منذ أكثر من ثلاثة أعوامٍ مضت، كان البيت الخليجي يشوبه نوعٌ من الخلاف العائلي المتأزم جداً؛ نتيجة خروج أحد أفراده عن المسار الصحيح إلى مسار غير سوي، هذا الخروج هدّد أمن واستقرار دول الخليج العربية، تبعه تراشق إعلامي من قنوات فضائية، ومواقع تواصل اجتماعي على مدى الثلاثة أعوام الماضية. وكلما خرجت علينا دولة واتخذت موقفاً عدائياً تجاه السعودية؛ تكون هي الخاسرة لمعركة العداء، وسرعان ما تعض أصابع الندم والحسرة ولو بعد حين على موقفها المعادي، ودائماً ما تكون السعودية هي من يكسب الرهان في النهاية، حيث تعطي درساً قوياً لمن يحاول أن يتجاوز الخطوط الحمراء ويتدخل في شؤونها الداخلية. وما حصل بين دولة قطر ودول المقاطعة في الأزمة الخليجية كان نتيجة تآمر وتخطيط لاستهداف أمن واستقرار السعودية وتهديد لضرب الوحدة الخليجية، ولكن السياسة السعودية في الأزمة الخليجية تعاملت بما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يكون هذا الخلاف ذو تبعات سلبية على دول الخليج. ودائماً ما تنظر السعودية لأي «قضية خلاف» ضدها بأنها قضية صغيرة جداً، وتتجاهلها، مع التزامها بعلاقاتها، وحفاظها وحرصها على كل ما من شأنه تعزيز قوة العلاقات مع أشقائها وجيرانها والمحافظة على أمن واستقرار المنطقة. لذلك، فما بين المقاطعة والمصالحة الخليجية.. هناك قيادة حكيمة تفكّر بتأنٍ لحل الخلاف العائلي وإنهائه داخل البيت الخليجي.. وشعبٌ يترقّب المصالحة لرأب الصدع، حباً منه للخير والسلام لأشقائه بعد سنواتٍ من الحصار والقطيعة وهو ما يحدث الآن «من مباحثات حرصاً على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي، والوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما يصبو إليه قادة دول الخليج من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم»، كما صرّح به وزير خارجية دولة الكويت الشقيقة الشيخ الدكتور ناصر أحمد المحمد الصباح. ولأن السياسة السعودية تتعامل وتنتهج دائماً أسلوب «النفس الطويل» مع من يعاديها أو يتآمر عليها؛ فإن السعودية أيضاً هي «الحضن الدافئ» لكل الدول الخليجية والعربية والإسلامية في كل القضايا والخلافات، ودائماً ما تحاول احتواء الخلافات بدبلوماسيتها المعهودة وسياستها المتزنة منذ أن توحّدت على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (حفظهما الله) اللذين يسعيان لتعزيز قوة مجلس التعاون الخليجي، وهو ما أكده سمو وزير الخارجية السعودي أثناء حديثه عن وجود تقدم في موضوع قطر، حيث قال:» نحن نسعى ونتقدم لحل الأزمة الخليجية، ونأمل أن يحدث ذلك قريباً، وملتزمون بتعزيز قوة مجلس التعاون وآلياته». فالمصالحة الخليجية هي خيارٌ إيجابي لعودة دولة قطر إلى «الحضن الدافئ» في البيت الخليجي وفتح صفحة جديدة من التسامح والأخوّة، ومد جسور التعاون المشترك في المجالات بعد التعهّد بعدم الرجوع إلى أساليب ومؤامرات سابقة كانت سبباً في المقاطعة لأكثر من ثلاث سنوات.. وهذا ما يتأمله أبناء مجلس التعاون الخليجي.
مشاركة :