري إلا أن جمع توكيلا لسعد ورفاقه للسفر إلى باريس لعرض قضية استقلال مصر وقد ظل هذا التاريخ بدءا من عام 1919، عيدا قوميا يحتفل به كل عام حتى قامت ثورة 23 يوليو 1952، بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، وفي لقاء تاريخي آخر يحسب للزعيم سعد زغلول ورفاقه من الوطنيين، علي شعراوي وعبدالعزيز فهمي مع السير البريطاني الذي بادرهم بالقول (إن الصلح اقترب موعده وان العالم يفيق بعد الحرب التي شغلته زمانا طويلا وان مصر سينالها خير كثير).لم يكن سعد زغلول يقرأ الصحف من أجل السياسة وحدها بل كان يدأب على استيعاب ما تحويه من أدب واجتماع ويحرص على أن يكون اتصاله وثيقا بهذين الميدانين، وأما مطالعته للكتب فقد قصرت على المؤلفات الألمانية والفرنسية في أيامه الأخيرة، إضافة إلى تطلعه وقراءته فيما يكتب عن قادة الشعوب ورؤساء الحكومات كالموضوعات التشريعية والفلسفة والتاريخ والسياسة، ومع ذلك لم يهمل الكتب العربية بل كان يترقب ما تصدره المطابع من جديد فيطلبه ويقرأه. وهذه طرفة حدثت لسعد زغلول في مسجد وقت أن كانت مائدة سعد ذات يوم حافلة بالزائرين وبينهم شاعر النيل حافظ إبراهيم، وكانت الفاكهة المقدمة تفاحا وكمثرى وكان حافظ يحب الكمثرى كثيرا، والظاهر أن أغلب الحاضرين كانوا كذلك فأقبلوا جميعا على طبق الكمثرى والتهموه بسرعة قبل أن يتمكن حافظ من التهام القدر الذي يريده فاغتاظ لذلك والتفت إلى سعد يقول ما تخطب لهم يا باشا في مزايا التفاح.وبالنسبة إلى المرأة فقد كان الزعيم سعد زغلول نصيرا لها، فقد استقبل في مكتبه ببيت الأمة في أول فبراير 1924، وقد طالبته مدرسة الحقوق الفرنسية مخاطبته إحدى الطالبات بالفرنسية مهنئة بالنيابة عن الطلبة من الجنسين فرد عليها بالفرنسية بكلمة هذا نصها: إنني مبتهج بزيارتكن والخير لكن بدواعي سروري جرأتكن كراغبات في المعاونة في العمل الاجتماعي والفكري المفروض على الجميع، إنني من أنصار تحرير المرأة ومن المقتنعين به، لأنه من دون هذا التحرير لا نستطيع بلوغ غايتنا، ويعني هذا أنه ليس وليد اليوم، بل هو قديم العهد. فقد شاركت منذ أمد بعيد صديقي المرحوم قاسم بيك أمين في أفكاره التي ضمنها كتابه الذي أهداه لي، فضلا عن أن الدور الذي قامت به المرأة المصرية في حركتنا الوطنية كان عظيما ونافعا، لهذا أنا ضامن لكن النجاح التام، وأخيرا وليس آخرا، ففي عام 1927 غنت له أم كلثوم قصيدة (لن يغيب) من كلمات أحمد رامي ولحن محمد القصبجي وهذه كلمات الأغنية:إن يغب عن مصر سعد فهو بالذكرى مقيم، ينضب الماء ويبقى بعدة النبت الكريم، خلدوه في الأماني واذكروه في الولاء واندبوه في الأغاني.أعذب الشكوى البكاء، انشدوا الشعر بثناء في سجاياه العِذاب، أرسلوا الدمع وفاء للذي لاقى العَذاب في سبيل الوطن من صفوف المحن بين سجن واغتراب في مشيب وشباب، فخلدوه في الأغاني خلدوه في الأماني، ولتعش ذكرى الزعيم. 

مشاركة :