تعد كنيسة القديس يوحنا الدمشقي للروم الأرثوذكس مع كنيسة القديس حنانيا الرسول في محلة الميدان من أجمل الكنائس الأرثوذكسية في دمشق، إن لم تكن أجملها على الإطلاق فهي من المعالم الروحية والأثرية والسياحية العابقة برائحة دمشقية متميزة في موقعها وطراز عمارتها وجمال هندستها الداخلية، يقصدها زوار الكاتدرائية المريمية التي لاتبعد عنها إلا خمسين متراً، وتقع الكنيسة عند تقاطع (حارة الآسية) مع نزلة ( سفل التلة) المسماة حالياً (حارة يوحنا الدمشقي).تاريخهابنيت هذه الكنيسة في زمن البطريرك الأنطاكي ايروثيوس (١٨٥٠ – ١٨٨٥ ) على ارض كانت من قبل داراً للقنصلية الروسية في دمشق باعتها الى الحكومة العثمانية بعد انتقالها الى موقع آخر. وعندما قام الباب العالي العثماني بزيارة دمشق عام ١٨٥٦، طلب منه البطريرك الأنطاكي ايروثيوس الموافقة على بناء كنيسة أرثوذكسية ثانية في دمشق غير كنيسة مريم (الكاتدرائية المريمية) معيداً بذلك الى الأذهان أنه كانت للرعية الأرثوذكسية على الدوام كنائس عديدة في دمشق قبل الفتح الإسلامي للمدينة، فوافق الباب العالي ووهب لغبطته هذه الأرض باسم الحكومة العثمانية لينفذ عليها هذا المشروع المبرور. ولما علمت الحكومة الروسية بذلك، استيقظت غيرتها الأرثوذكسية وأوعزت إلى قنصليتها في دمشق بان تقدم باسمها مبلغ ثلاثين ألف قرش مساهمة منها في بناء هذه الكنيسة.مواصفاتهاالكنيسة مربعة الشكل تقريباً من الخارج تشابه كل البيوت الدمشقية في فن عمارتها الذي يعود الى القرن الثمن عشر حيث تظهر مواد بناء البيت الشامي بواجهة من الحجارة البازلتية السوداء مع خطوط عريضة من الحجارة البيضاء.أما السقف، فهو محمول على أخشاب شجر الحور المدهون باللون البني، يتقدم الواجهة الحجرية من جوانبها الجنوبية والغربية والشمالية رواق محمول على أعمدة مربعة من الحجر الأسود المرصوف مع القناطر ويتوسط واجهتها الغربية بابان متلاصقان للدخول والخروج تحيط يهما زخارف ونقوش دمشقية من الرخام والمرمر والحجر المزاوي الوردي رائع الوصف. تتوسطهما لوحة حجرية كتب عليها بالعربية أنها” بنيت في عهد إمام الأحبار البطريرك ايروثيوسمع باب من الجهة الجنوبية وآخر من الجهة الشمالية بالإضافة الى بعض النوافذ وللهيكل باب خارجي يقع في طرف الرواق الجنوبي آما في طرف الرواق الشمالي، فيوجد درج يصعد منه الى شعرية النساء التي تلتف على الكنيسة من الداخل وتطل على صحنها من جميع جوانبها عدا الشرقية وتضاء الطبقة العليا من نوافذ عديدة موزعة في محيطها. أما سطحها الخارجي فإنه مستوٍ وفي زاويته الجنوبية الشرقية جرسيه خشبية جميلة متداعية جددت مؤخراً. داخل الكنيسة مقسوم إلى ثلاثة أقسام بواسطة صفين من الأعمدة المتنوعة التي منها قسم اسطواني من الحجر الأسود البازلتي وقسم من الحجر المزاوي الوردي . وقد كشطت الطبقة الكلسية البيضاء اللون والطفيلية عن حجارة جدرانها من الداخل فظهرت بلونها الأصلي الأسود مكحلة بخطوط عرضانية من الحجارة البيضاء تتخللها بعض النقوش الحجرية الدمشقية المتناثرة بشكل هندسي غير متناسق.أما ايقونسطاس الكنيسة الخشبي المحفور، فإنه غاية في الروعة من الصنعة الدمشقية التي كانت قد اختصت بها اسر مسيحية عربية دمشقية (١٣) فيه أيقونات بديعة من المدرسة المقدسية “الأورشليمية” وهو بمجمله وبالصلبوت الذي يعلوه، من الفن السوري الجميل المميّز بكيفية صف أيقونات الرسل وبدقة الصنع وبكرسي كل من البطريرك والمطران المتقابلين في وسط الكنيسة. وعلى جدران الكنيسة الداخلية تنتشر أيقونات وأيقونسطاسات رخامية تقليدية من مدارس الأيقونة البيزنطية والسورية والروسية.الجدير بالذكر إن ما ورد عن تاريخ هذه الكنيسة هو غيض من فيض احتوته عنها الوثائق البطريركية وخاصة وثائق أبرشيتي دمشق وبيروت. كما توجد دراسة عن هذه الكنيسة في كتاب أديرة وكنائس دمشق.
مشاركة :