الأفغنة أو الصوملة.. إشكالية المصير الليبي

  • 8/22/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هل باتت ليبيا على شفا الهاوية أم على مفرق طرق؟ المؤكد أن جلسة الجامعة العربية الأخيرة أظهرت أن المأساة ربما تتجاوز المقدرات العربية بالفعل، فوزير الخارجية في حكومة طبرق محمد الدايري، بدا كأنه يتوسل التدخل العربي العسكري السريع جدًا، لمواجهة انتشار طاعون الإرهاب الذي استشرى، وذلك عبر هجمات جوية سريعة تعيد الموازين المختلة على الأرض إلى اتزانها، غير أن الجامعة قصرت عن ذلك مفضلة، في بيانها، تأييد المفاوضات الجارية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم المطالبة بتسليح الجيش الليبي، مع ترتيب أوراق القوة العربية المشتركة.. هل ينقذ هذا الطرح ليبيا من وهدتها؟ واقع الحال الليبي مؤلم حقا، فقد انتهى حوار جنيف بوعود ليبية لحلحلة الأزمة السياسية، وأعلنت الأطراف الليبية المتناحرة لا المتحاورة، إصرارها على الانتهاء من عملية الحوار في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة. غير أن المشهد على هذا النحو لا يستقيم، ذلك أنه حتى ولو تم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف السياسية البادية في الصورة، فإن عملية تطبيقه على الأرض ستكون شبه مستحيلة، طالما بقيت «داعش»، و«القاعدة»، وأنصار الشريعة وغيرها من الجماعات المسلحة غير المشاركة في الحوار فاعلة على الأرض. يحق لنا أن نتساءل: «من المسؤول الأول والوحيد عن هذا المشهد الكارثي؟ ثم وهذا هو الأهم هل ما يجري أمر مخطط له وليس مسألة عشوائية؟ من دون الخوض في أطروحات التفكير المؤامراتي، ندعو للتأمل بروية مشهد القوى الدولية الغربية المسارعة في اتخاذ قرار التدخل العسكري عام 2011. ومقارنة ما جرى بحالة التخاذل الواضحة لجهة تسليح الجيش الليبي لاحقًا، وفرض حظر على إمداد الليبيين بالسلاح، هذا في الوقت الذي تغض فيه واشنطن وبروكسل الطرف عن السلاح الذي يجري تهريبه إلى الداخل الليبي، في تجاهل فاضح لقرار مجلس الأمن رقم 2214 لعام 2015. هل ليبيا هي «كعب أخيل»، بالنسبة للقارة السمراء، موقع وموضع الصراع القطبي الحادث الآن من واشنطن إلى موسكو مرورًا ببكين؟ يضيق المسطح المتاح للكتابة عن الإشارة إلى الدور الذي لعبته ولا تزال كافة الجهات الراديكالية في تسهيل المشروع الاستعماري الجديد، أو سايكس بيكو الثانية، لا سيما أن سياقات الأحداث تدفعنا دفعًا للاعتقاد بسوء النوايا. هل أتاك حديث صحيفة «التايمز» البريطانية في الأول من أغسطس (آب) الجاري؟ إنها تتحدث عن استعداد بريطانيا لإرسال المئات من قواتها إلى ليبيا، كجزء من مهمة دولية جديدة كبرى، والغطاء الأخلاقي «المزيف» هذه المرة، هو المساعدة في تحقيق استقرار البلد الشمال أفريقي ومكافحة «داعش». أما وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني فينذر: «إما أن نقترب من التوصل لاتفاق في غضون أسابيع قليلة، أو سوف نجد أنفسنا أمام صومال جديد قرب سواحلنا، ونضطر بالتالي لرد فعل مختلف». يبدو أننا إزاء تكرار السيناريو العراقي أو الصومالي مرة جديدة، ولهذا فإن جل تمنياتها على الدول العربية، هي المساندة الجوية لوقف مذابح «داعش» كما جرت الأحداث في سرت مؤخرًا. يحاجج بعض الدبلوماسيين والمفكرين الليبيين بأن ما يجري من تسويف للوقت في ليبيا، لا سيما بشأن حكومة الوفاق، ليس إلا تهيئة المسرح للأسوأ الذي لم يأت بعد، أي لتقسيم ليبيا عبر نظام الفيدرالية، هذا ما يقر به الدبلوماسي الليبي السابق عبد السلام الورفلي، وعنده أن سيناريوهات برناردينو ليون تصب في خانة تنفيذ الاستراتيجية الغربية في العالم العربي، وليبيا من بينها، وتقضي بتفتيت دوله، وصناعة كيانات ودويلات صغيرة، بحيث تكون إسرائيل هي الدولة الكبرى بامتياز. هل فات موعد إنقاذ ليبيا؟ علامة استفهام جدية ومحرجة لليبيين أنفسهم، وذلك أنه إذا كانت ثورة 17 فبراير هدفها الخلاص من النظام السابق، وخلق آفاق حياة ديمقراطية سليمة، ووضع ليبيا على خريطة الدول المستقرة، فإن المسارات التي سلكها غالبيتهم لم تكن لتقود إلا إلى نشوء مناطق من «فراغ القوة»، التي تغري القاصي والداني لملئها، كل بحسب أجندته وتبعًا لمصالحه الاستراتيجية. في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) 2011 تحدث ديفيد كاميرون بالقول: «أنا متفائل بشأن ليبيا، ولطالما كنت متفائلاً طوال الوقت»... على أي أساس كان التفاؤل: «إنقاذ الليبيين أم نجاح المخطط الغربي الأكبر تجاه العرب في القرن الحادي والعشرين»، مهما كان اسمه أو رسمه البائس؟

مشاركة :