علمت "الاقتصادية" من مصادر حكومية مطلعة، أن إجمالي أدوات الدين للسعودية، التي يحين أجل استحقاقها العام المقبل، سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، يصل إلى 23.8 مليار ريال، جميعها طروحات عامة، منها إصداران، بقيمة 1.8 مليار ريال، يحين أجلها بعد أقل من ستة أسابيع، وبالتحديد أواخر كانون الثاني (يناير) 2021. وتنوعت مصادر التمويل التي يحين أجلها ما بين سندات تنموية ومرابحات تنموية حكومية وإصدار دولاري واحد من السندات الخمسية. وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، فإن الدين المحلي الذي يحين أجل استحقاقه العام المقبل توزع على ستة إصدارات، منها ثلاثة سندات تنموية، وثلاث مرابحات حكومية بلغ إجمالي قيمتها 3.2 مليار ريال مشكلة 13.4 في المائة من إجمالي مبلغ الـ23.8 مليار. وتنوعت معدلات الربح لتلك الأدوات المالية التي تم إصدارها في 2016 بين الفائدة الثابتة والمتغيرة. ويحين أجل استحقاق الديون المقومة بالريال ما بين أواخر كانون الثاني (يناير) إلى أيار (مايو) من العام المقبل. ويعد الإصدار الدولاري البالغة قيمته 5.5 مليار دولار الذي يحين أجل استحقاقه في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، متميزا، حيث كان من ضمن باكورة إصدارات السعودية من السندات الدولية في 2016 التي لقيت ترحيبا حارا من المستثمرين الأجانب. ووفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية، فإن السندات الخمسية للسعودية تتداول حاليا في الأسواق الدولية عند 101 سنت للدولار، أي فوق القيمة الاسمية، وبذلك تكون تلك الورقة المالية الأولى من بين 21 أداة دين دولارية، من سندات وصكوك، يحين أجل استحقاقها منذ أن طرقت السعودية باب أسواق الدخل الثابت العالمية في 2016. وعلمت "الاقتصادية" أن المركز الوطني لإدارة الدين بصدد الإعلان قريبا عن خطة الاستدانة السنوية لعام 2021. واستندت وحدة التقارير الاقتصادية في رصدها إلى مواعيد آجال الاستحقاق على البيانات التي حصلت عليها من منصة "فاكت ست" للخدمات المالية. يذكر أن "فاكت ست" واحدة من أشهر منصات التحليلات المالية التي يستعين بها المجتمع الاستثماري العالمي من أجل تقييم الأوراق المالية وبناء القرار الاستثماري. كما اعتمدت "الاقتصادية" على بيانات منصة "سي بوندز" التي أظهرت جميع الإصدارات السيادية للسعودية وذلك بمختلف العملات. ويستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصة "سي بوندز" من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات التي يستثمرون فيها. وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية، أن أدوات الدين، من الطروحات العامة، التي يحين أجل استحقاقها في 2021 "بقيمة 23.8 مليار ريال" تعد أقل بنسبة 43 في المائة من إجمالي قيمة السندات الخمسية التي حان أجل استحقاقها هذا العام التي بلغ إجماليها 42.3 مليار ريال، حيث كانت ضمن برنامج الشراء المبكر للسندات التنموية الذي أطلقته السعودية هذا العام. المرابحات كانت شركة "مركز إيداع الأوراق المالية" أعلنت في 2017 الانتهاء من تسجيل إصدارات الدين العام الحكومية. وتضمن الإعلان الكشف عن أدوات مرابحة، وهي أدوات دين تم إصدارها من أجل التسهيل على البنوك الإسلامية شراء الدين السيادي، ما بين الفترة 2015 و2016، إذ وصل عدد أدوات المرابحات إلى عشر أدوات. والمرابحات الحكومية مسجلة لكنها غير متداولة بسبب أن الشريعة تمنع تداول ديون المرابحات. وإذا تم التداول، فلا بد أن يتم التداول بالقيمة الاسمية. لكن في العادة عندما يكون هناك تداول فإن ذلك يعني أنه سيكون هناك ارتفاع وانخفاض في قيمة هذه الأوراق المالية، ولو تحقق ذلك فهذا يعني تداول الديون، وهذا ما تحرمه الشريعة. إصدار تاريخي السندات الدولارية الخمسية التي يحين أجلها في 2021 تم إصدارها في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، وحينها جذبت السعودية طلبات هائلة بقيمة تصل إلى نحو 67 مليار دولار لأول طروحاتها من السندات الدولية. ووصف مراقبون في السوق العالمية الإصدار بالتاريخي، إذ اقترب دفتر أوامر الشراء من الرقم القياسي البالغ 69 مليار دولار لإصدار سندات في الأسواق الناشئة الذي سجلته الأرجنتين سابقا، وفقا لـ"رويترز". وجمعت السعودية مع هذا الإصدار ما يصل إلى 17.5 مليار دولار عبر طرح السندات التي تتضمن شرائح لآجال خمسة وعشرة و30 عاما. تباين العائد للإصدارات المحلية تتميز الإصدارات الحكومية بكونها مرت بفترتين من حيث العائد وذلك خلال ستة أعوام، الأولى كانت إبان تولي البنك المركزي السعودي "ساما" إصدارات السندات الحكومية ما بين الفترة من 2015 إلى 2016 التي تميزت بدنو نسبة العائد على الإصدارات. فبخلاف السندات التي كانت بالفائدة المتغيرة، التي تتبع حركة السايبور، كان يتم طرح سندات بالفائدة الثابتة، كإصدار شهري جديد من دون إعادة فتح إصدارات قديمة. وبعد ذلك تولى المركز الوطني لإدارة الدين، بالنيابة عن وزارة المالية، زمام مبادرة إدارة الدين للحكومة السعودية. الشراء المبكر كانت السعودية أعلنت في تموز (يوليو) الماضي اكتمال عملية الشراء المبكر لجزء من السندات القائمة المستحقة في آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) هذا العام بقيمة إجمالية بلغت 34.26 مليار ريال "نحو 9.14 مليار دولار". وقالت وزارة المالية في بيان "إن السعودية أصدرت أيضا صكوكا جديدة في إطار برنامجها للصكوك المحلية". وجرى تقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بقيمة إجمالية 34.645 مليار ريال. وأظهرت وثيقة حصلت عليها "الاقتصادية" حينها أن الحكومة السعودية أصدرت صكوكا "رباعية الشرائح" متوسطة وطويلة الأجل وراوحت عوائدها ما بين 1.64 إلى 3.10 في المائة. وجاءت الطروحات الأربعة الجديدة دفعة واحدة وتضمنت آجال استحقاق تطرح للمرة الأولى في تاريخ المملكة كشريحة الأربعة والثمانية أعوام. بينما جاءت عملية الإصدار الثانية خلال شهر تموز (يوليو) كحدث استثنائي نظرا إلى كونه يأتي ضمن أول عملية شراء مبكر لسندات قائمة خمسية يحين أجل استحقاقها هذا العام. وبحسب وحدة التقارير الاقتصادية، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، التي تم إدراجها وتداولها في البورصة المحلية أواخر تموز (يوليو)، يعد أضخم إصدار في تاريخ أسواق الدخل الثابت في السعودية خلال ستة أعوام. وحقق المركز الوطني لإدارة الدين ثلاثة أهداف من منهجية الشراء المبكر للسندات التنموية التي يحين أجل استحقاقها هذا العام، أولها توحيد الإصدارات المحلية، ولا سيما من السندات، ضمن برنامج الصكوك الذي تم إنشاؤه منتصف 2017. وبخلاف أن الشرائح الأربع "منها آجال استحقاق جديدة تطرح للمرة الأولى وهي أجل أربعة وثمانية أعوام" ستساعد على إطالة آجال الاستحقاقات للديون المحلية، فإنها تقود إلى تطوير أسواق الدخل الثابت المحلية عبر توسيع خيارات التسعير للشركات والجهات الحكومية التي تطرح إصداراتها الخاصة وتسترشد بالجانب التسعيري لإصدارات الحكومة القائمة. يذكر أن المعدل المتوسط لآجال استحقاق السندات الخمسية التي يحين أجل استحقاقها في 2020 يصل إلى شهرين فقط. وبعد عملية الشراء المبكر لتلك السندات ومن ثم طرح نظيرتها من الصكوك، أصبح المعدل المتوسط لآجال الاستحقاق يصل إلى ثمانية أعوام وخمسة أشهر. وعلمت "الاقتصادية" حينها أن ما نسبتهم 80.8 في المائة من حاملي السندات التنموية للحكومة السعودية حولوا ممتلكاتهم السابقة من السندات المقومة بالريال إلى صكوك ادخارية. وأشار مصدر قريب من ترتيبات الهندسة المالية التي تمت بين جهة الإصدار والمستثمرين إلى أن إجمالي قيمة السندات الخمسية أجل استحقاقها في 2020 بلغ 42.3 مليار ريال. وبناء على طلبات المستثمرين أوائل 2020 لجهة الإصدار، تم إصدار صكوك جديدة أواخر شهر تموز (يوليو) الماضي بقيمة 34.2 مليار ريال لتكون بديلة عن ممتلكاتهم من السندات الخمسية التي حان أجل سدادها هذا العام. وسمحت جهة الإصدار السيادية للمستثمرين القدامى بزيادة حصتهم بقيمة قريبة من 400 مليون ريال، لترتفع بذلك القيمة الإجمالية للصكوك الجديدة إلى 34.6 مليار ريال. وفي الإطار ذاته، قال مصدر قريب من المستثمرين لـ"الاقتصادية"، "إن الاسترداد الزكوي المطبق على الصكوك الادخارية منذ 2019 دفع بحاملي السندات التنموية للطلب من جهة الإصدار تحويل حيازتهم من السندات التي يحين أجل استحقاقها إلى صكوك جديدة، للاستفادة من هذه الميزة". يأتي ذلك بعد تشريعات الهيئة العامة للزكاة والدخل في أوائل 2019 التي أشارت إلى أن تحمل الدولة الزكاة وضريبة الدخل سيتوقف عن السندات الحكومية بنهاية 2019، إلا أن الدولة ستستمر في تحمل زكاة الصكوك الحكومية منذ شروع القرار في 2019. التكييف الشرعي بحسب المعلومات فإن الفقهاء المصرفيين دعموا توجه تحويل السندات إلى صكوك ووجهوا جهة الإصدار والمستثمرين حول أفضل الحلول الشرعية، ومن المنتظر أن تقود منهجية "تحويل السندات إلى صكوك" المعروفة بين المصرفيين بــ Switching bonds into sukuk السعودية إلى تعزيز معروضها من السندات الإسلامية وتعزيز مكانتها كرائدة في مجال صناعة الصكوك العالمية، من حيث إجمالي قيمة الإصدارات القائمة، وكونها منصة لتقديم الحلول التقدمية للهيكلة المالية للسندات الإسلامية. فبناء على طلبات المستثمرين، قامت جهة الإصدار السيادية في البداية بعملية الشراء المبكر للسندات الخمسية وإنهاء كامل التزاماتها التعاقدية، ويلي ذلك قيام المستثمرين القدامى بالاكتتاب في الصكوك الجديدة "رباعية الشرائح" متوسطة وطويلة الأجل، راوحت عوائدها بين 1.64 و3.10 في المائة. وتعد منهجية تحويل السندات إلى صكوك أمرا جديدا على صناعة المال الإسلامية، حيث إنه من المعتاد عالميا في مثل هذه المواقف أن يكون التحويل إلى أداة من النوع نفسه، إلا أن ما قامت به السعودية يعد حلا مبتكرا ومتقدما وستستفيد من جهات الإصدار في صناعة المال الإسلامية. نسبة المشاركة بحسب رصد وحدة التقارير، فإن إصدار الـ34.6 مليار ريال، التي تم إدراجها وتداولها في البورصة المحلية أواخر تموز (يوليو) الماضي، شهد نسبة مشاركة من المستثمرين "بالسندات القائمة" راوحت ما بين 80.8 و82 في المائة، وهذه النسبة أعلى من المعدل العالمي مع الإصدارات الدولارية الذي تصل فيه نسبة المشاركة إلى نحو 40 في المائة في المتوسط وفي الأسواق المحلية بشكل عام إلى 60 في المائة في المتوسط. وتعني "نسبة المشاركة" بين المتخصصين في أسواق الدخل الثابت أنها نسبة حائزي السندات الذين على استعداد للتخلي عن حيازتهم واستبدالها بأداة دين صادرة من جهة الإصدار نفسها. وكون السعودية حصلت على نسبة مشاركة عالية من المستثمرين، أعلى من النطاق الدولي المعهود، فإن هذا يعطي دلالة واضحة على ثقة المستثمرين بالجدارة الائتمانية للأوراق المالية الصادرة عن حكومة المملكة. معلوم أن المملكة حاصلة على تصنيف "A1"، وهذا التصنيف يعد خامس أعلى تصنيف من بين درجات التصنيف التي يصل تعدادها إلى 24 درجة. وبحسب بيان لوزارة المالية تعد هذه الصفقة إحدى مبادرات المركز الوطني لإدارة الدين التي تهدف إلى توحيد الإصدارات المحلية للمصدر، ضمن إطار برنامج الصكوك المحلية للمصدر في المملكة، وتعد هذه هي المرحلة الأولى من مراحل المبادرة المذكورة، وستتبعها مراحل أخرى حتى اكتمال التوحيد الكامل للإصدارات المحلية. وتعد مبادرة المركز استمرارا للتدابير المتخذة لتعزيز السوق المحلية التي تعكس آخر تطورات السوق، مثل ارتفاع حجم التداولات في السوق الثانوية والسماح لجميع حاملي الصكوك بالاستفادة من الاسترداد الزكوي المطبق في إطار برنامج الصكوك المحلي. وحدة التقارير الاقتصادية
مشاركة :