مسلسل حوادث المعلمات ينطلق مع بداية العام الدراسي

  • 8/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

باتت قضية حوادث المعلمات، حديثا مأسويا يتم تداوله، ومشكلة لم توفق الجهات المسؤولة في إيجاد الحلول الناجعة لها، مما أفقد الوطن طاقات تعليمية شابة اختطفتها تلك الحوادث، فما ذنب بناتنا الباحثات عن لقمة العيش قطعن يوميا آلاف الكيلوات متسببات لذويهن ووطنهن بجروح لا تندمل وأحزان تتكرر في ظل حلول غائبة. وقبل أيام أدى مدير تعليم الرياض صلاة الميت على المعلمتين تهاني الغامدي وسارة العتيبي - رحمهما الله - وكانتا قد تعرضتا لحادث وهن متجهات إلى مدرستهن بحفر العتش. مطالبة الجهات المسؤولة تحمل مسؤولياتها حيال الظاهرة ومع بداية العام الدراسي سيتكرر مسلسل حوادث المعلمات، مالم تقم الجهات المسؤولة كالتعليم والنقل والمرور وأمن الطرق بتحمل مسؤولياتها حيال تلك الظاهرة التي تشكل خطرا جسيما يتكرر يوميا، في ظل غياب الحلول الناجعة لضمان سلامتهن. فرحة فمأساة يستبشر أهالي المعلمات بتعيين بناتهن في مراكز وقرى وهجر ومدن المملكة، للإسهام في العملية التعليمية، وطمعا في تحسين دخل الكثير من أسر المجتمع، إلا أن بعض هذه الأسر ما إن تفرح إلا وتفجع بتعرض ابنتهم المعلمة لحادث سير أثناء ذهابها أو عودتها من مدرستها لمنزلها، وقد يؤدي ذلك لوفاتها أو إصابتها في عاهة مستديمة فينقلب الفرح ترحا ومآسي لاتندمل جروحها وأحزانها، إضافة لفقدان الوطن لطاقاته الشابة، وبشكل مستمر. وهناك من يضع اللوم على وزارة التعليم التي تسعى لسد احتياجات مدارسها في كافة أنحاء المملكة، بتوجيه المعلمات إليها تلافياً لحدوث فراغ في مدارسها. شروط وزارة النقل الورقية.. سائق المركبة سعودي والواقع أجنبي ويتناسى هؤلاء اللائمون أن المسؤولية مشتركة مع جهات ذات علاقة وثيقة، هي وزارة النقل، المرور، أمن الطرق، والتي يجب أن تقوم كل جهة بكامل مسؤولياتها للقضاء على الظاهرة أو الحد منها، من خلال ماتفرضه من ضوابط وتعليمات صارمة. السائق لايخضع لاختبار المنشطات والطب النفسي وفحص سوابقه.. ونأتمنه على أرواح محارمنا أخطاء مشتركة تلك المشكلة تبدأ عندما يتم تعيين المعلمة في المناطق النائية، وهي ليست من بنات تلك المنطقة مما يجعلها تتردد بشكل يومي من تلك المنطقة لمقر إقامتها الذي قد يتعدى ما تقطعه يوميا (1000) كلم، وهذا خطأ تشترك فيه المعلمة نفسها لأنها توافق على تعيين في مناطق نائية وتأخذ وظيفة ليست من حقها، بالرغم من تأكيد وزارة التعليم على أن لايتم التعيين على وظائف تلك المناطق إلا لبنات المنطقة فقط ، وأنه يجب أن تكون المتقدمة لهذه الوظيفة خاضعة لشرط الإقامة والمنشأ، بالإضافة إلى شرط عدم التقدم للنقل إلا بعد خمس سنوات مقبلة. علما أن الوزارة عندما تكتشف أن معلمة ليست من بنات المنطقة تؤكد على ولي أمرها بتوفير سكن لها في المنطقة النائية تتوفر فيه شروط الأمن والسلامة . وظاهرة حوادث المعلمات سبق وأن نوقشت على مستوى مجلس الشورى، حيث طالب المجلس وزارة التعليم بإعادة العمل بضوابط الإقامة عند تعيين المعلمات، للحد من التنقل اليومي لمقر العمل وما يترتب على ذلك من مخاطر جسيمة. التأهيل مطلب ونقل المعلمات للمناطق النائية يصبح ظاهرة تبحث عن حل جذري ما لم توفق الجهات المشتركة في حلها، ويلزم أن يتم تأسيس شركات عاجلة تخضع لكامل شروط الأمن والسلامة، لوقف نزيف دماء المعلمات اللاتي لايزال "مسلسل اغتيالهن بالحوادث المأساوية مستمرا"- ولكن مايزيد الطين بلة - إن شروط وزارة النقل التي تنص على أن يكون سائق المركبة سعوديا، لاتطبقه مركبات نقل المعلمات، والواقع غير ذلك فالمركبة تكون باسم الشركة أو المواطن السعودي، ولكن في الحقيقة أنها ملك للسائق الأجنبي، وأيضا للأسف أنه لايخضع لاختبارات المنشطات أو الكشف الطبي النفسي للتأكد من خلوه من العاهات النفسية قبل كل شيء، كما أنه لايخضع لفحص صحيفة سوابقه، وقد يكون ذا سوابق، ونأتمنه على أرواح محارمنا. وللأسف أن دور أمن الطرق لايعد فاعلا للحد من تهور السائقين وإخضاعهم لفحص المخدرات أو تأثير الكحول عند كل نقطة تفتيش، وإلزامهم بحد أعلى للسرعة، وأن لا يتجاوز "110" كم، وإذا ثبت أي من هذه الملاحظات يمنع منعا باتا من مزاولة النشاط. ضوابط التعليم ولعل التراخي في فرض ضوابط تعيين المعلمات في المناطق النائية، والتحايل الذي ترتكبه بعض المعلمات تسبب بأن تتقدم المعلمة لتلتحق بوظيفة ليست من حقها، فعندما تتقدم مواطنة تسكن مدينة الرياض لوظيفة في إحدى المحافظات والقرى النائية، فإنها لابد أن تخالف وتتجاهل تعليمات التعيين التي تنص على ضرورة أن تكون المتقدمة للوظيفة مقيمة إقامة دائمة في منطقة مقر الوظيفة، ومخالفة ذلك سيتسبب يوما ما في مأساة تضيف رقما في حوادث المعلمات، التي أصبحت ظاهرة لا بد من الوقوف عليها من جميع الجهات. ويتأمل الجميع أن تسهم شركة النقل التعليمي التابعة لمشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، بتنفيذ مشروع نقل المعلمات في المناطق النائية هذا العام الذي سبق وأعلنته عبر وسائل الإعلام لأنه سيسهم بإذن الله كما تضمنته استراتيجيته، في نقل نحو 24 ألف معلمة، وتنص هذه الاستراتيجية على أهمية توافر عناصر الأمن والسلامة للحد من الحوادث المرورية، مع وضع برنامج تنفيذي متكامل يمكن من خلاله تنفيذ الخدمة وتفعليها، وهذا كفيل في الحد من هذه الظاهرة المأساوية. تطنيش النقل وزارة النقل كأن الأمر لايعنيها، فهي تكتفي بين حين وآخر بنشر تصاريح حول أهمية تحقيق الشروط المطلوبة في السائقين والمركبات مع الالتزام بنظام المرور والنقل العام على الطرق ضمن المواصفات القياسية الخاصة بالمركبات المعتمدة من الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، وهذا لايعفيها من مسؤوليتها بسن قوانين صارمة للحد من هذه الظاهرة، لكن الواقع كأنها ترى بتصاريحها تلك أنها تخلي مسؤوليتها من هذه المآسي التي تتكرر على طرقنا وبشكل يومي، فلماذا لاتشارك وزارة النقل بشن حملات مع جهات الضبط لردع المخالفين لشروطها وتعليماتها التي باتت "حبرا على ورق". وتروي معلمة تنتقل يوميا من الرياض إلى محافظة وادي الدواسر أن المركبة التي تنتقل بواسطتها لاتخضع لأدنى معايير السلامة التي تنص عليها لائحة وزارة النقل، كما أن السائق الأجنبي ليس مؤهلا للقيادة، فما أن يبدأ بالقيادة إلا ويصارع النوم متحججا بأن الشركة المسؤولة لاتوفر له المكان المهيأ للنوم حيث يقطن في سكن للعمال، يسهرون طوال الليل لأن أوقات أعمالهم متفاوتة، لذا فإنه لايحصل على القسط الكافي للنوم إلا بعد توصيلهم لمقر مدرستهم فيخلد للنوم حتى يخرجوا، فيستأنف بهم رحلة العودة، وهكذا يوميا، كما أن الشركة تطالبه بأن يؤدي علمه المطلوب منه دون كلل أو ملل، وليس أمامه إلا تنفيذ مايريدون. وتطالب المعملة آنفة الذكر كغيرها من المعلمات بسرعة إيجاد جهات نقل خاصة خاضعة لضوابط نقل المعلمات – تكون تحت إشراف وزارتي النقل والتعليم والمرور. المرور وأمن الطرق وإذا افترضنا أن وزارة النقل تكتفي بوضع التشريعات وتمنح التراخيص فقط، لذا فإن جانب الضبط والمتابعة يجب أن يكون من اختصاص المرور وأمن الطرق، فهما من يجب عليهما متابعة تلك المركبات وإستيقافها والتأكد من مدى إلتزامها بالضوابط والتعليمات التي سنتها وزارة النقل. ويعزو كثير من المواطنين - عندما يعلن عبر وسائل الإعلام عن سقوط ضحايا جديدة من المعلمات - أن أسباب تزايد حوادث المعلمات على الطرقات السريعة هي عدم التزام السائقين بتعليمات الأمن والسلامة، وعدم فرض عقوبات رادعة على المخالفين، إضافة لعدم توفير بيانات صيانة دورية للمركبات، وطالبوا الجهات المسؤولة بضرورة اختيار السائقين المناسبين لقيادة حافلات نقل المعلمات وإيقاف المكاتب الخاصة بنقل المعلمات التي لايهمها إلا الربح المادي ومنعهم من مزاولة هذا النشاط بتاتا. نقل المعلمات المواطن عثمان بن إبراهيم العضيبي يرى أن الحل بالقضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها بإصدار "رخصة نقل المعلمات" لأنه سيحد كثيراً من حوادث المعلمات، مطالبا أن تتحمل كافة الجهات مسؤوليتها، خصوصا من الإدارات المعنية وعدم ايقاع اللوم على الآخرين في حال مخالفة الشروط المطلوبة (المتمثلة في عدم الحصول على رخصة نقل للمدارس)، ويقول إن أهمية تنظيم عملية النقل من كافة الجوانب تبدأ من اختيار السائق المؤهل من كافة الجوانب مروراً بوسيلة النقل، حيث إن الكثير من المعلمات عندما يتم توجيههن لأي مدارس داخل أو خارج المدن، يشرعن في سرعة تأمين عملية النقل وقد تضطر المعلمة إلى قبول نقلها عن طريق شخص غير معروف ووسيلة نقل متهالكة، وقد يكون السائق شابا صغيرا أو شيخا هرما أو شخصا غير مناسب. وسعياً لتنظيم تلك العملية ولتبرئة مسؤولية كل جهة حكومية في تلك الحوادث بدءاً من المرور ووزارة النقل وأخيراً الجهة الأم وزارة التعليم، فأرى أن تتم عملية نقل المعلمات وفق ضوابط هامة يتم التقيد والالتزام بها من كافة الأطراف بدءاً من المعلمة والسائق والمدرسة وهي تتعلق بالسائق ونوع الحافلة وأهم الضوابط لذلك في نظري تنحصر في الآتي: تأمين وسيلة النقل المناسبة وتكون بين موديل 2015 – 2014، وأن تكون مصرحة من وزارة النقل بسلامة الوسيلة، كما أن هناك شروطا مهمة جداً ويجب توافرها في قائد المركبة لضمان حسن الانضباط، وهي: أن ألا يقل عمر سائق المركبة عن 30 سنة وألا يزيد على 50 سنة، وأن يكون السائق مشهودا له بالاستقامة من أصحاب الشأن، لأنه ومع الأسف هناك بعض قائدي السيارات (يسهر أثناء الليل ويؤدي هذا إلى ضعف التركيز اثناء توصيل المعلمات وبالتالي زيادة نسبة حدوث حوادث السير) أو أن يكون شخصا كبيرا في السن مصابا بأمراض مثل السكري والضغط وغيرها من الأمراض الأمر الذي لا يساعده في تحمل ما قد يواجهه من صعوبات في القيادة. ويضيف العضيبي: وعند تحقق كافة الشروط المطلوبة يتم منح السائق رخصة قيادة خاصة للنقل سواء للمعلمات أو الطالبات أو الموظفات عموماً، ويتم وضع اللاصق الخاص بذلك الممنوح له من قبل الجهات المسؤولة على المركبة. ويقول: ولابد من ضرورة تفاعل الجهات الأمنية عند مرور السائق بنقاط التفتيش وتقيد الجميع بذلك وإصدار المخالفات لمن يتولى النقل دون رخصة (نقل معلمات) كما يتطلب الأمر متابعة ذلك من قبل المسؤولين في وزارة وإدارات التعليم لتحقيق السلامة المطلوبة. دراسات ولكن.. في دراسة أجرتها اللجنة الوطنية للسلامة المرورية سابقا، ان السواد الأعظم من حوادث المعلمات يقع في ساعات الصباح الباكر أي في وقت تكون الرؤية فيه محدودة كما ان مركبة من بين كل "5" مركبات نقل المعلمات عمرها يتجاوز 10سنوات أي متقادمة وغير صالحة، كما أن 22% من هذه المركبات تستخدم إطارات تجاوزت عمرها الافتراضي. وبلغ معدل حوادث نقل المعلمات "6.2" حوادث لكل مائة معلمة متنقلة، كما بيّنت الدراسة العلمية ان أساليب معالجة ظاهرة حوادث نقل المعلمات موزعة بين المرور و"أمن الطرق" ووزارة النقل ووزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية وهيئة المواصفات والمقاييس. ويعلق رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور الدكتور علي الغامدي ان معدل حوادث نقل المعلمات أكبر من المعدل الوطني لعموم الحوادث البالغ "4" حوادث لكل مائة فرد بمعنى أن معدل حوادث المعلمات في المملكة يفوق المستويات الطبيعية لحوادث المرور عموماً. من جانبه أوضح د. علي الرشيدي - إدارة المرور ان منطقة الرياض سجلت أعلى نسبة من حوادث نقل المعلمات بنسبة بلغت 17.5% تلتها منطقة عسير في المرتبة الثانية بنسبة 14.2% ثم منطقة مكة المكرمة بنسبة 13.3% والباحة بنسبة 7.1% والمنطقة الشرقية بنسبة 3.3% وأخيراً جاءت منطقة حائل بنسبة 2.5%. ويؤكد د. الرشيدي أن هذه الاحصائية قديمة ووعد بتزويدنا لإحصائيات جديدة ستكشف عن مزيد من المآسي المتكررة بدون حلول. تبادل اللوم وبالنظر إلى هذه الأرقام والاحصائيات نجد ان الجهات المختصة وذات العلاقة بظاهرة حوادث المعلمات تتناول في الغالب حلول القضاء أو الحد من الظاهرة، من باب القاء اللوم على الغير والتنصل من المسؤولية. ولا شك ان هذا الاجراء يزيد من تفاقم الظاهرة واستمرار نزيف الدماء وازهاق الأرواح وكثرة الضحايا دون أن يوجد حلاً للحد من ظاهرة الحوادث، ومما يقال هنا انه في ظل تحدث لغة الأرقام عن مآسي حوادث نقل المعلمات وتبرير الجهات ذات العلاقة بالظاهرة لمواقفها ودورها في المسؤولية في ظل هذه المعطيات جميعها توجه الدعوة لكل من له صلة بالظاهرة عبر هذا الموضوع للحوار المفتوح والموسع من جميع القطاعات الحكومية، ممن لها علاقة بحوادث نقل المعلمات وهذه الحوادث التي تحدث على الطرق وداخل المدن يجب أن يكون لها حل وعدم الركون للصمت دون أي محاولة لإيقاف هذا النزيف مع التأكيد على أهمية تفعيل دور الجهات الرقابية حتى تكون رقيباً على الأخطاء الإدارية والتخطيطية.

مشاركة :