ارتفعت أصوات مؤرخين وحقوقيين جزائريين، مطالبة بتسريع استرجاع أرشيف البلاد الذي لا يزال مشتتاً عبر خمس دول، ورغم أنّ الأمر يتعلق بالذاكرة المحلية عبر قرون، إلاّ أنّ المعضلة لا تزال مستمرة، وفي تصريحات خاصة بـ البيان، ذكر عبد القادر بوسلهام الدبلوماسي الجزائري السابق أنّ الأرشيف الجزائري يتواجد حالياً على مستوى فرنسا، تركيا، الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا واسكتلندا، إضافة إلى مقر الصليب الأحمر الدولي، وأفيد أنّ هذا الأرشيف المبعثر يغطي الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر، ولا تزال فرنسا تتعنت لإرجاع مواد أرشيفية جرى الاستيلاء على قسم كبير منها منذ الاحتلال الفرنسي البغيض للجزائر العام 1830. وثائق ولفت المؤرخ محمد القورصو أنّ الأرشيف إياه يغطي زمن التواجد العثماني بالجزائر، ويمتد إلى سنة 1516، ويتضمن وثائق مهمة سبقت الغزو الفرنسي للجزائر، ويضم الأرشيف المنهوب أيضاً معطيات دقيقة حول فترات حاسمة في تاريخ الجزائر، تتوزع بين مداولات الجهاز القضائي الفرنسي في الجزائر، ومراسلات رسمية لثوار جزائريين، حيث وضع المشرّع الفرنسي شروطاً تعجيزية تقضي بانقضاء مائة سنة للاطلاع عليه. فيتو باريس إذا كان البعض هلّل في ديسمبر 2007 لاسترجاع الجزائر لنحو ألفي وثيقة أرشيفية ظلت فرنسا ترفض إرجاعها إلى مستعمرتها القديمة، فإنّ العارفين بحقيقة الأشياء يجزمون أنّ الجزائر لم تنل سوى الفتات. وعن إمكانية الضغط مجدداً على فرنسا لإرجاع ما استحوذ عليه الغزاة لدى اجتياحهم الجزائر في يوليو 1830، قدّر عبد المجيد شيخي المدير العام لمركز الأرشيف الوطني، أنّ فرنسا لن تقبل بأي تنازل، تحت مبرر أسرار دفاعها القومي. الأقدام السوداء وقال باحثون أنّ اتصالات جرت بين الجزائر وفرنسا بين سنتي 1980 و1981 وكانت على وشك التتويج، لكن تلويح قدماء المستوطنين الفرنسيين المعروفين بـ الأقدام السوداء، بحرق مقر أرشيف أكس أون بروفانس جنوب فرنسا أجهض الاتفاق، ويشير الأخضر بورقعة إلى وجود أرشيف مغلق محلّ تستر، في محاولة للتغطية على حقائق بشعة، وانتقد السعيد عبادو الأمين العام لمنظمة الثوار القدامى، إصرار فرنسا على عدم تحديد مكان دفن النفايات السامة والمواد المشعة التي تشكل تهديداً خطيراً للإنسان والبيئة في الجزائر. فراغ ولاحظ المؤرخ أرزقي شويتام أنّ 70% من الكتابات المتعلقة بتاريخ الثورة التحريرية، ساهمت في كتابته المدرسة الكولونيالية، مخلفة تشويهات بشعة تحاول الجامعة الجزائرية وأساتذتها جاهدين اليوم لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة. وتطالب فعاليات جزائرية فرنسا بإرجاع مفاتيح وسيف الجزائر، ففي الخامس من يوليو 1830، سلّم حسين داي آخر السلاطين العثمانيين بالجزائر مفاتيح المدينة لفرنسا، وتناست فرنسا إرجاع مفاتيح وسيف ومدفع الجزائر الذين يتواجدون حالياً بالمتحف العسكري بباريس، وشدّد سعد زاوي الناشط الجزائري في فرنسا على ضرورة إعادة مفاتيح مدينة الجزائر وسيفها، بعد أن تناست فرنسا إعادتهما للجزائر بعد الاستقلال، مشيراً في هذه الرسالة إلى أن الشعب الجزائري وريث هذه الرموز يطلب منكم عالياً إرجاع مفاتيح مدينة الجزائر وسيفها، مؤكداً أن إعادة هذه الرموز ستبقى راسخة في التاريخ والذاكرة الجماعية للجزائريين. بابا مرزوق وسبق للجزائر أن قدمت طلباً رسمياً للحكومة الفرنسية لتسليمها مدفع بابا مرزوق، الذي صنعه الجزائريون في عهد العثمانيين وتحديداً في القرن السادس عشر لحماية عاصمة الجزائر من حملات القراصنة، واستولت فرنسا على المدفع العملاق ونقله إلى باريس بعد احتلال الجزائر. ويوضح المؤرخ بلقاسم باباسي أنّ مدفع بابا مرزوق كان حارس العاصمة أيام الوجود العثماني، ويعود له الفضل في تحصينها ضد حملات الغزاة بالبحر الأبيض المتوسط، ومن أشهر الحروب التي شارك فيها وقوفه في وجه حملة الأميرال الفرنسي أبراهام دوكيسن في 1671، وارتبط اسم المدفع بأيام مجد الأسطول البحري الجزائري، حيث حافظ على صمود العاصمة خلال ثلاثة قرون وتم صناعته بورشة حربية عام 1542. قوة تعود تسمية المدفع إلى القوة التي كان يتمتع بها وطول مدى قذائفه، ما أذهل سكان مدينة الجزائر الذين اعتبروه هبة ورزقاً من الله فسموه (بابا مرزوق).
مشاركة :