هل حسم آبي أحمد الانتخابات الإثيوبية المقبلة من تيجراي؟

  • 12/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

- سيطرة الجيش الإثيوبي على إقليم تيجراي لم يمنع المتمردين من بدء حرب عصابات- الجيش الإثيوبي خنق المتمردين بعد سيطرته على الحدود مع السودان وتحالفه مع إريتريا- نزوح نحو مليون من سكان تيجراي بعد مقتل الآلاف لا يخدم طموح آبي أحمد في الفوز بالانتخابات- آبي أحمد لم يحسم دعم أكبر عرقية في البلاد بعد مقتل عشرات في مظاهرات منددة باغتيال مطرب قومي حقق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، نصرا سريعا ضد "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي"، التي قررت خوض حرب عصابات بعد سقوط معقلها، ما سيؤثر على الانتخابات العامة المؤجلة لأواسط العام المقبل، والتي سترسم مستقبل الرجل القوي في البلاد. لم يستغرق إسقاط عاصمة إقليم تيجراي، تيكيلي (شمال)، سوى 24 يوما، بعد إطلاق الجيش الاتحادي عملية عسكرية لإخماد التمرد في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن لم يوقف ذلك أصوات البنادق. ** هل بدأت حرب العصابات ما تزال تقارير إعلامية تتحدث عن اشتباكات بين الجيش الاتحادي وجبهة تحرير شعب تيغراي، وهو ما أكده زعيم المتمردين ديبريتسيون جبريمايكل، في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في رسالة نصية. وقال جبريمايكل في رسالته إن الاشتباكات جارية في موقعين بالقرب من ميكيلي، واثنين آخرين على بعد 60 كلم شمال المدينة. وحدد زعيم التمرد تكتيكهم القتالي في المرحلة المقبلة بـ"إلحاق خسائر جسيمة في الأفراد والعتاد والمعنويات بصفوف القوات الاتحادية والإريترية". وقال إننا "نحقق هدفنا". ورغم أن حكومة آبي أحمد تستبعد خوض حرب عصابات ضد متمردي الجبهة، إلا أن استمرار الاشتباكات ولو على نطاق ضيق، لا يؤشر على نهاية قريبة للتمرد. فالجبهة تمتلك الرجال والسلاح والحاضنة الشعبية، وتقاتل في تضاريس وعرة، ولا ينقصها سوى الدعم الخارجي لخوض حرب عصابات طويلة الأمد. حيث خاضت جبهة تيجراي (ضمن تحالف متعدد العرقيات) تمردا ضد حكم مينغستو هيلا مريام منذ 1974 انتهى بالإطاحة به في 1991، وهذه الخبرة الطويلة في حرب العصابات، تشكل مصدر قلق للحكومة الاتحادية. كما أن سيطرة الجبهة على الحكم من 1991 حتى 2018، زاد من تسليح قواتها المحلية، التي يتراوح عدد عناصرها بين 200 ألف إلى 250 ألف فرد، في حين أن الجيش الاتحادي لا يتجاوز تعداده 140 ألفا. تضاريسيا، ينقسم الإقليم إلى جزئين؛ شرقي ويضم تيكيلي ويتميز بجباله وتضاريسه الوعرة التي تناسب حرب العصابات، وغربي يتميز بسهوله المنبسطة التي تتواءم مع الحروب التقليدية. ** آبي أحمد يخنق التمرد رئيس الوزراء الإثيوبي كان يدرك جيدا خطورة جبهة تيجراي، خاصة من حيث تفوقها العددي وصعوبة التضاريس التي تعرف دروبها جيدا، وامتلاكها سلاح الصواريخ، لذلك عمد على حصارها منذ بداية المعركة. حيث سيطر الجيش الاتحادي على شريط الحدود بين تيجراي والسودان، لقطع أي إمداد خارجي قد يصل المتمردين، خاصة وأن الجبهة أنشأت قواعد خلفية بالسودان خلال حربها ضد حكم مينغستو في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. كما تحالف آبي أحمد مع أسمرة، لغلق الحدود الشمالية الطويلة مع تيجراي، وتحركت قواته من إقليم الأمهرة (من الجنوب الغربي)، الذي له نزاعات مع تيجراي، وبذلك أطبق على المتمردين من كل الجهات. وكان من الغريب عدم تحرك القوات الإثيوبية من محوري الشرق أو الوسط، القريبين من ميكيلي، لكنها ركزت على المحور الغربي لتضاريسه السهلة المناسبة لتحرك الدبابات والمدرعات. ثم تقدمت القوات الحكومية من الغرب نحو الشمال الشرقي ذو التضاريس الوعرة، لتحاصر المتمردين في معركتها الأخيرة بميكيلي من عدة محاور. ولعب التفوق الجوي للجيش الاتحادي الدور الرئيسي في هزيمة الجبهة، رغم استعمالها الصواريخ لقصف المطارات البعيدة عن جبهات القتال، لكن دون أن يكون لها دور حاسم في المعركة. ** إريتريا ترد الجميل لآبي أحمد حتى وإن نفت أديس أبابا وأسمرة دخول قوات إريترية الأراضي الإثيوبية للمشاركة في المعارك ضد متمردي الجبهة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها تعتقد بأن التقارير عن وجود قوات إريترية في إقليم تيغراي "موثوق بها". واتهم زعيم متمردي تيغراي، الجيش الإريتري بالمشاركة في معظم القتال الجاري بالإقليم، حتى بعد سقوط عاصمة الإقليم. ويعود الخلاف بين أسمرة وتيجراي، منذ الحرب التي اشتعلت بين البلدين في عهد رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي (من تيجراي) في 1998، والتي لعب تيجراي الدور الرئيسي في القتال. ولم تتوقف الحرب إلا بعد تدخل الجزائر عام 2000 للوساطة، وتم حينها توقيع اتفاق سلام. لكن إثيوبيا لم تنسحب من بعض المناطق التي نص عليها الاتفاق إلا بعد وصول آبي آحمد إلى السلطة في 2018، مما ساعد على تطبيع العلاقات بين البلدين، وكان ذلك سببا في فوزه بجائزة نوبل للسلام في 2019. وجاء تمرد تيجراي كفرصة لأبي أحمد وأسمرة للتخلص من العدو المشترك، لكن ذلك كان مكلفا على الصعيد الإنساني. حيث سقط آلاف القتلى وفرّ أكثر من 950 ألف من رحى الحرب، منهم نحو 50 ألفاً فروا إلى السودان، و96 ألف لاجئ إريتري بالإقليم تقطعت بهم السبل بعدما هربوا من مخيماتهم، وفق الأمم المتحدة. ويقطن إقليم تيجراي نحو 6 ملايين نسمة، منهم 500 ألف في ميكيلي، ويدين غالبيتهم بالنصرانية، ويمثلون نحو 6.1 بالمئة من السكان. ** انتخابات غير مضمونة النتائج تأجيل الانتخابات العامة من 29 أغسطس/آب 2020، إلى مايو/أيار أو يونيو/حزيران 2021، كما اقترحت السلطات الإثيوبية كان أحد الأسباب الرئيسية لتمرد قادة جبهة تيجراي. وتمثل الانتخابات المقبلة تحديا كبيرا لآبي أحمد، بعد كسره لشوكة تيجراي، واختبارا لمدى نجاح إصلاحاته السياسية والاقتصادية. ومن الواضح أن آبي أحمد لا يحظى بدعم غالبية الناخبين في تيجراي، الذي يحمله جزء منهم مسؤولية المآسي التي حلت بالإقليم منذ تأجيله الانتخابات بسبب فيروس كورونا، ومحاولة تقليص دور تيجراي في مؤسسات الحكم، ومتابعة قادتهم بتهم الفساد. ورغم أن آبي أحمد، ينتمي لعرقية الأورومو المسلمة (34 بالمئة من عدد السكان)، من ناحية والده، إلا أن مقتل عشرات من الأورومو في احتجاجات عنيفة إثر اغتيال المغني الشهير هاشالو هونديسا، في العاصمة أديس أبابا، في يوليو/تموز الماضي، تطرح تساؤلات عدة حول ما إذا كان يحظى بدعم أكبر قومية في البلاد. لكن نفوذ آبي أحمد يتركز في إقليم الأمهرة ذو الغالبية المسيحية، الذي ينتمي إليه من ناحية أمه، وزوجته، وثلاثتهم يدينون بالمسيحية، لذلك فهو أقرب إلى الأمهرة منه إلى الأورومو. والأمهرة ثاني عرقية من حيث العدد (نحو 27 بالمئة)، ويتوسط إقليمهم الأرورمو في الوسط وتيجراي في الشمال، وهذه الأقاليم الثلاثة من ستقرر مصير آبي أحمد في الانتخابات المقبلة. ونصر آبي أحمد المؤجل في تيجراي، قد يحسب له أو عليه، حسب الزاوية التي ينظر منها كل ناخب، لذلك فمن الصعب القول أنه حسم معركة الانتخابات من الإقليم. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :