كان مشهد وسط بيروت وهو يغصّ بالباصات لنقل محبي الفنانة السورية ميادة الحناوي إلى مدرجات معبد باخوس في قلعة بعلبك الأثرية، مؤشراً على أنّ الحفل لن يكون حفلاً عادياً. فمحبو الفنانة بدأوا بالتوافد قبل ساعات من بدء الحفل الذي أعاد الفنانة الى لبنان بعد غياب 13 عاماً عن احياء الحفلات فيه. البعض راهن أنها فقدت قدرتها على استقطاب الجمهور، والبعض الآخر رأى أن ميادة التاريخ والإسم الفني والأرشيف الحافل بإبداعات تخلدها الذاكرة هي آخر العمالقة التي لن يخذلها الجمهور. وبالفعل قال الجمهور كلمته وجاء، مالئاً المدرجات في مشهد فني راق على بعد كيلومترات قليلة من سوريا التي تشهد أقسى معارك منذ أربع سنوات. الحفل بدأ عند الساعة التاسعة مساء، حيث اعتلت ميادة المسرح مع فرقة موسيقية مؤلفة من 21 عازفا بقيادة المايسترو إيلي العليا. على مدى ساعة ونصف، ودون استراحة، غنت الفنانة الكبيرة أغانيها الخالدة، أدهشت الحاضرين بذاكرتها القادرة على حفظ كل هذا الأرشيف دون أن تستعين بورقة كما تفعل فنانات بعمر أولادها، رغم أن حفلاتها نادرة ورغم أن أحداً لن يلومها في حال أخطأت أو نسيت، لكنها لم تخطىء ولم تنس، وأخطأ كل من راهن على فشلها، لتقول لهم إنّ النجاح كتب على جبينها منذ أن بدأت أولى خطواتها مع الفن، مراهقة جميلة تملك صوتاً ذهبياً وتستحق عن جدارة لقب "مطربة الجيل". خوف ميادة ولأن ميادة تحبّ فنّها وتخاف على صورتها، كانت قلقة قبل الحفل، بدت خائفة لدى اعتلائها المسرح حيث غنّت "هي الليالي كده"، رفضت إعطاء مقابلات صحافية قبل وبعد الحفل، رغم أنها تغلبت على خوفها بعد أن لمحت الأمواج البشرية المرحّبة بعودتها من أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي، وهي التي لم تكن تتوقع كثافة الحضور الجماهيري خصوصاً أن بعلبك قريبة من الحدود السورية التي تشهد معارك بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة. "أنت ملكة" كان الجمهور يردد في المدرجات، وكانت الفنانة تبتسم وتتوّج كل من الحاضرين باللقب الملكي، على اعتبار أنّ من يحب ميادة لا يمكنه إلا أن يكون ملكاً للذوق والفن الرفيع. ووجهت ميادة تحية إلى كل الشعب اللبناني ، ورحبت ترحيباً خاصاً بالوزيرة ليلى الصلح، ولم توجه ميادة أي رسائل سياسية. وفي ختام الحفل اعتلى المسرح كل من : محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن ونائبه المهندس عمر صلح، الوزيرة ليلى الصلح حمادة، ورئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دي فريج. قدم رئيس بلدية بعلبك للفنانة الكبيرة باقة ورد، واضعاً على كتفيها عباءة مطرزة صناعة بعلبكية أصيلة، وألقى كلمة قال فيها "السيدة ميادة الحناوي وجهت تحية إلى الشعب اللبناني، ونحن بدورنا من خلالها نوجه التحية للشعب السوري الشقيق وللدولة السورية، ولكل المخلصين لهذا الوطن". على هامش الحفل: _لم يفتتح الحفل بالنشيد الوطني اللبناني كما درجت عليه العادة في المهرجانات الكبرى، وعزا البعض ذلك إلى أن الفنانة ليست لبنانية. _تساءل البعض لماذا لم توضع شاشات عملاقة كي يتسنى للجمهور في الخلف رؤية ميادة بشكل أوضح. _انتهى الحفل بشكل فجائي دون أن تمهد الفنانة لانتهائه ما دفع البعض إلى التساؤل عن إنهائه بهذه الطريقة.
مشاركة :