اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي البارحة الأولى، على إعداد عقوبات محدودة على أفراد من تركيا جراء نزاع مع اليونان وقبرص على التنقيب عن الطاقة، وتأجيل أي خطوات أكثر صرامة حتى آذار (مارس)، في وقت تعتزم فيه الولايات المتحدة هي الأخرى فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها صواريخ إس 400- الروسية. وأحجم قادة الاتحاد الأوروبي عن تنفيذ التهديد الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) بالنظر في اتخاذ تدابير اقتصادية أوسع، ووافقوا بدلا من ذلك على بيان قمة يمهد الطريق لمعاقبة الأفراد المتهمين بالتخطيط أو المشاركة فيما يقول التكتل إنه تنقيب غير مصرح به قبالة قبرص. ولم تذهب هذه الخطوات إلى الحد الذي كانت تريده اليونان، حيث قال مبعوثوها "إن أثينا شعرت بخيبة أمل من تردد الاتحاد الأوروبي في استهداف الاقتصاد التركي بسبب نزاع النفط والغاز، إذ دفعت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا باتجاه منح الدبلوماسية مزيدا من الوقت". وسعت فرنسا، الغاضبة من السياسة الخارجية التركية في سورية وليبيا، إلى دفع الاتحاد الأوروبي للنظر في فرض عقوبات على قطاعات من الاقتصاد التركي، لكنها لم تحظ بدعم واسع. وتقول تركيا "إنها تعمل في المياه الواقعة على جرفها القاري أو المناطق التي يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق". ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإظهار الاتحاد الأوروبي الحزم تجاه تركيا بعد أن قرر فرض عقوبات عليها على خلفية أنشطتها في شرق المتوسط. وقال في ختام قمة أوروبية في بروكسل "أعطينا فرصة لتركيا في تشرين الأول (أكتوبر)، لكننا لاحظنا بالإجماع أن تركيا واصلت أنشطتها الاستفزازية". من جهة أخرى، تعتزم الولايات المتحدة فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها صواريخ إس 400- الروسية بعد أعوام من الأزمة التي بدأت مع قرار العضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو" شراء منظومة الدفاع الجوي من روسيا في عام 2017. ووقع الرئيس دونالد ترمب على حزمة من الإجراءات التي أوصى بها وزير الخارجية مايكل بومبيو، وفقا لما ذكره مصدران مطلعان على الأمر غير أنهما لم يكشفا عما ستتضمنه العقوبات. وسيتم فرض العقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات "كاتسا". وبحسب ما ذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أمس، لم يرد مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض على طلب للتعليق. من جانبه، عدّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استخدام الولايات المتحدة قانون "كاتسا" ضد بلاده إساءة لشريك هام في الناتو. وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها أردوغان للصحافيين، بحسب وكالة الأناضول للأنباء التركية أمس. وأضاف أردوغان "سنرى التوجهات الجديدة في الولايات المتحدة بشكل أفضل عقب تسليم السلطة وسنتريث قبل تقييم الأمور". وكانت أنقرة دافعت عن قرارها بشراء المنظومة بأنها في حاجة ملحة إليها بالنظر إلى النزاعات العسكرية المحيطة بالبلاد، وقالت "إن الحلفاء بما في ذلك الولايات المتحدة فشلوا في تقديم أي بدائل لها - مثل نظام الدفاع الصاروخي باتريوت - بشروط مقبولة لتركيا". وكان لقرار تركيا شراء S400- تكلفة واحدة، فقد تم طرد البلاد بشكل أساسي من برنامج مقاتلات F35- الذي تقوده الولايات المتحدة. ويتمثل أحد مخاوف الولايات المتحدة الرئيسة في إمكانية استخدام منظومة أس 400- لجمع معلومات استخبارية حول قدرات التخفي للطائرة إف 35-. ويسود التوتر العلاقة بين واشنطن وأنقرة بسبب عدد من المشكلات التي تتجاوز قرار تركيا شراء معدات عسكرية متطورة من روسيا. وتختلف الدولتان أيضا حول دعم الولايات المتحدة للمسلحين الأكراد السوريين الذين تعدهم تركيا "إرهابيين". كما تختلف تركيا أيضا مع الولايات المتحدة في صراعها مع قبرص واليونان حول الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط.
مشاركة :