جدد الرئيس اللبناني ميشال سليمان مساء أمس السبت، الدعوة إلى تحييد لبنان عن النزاع السوري، بعد أيام من تأكيد حزب الله بقاءه في سوريا، حيث يقاتل إلى جانب قوات النظام. وينعكس النزاع السوري الذي ينقسم حوله اللبنانيون على توترات أمنية متنقلة بين المناطق اللبنانية واتساعًا للشرخ القائم بين الفريقين الأساسيين: قوى 14 آذار المناهضة لدمشق وأبرز أركانها الزعيم السني سعد الحريري وفريق حزب الله الشيعي مع حلفائه. ودعا سليمان في كلمته إلى إعادة إحياء ما يعرف بـ»إعلان بعبدا» الصادر عن القوى السياسية اللبنانية الرئيسية في يونيو 2012 والذي يدعو إلى عدم التدخل في الشأن السوري لتجنيب لبنان انعكاساته الأمنية. وقال في مؤتمر حول «إعلان بعبدا» عقد في فندق فينيسيا في بيروت، إن هذا الإعلان «أقر سياسة التحييد الإيجابي»، و»أقر بالتوافق وبإجماع الحاضرين» في جلسة حوارية ضمت ممثلين عن مختلف الأطراف السياسية برعاية رئيس الجمهورية. وأضاف «رجاء لا مجال لنقضه بل يجب العودة إلى البيت اللبناني الذي يحضن الجميع تطبيقا له». وأوضح سليمان أنه تم إقرار هذا الإعلان «عندما بدأ يذهب سلاح ومسلحون من الشمال إلى سوريا. آنذاك، شعرنا بخطورة امتداد لبنان إلى الازمة السورية وضبطنا باخرة» سلاح كانت متجهة إلى سوريا، «فقررنا التحرك». من جهته قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: إن «انتشار الجيش في طرابلس يتمّ، والخطة الأمنية تسلك طريقها الطويل الشائك إلى التنفيذ»، مشيراً إلى أنه أوعز لكل الأجهزة بالسهر على معرفة من قام بقتل الناس، والاقتصاص منهم أمام القضاء المختص بحسب الأصول. وأوضح ميقاتي خلال رعايته الحفل السنوي لشباب العزم في طرابلس أمس السبت، «الأمن ليس انتشاراً عسكريا فحسب، بل تحصين للسلم الأهلي بالتفاف الناس حول الدولة أولاً، وقواها الأمنية ثانياً، والانطلاق نحو سياسة إنمائية»، مشيراً إلى أنه «عندما يثبت السلم والهدوء في طرابلس، سيشعر المستثمرون أن بيئة المدينة تتيح لهم استثمار أموالهم وإقامة المشروعات المنتجة والمربحة في آن». وأضاف: «إننا نحن أبناء طرابلس كنا ولا نزال تحت سقف الدولة، فالدولة خيمتنا ومأوانا اليوم وغداً، ومن حق المدينة أن يترفع قادتها عن استغلال نقاط ضعفها لتحقيق مكاسب رخيصة، سأبقى كما كنت باسطاً يدي للتعاون دون التوقف أمام هجوم من هنا وابتزاز من هناك، لتحصين السلم فيها ورفع مستواها الاقتصادي والعلمي والعملي». كما أكّد ميقاتي أن «طرابلس لن ترضخ لأي مساومة على أرواح ضحاياها الأبرياء الذين سقطوا على أبواب مسجدي التقوى والسلام». وقال خلال احتفال تأبيني أقامه «حزب الله» في جنوبي لبنان أمس «ندعو شركاءنا على الدوام إلى التصرف بالحكمة والواقعية والقبول بالنصائح التي نقدمها له بعد تجربة عميقة في مواجهة ومعرفة طبائع كل من حولنا وكل من يستهدف سيادتنا واستقلالنا وحريتنا في تقرير مصيرنا». وفيما رأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري، أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بكلامه الأخير، هدّد الشراكة الوطنية، معتبراً أنّ ظهوره بين جمهوره هو حاجة لرفع المعنويات. أشار حوري في حديثٍ إلى قناة المستقبل أمس، إلى أن قول نصرالله بأنّنا نضع شروطاً تعجيزية هو كلام غير منطقي، لافتاً إلى أنه «حين يتحقق انسحاب حزب الله من سوريا، ويلتزم بإعلان بعبدا، ننتقل من الوضع الأكثر سوءًا إلى الوضع السيئ سابقاً». إلى ذلك، تشهد منطقة البقاع الشمالي في عرسال ورأس بعلبك والفاكهة والعين في البقاع منذ فترة، حالة نزوح كثيفة من جبال القلمون وصلت إلى 10 آلاف نازح جديد إلى لبنان، من البلدات المتاخمة لعرسال على السلسلة الشرقية من الجانب السوري، وهي: قارة، حليمة قارة ويبرود، بعد معركة القلمون التي بدأت، ليل أمس الأول ، على السلسلة الشرقية لجبال لبنان بين الجيش السوري والمعارضة. وذكرت مصادر إعلامية أن المعركة في جبال القلمون السورية بدأت منذ أسبوع لكن لم تحن ساعة الصفر لاقتحام الجبال. ولفتت المصادر إلى أن التحرّك العسكري عنوانه «عزل القلمون»، عبر إحكام الطوق حول بلداتها لقطع الصلة بمحيطها، ومحاصرتها ثم اقتحامها، والخطة تقضي بالقضم البطيء للمناطق الخاضعة لسيطرة مسلّحي المعارضة وتقطيع أوصالها. وأشارت المصادر إلى أن الجيش السوري نجح في السيطرة على بلدة الحميرة، التي تُشكّل ممراً بين الأراضي اللبنانية والسورية، ومعبراً يوصل إلى قارا، القرية القلمونية الأبرز التي يحشد الجيش السوري قواته حولها تمهيداً لاقتحامها. وكشفت المصادر الإعلامية أنّ الكتائب المقاتلة في القلمون وجّهت نداءً عاماً إلى مسلّحيها للالتحاق بجبهة قارا لصدّ هجوم كتائب الأسد». فيما أفادت معلومات صحافية أمس أن الجيش اللبناني أوقف 4 مسلحين سوريين وجزائريًا في البقاع الشمالي، بعدما دخلوا لبنان خلسة من طريق الأراضي السورية، فارين من معارك القلمون.
مشاركة :