ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه "نرجو الإفادة عن صحة حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فَلَا صَلَاة لَهُ».وأجابت دار الإفتاء، في فتوى لها، أنه لا غبار على الحديث، ويجب العمل به، فالصلاة هي عماد الدين وذروة سنامه، وعلينا أن نقيم الصلاة ونأتمر بما أمر الله به وننتهي عما نهانا عنه.اقرأ أيضًا: حكم استخدام مكبرات الصوت في المساجد.. الإفتاء توضحواستشهدت دار الإفتاء، بقول الله تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45]. يقول الله تعالى آمرًا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين: على ترك الفواحش والمنكرات -أي المواظبة على ترك ذلك-، وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس رضي الله عنهم مرفوعًا: «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللهِ إِلَّا بُعْدًا» "المعجم الكبير".وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس، حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد، حدثنا عمر بن أبي عثمان، حدثنا الحسن، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سُئِل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قول الله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾ قال: «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الفحشاء والمنكر، فلا صلاة له» "تفسير ابن كثير" (6/ 253، ط. دار الكتب العلمية).وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللهِ إِلَّا بُعْدًا»، وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يُطِعِ الصَّلاةَ، وَطاعَةُ الصَّلاةِ أنْ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنكَرِ». "تفسير الطبري" (18/ 409، ط. دار هجر).كيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكرقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن رواية «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر؛ لم يزدد من الله تعالى إلا بُعدًا» ليس حديثا نبويًا.وأضاف الجندي لـ«صدى البلد»، أن هذه الرواية السابقة أثر صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه رواه عنه الإمام أحمد في الزهد، كما في كشف الخفاء ومزيل الإلباس، ولكن نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم لا تصح.وأوضح المفكر الإسلامي، أن المقصود من قوله تعالى: «إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ»(العنكبوت:45)، أي الصلاة أن تشتمل على مذكرات بالله تعالى من أقوال وأفعال من شأنها أن تكون للمصلي كالواعظ المذكر بالله تعالى؛ إذ ينهى سامعه عن ارتكاب ما لا يرضي الله تعالى.وتابع: «ففي الصلاة من الأقوال تكبير لله وتحميده وتسبيحه والتوجه إليه بالدعاء والاستغفار، وقراءة فاتحة الكتاب المشتملة على التحميد والثناء على الله والاعتراف بالعبودية له وطلب الإعانة والهداية منه واجتناب ما يغضبه وما هو ضلال، وكلها تذكر بالتعرض إلى مرضاة الله تعالى، والإقلاع عن عصيانه وما يفضي إلى غضبه، فذلك صد عن الفحشاء والمنكر.واستكمل: «وفي الصلاة أفعال هي خضوع وتذلل لله تعالى من قيام وركوع وسجود، وذلك يذكر بلزوم اجتلاب مرضاته، والتباعد عن سخطه، وكل ذلك مما يصد عن الفحشاء والمنكر.واستطرد: في الصلاة أعمال قلبية من نية واستعداد للوقوف بين يدي الله، وذلك يذكر بأن المعبود جدير بأن تمتثل أوامره، وتجتنب نواهيه، مضيفًا: فكانت الصلاة بمجموعها كالواعظ الناهي عن الفحشاء والمنكر، فإن الله قال «تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ» ولم يقل تصد وتحول ونحو ذلك مما يقتضي صرف المصلي عن الفحشاء والمنكر.وأكد أن «الناس في الانتهاء متفاوتون، وهذا المعنى من النهي عن الفحشاء والمنكر هو من حكمة جعل الصلوات موزعة على أوقات من النهار والليل، ليتجدد التذكير وتتعاقب المواعظ ، وبمقدار تكرر ذلك تزداد خواطر التقوى في النفوس، وتتباعد النفس من العصيان حتى تصير التقوى ملكة له».
مشاركة :