كنائس أسيوط تودع القس باقي صدقة شيخ القساوسة الإنجيليين

  • 12/16/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شيخ القساوسة الإنجيليين وراعى الكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط فهو أب وقائد ومعلم وفيلسوف وراع حقيقى. يعجز قلمى عن كتابة المشاعر والأحاسيس التى أمر بها من ألم وحزن على رحيل القس باقى صدقة شيخ القساوسة الإنجيليين وراعي الكنيسة الإنجيلية الأولى في أسيوط، فهو أب وقائد ومعلم وفيلسوف وراع حقيقى، أتذكر عندما كنت طفلا وبعد ذلك أيام الشباب كنت أنتظر حلقاته على الراديو في عدد من المحطات المختلفة، أيضا كنت أعشق أن أقرأ كتاباته، وعندما كبرت سمح لى بأن التقى بالراحل في سن الجامعة ورأيته وهو يعظ ويعلم، فجذبنى أسلوبه في التعليم وفى فن إلقاء الخطابة والوعظ، تقربت منه أكثر لتمسكه بالنصوص الكتابية، ولكنه كان مستنيرا ينادى بالحداثة، كانت له رؤى مستقبلية لدور الكنيسة في المجتمع، عمل على بناء الإنسان روحيا وعقليا وجسديا، كانت لديه مواهب متعددة في فن الترجمة والقصة وكتابة الرواية وغيرها.وسمحت لى الظروف بأن أجرى معه حوارا، وتحدث معى بانفتاح عن علاقاته بالمجتمع والكنيسة والدولة، وعلمت منه أيضا أن لديه علاقات دولية متميزة، كان ينادى بحرية الرأى والفكر والتعبير، مساندا قضية المرأة والمساواة بينها وبين الرجل، هو من شارك في فكره رسامة المرأة شيخا ونادى برسامتها قسا في مصر. حافظ على النسيج الواحد في محافظة أسيوط عندما كان الإرهاب يسود ربوع الصعيد، وكان وطنى من الطراز الأول ونجح للتصدى للإرهاب. هو والراحل الأنبا ميخائيل مطران أسيوط للأقباط الأرثوذكس حينئذ، ولذا قررت «البوابة» التعرض للراحل والتعرف عليه. القس باقى صدقة ولد في 30 سبتمبر 1929 بشبرا- القاهرة وقام بتدريس اللغة الإنجليزية بالتربية والتعليم حتى عام 1976 والتحق بكلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة في عام 1972 وتخرج فيها عام 1975 ورُسم ونُصب راعيًا للكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط منذ 5 مارس 1976 ثم عُين نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر كما عين عضو المجلس الإنجيلى العام عدة مرات وتولى رئاسة سنودس النيل الإنجيلى مرتين وتولى رئاسة مجمع أسيوط الإنجيلى لعدة مرات وأسس الإدارة المالية العامة بسنودس النيل الإنجيلى وكان مديرا ورئيسًا لمجلس إدارة كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة لعدة سنوات وعضو مجلس إدارة لبيت لليان تراشر وقام بتأليف وتعريب وترجمة الكثير من الكتب.قالو عنهقال الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، إن الكنيسة العامة في العالم العربى ومِصر تودع القس باقى صدقة، الرجل الشجاع وصاحب القلم والرؤية، الصخرة الوطنية القوية، فهو النموذج للخادم العاشق لكلمةِ الله، مجسدًا معانى التقوى وخوف الله، ومعلمًا شكَّل أجيالًا منْ قادةِ الكنيسةِ، وصنعَ فرقًا حقيقيًّا في مِنبَرِ الكنيسةِ الإنجيليةِ في مِصرَ والعالمِ العربى، وكما هو الآن في حضرة الله، سيكون حاضرًا دائمًا في ذاكرة الناس، إلى اللقاء أستاذنا وصديقنا القس باقى صدقة».بينما قال القس رفعت فتحى الأمين العام للسنودس، إن القس باقى صدقة من العلامات المميزة للكنيسة الإنجيلية في مصر، قام بخدمة ناجحة ومثمرة للكنيسة والمجتمع ‏المصرى على حد سواء لقد كان يرعى كنيسة في منطقة شعبية، ‏لكنه استطاع أن يجعل هذه الكنيسة متفاعلة بقوة‏ مع المجتمع الذى توجد فيه، ومستوصف الكنيسة الإنجيلية إلى اليوم هو الذى يلجأ إليه كل مرضى الحى مسلمين كانوا أو مسيحيين.‏كما تميز القس باقى صدقة ‏بالوطنية الواضحة ‏فقد كان مشاركا في كل المناسبات الوطنية وعندما كانت مدينة أسيوط تحت وطأة الإرهاب كان له دور مهم في هذا الأمر،كما أن كانت له علاقات مسكونية ‏طيبة للغاية مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكيه في أسيوط، وظهر هذا بوضوح في صلاة الجنازة عندما شارك الأنبا يؤانس مطران أسيوط للأقباط الأرثوذكس، الأنبا كيرلس مطران الكنيسة الكاثوليكية وقدما كلمات قوية عن علاقتهما بالراحل الكريم، كما أن القس باقى صدقة حباه الله مواهب كثيرة ومتنوعة فقد كان موهوبًا في الكتابة وفى الترجمة وفى الوعظ والخطابة، فلا تستطيع وأنت تجلس مستمعا إليه أن تسرح دقيقة واحدة، ولم يكن القس باقى باحثا عن المناصب والأدوار ولكنها كانت تأتى إليه دائما فقد كان رئيسا للسنودس أكثر من مرة، عضو بالمجلس الملى الإنجيلى، ورئيسا ومؤسسا للإدارة المالية السنودسية، مديرا لكلية اللاهوت ورئيسا لمجلسها، وغير ذلك الكثير. لقد فقدنا برحيله شخصية مؤثرة ولكننا نثق في قدرة الله في استخدام أبنائه وتلاميذه في إكمال الرسالة التى بدأها. وفى نفس السياق أعرب الأنبا يؤانس مطران الأقباط الأرثوذكس في محافظة أسيوط تعزيته للكنيسة الإنجيلية والأسرة في رحيل القس باقى صدقة، وتحدث عن الألم الذى يشعر به بسبب الفراق، وتحدث عن علاقته الشخصية بالراحل وكم كان يسودها عمق الحب والمودة وحياة الشركة الحقيقية، ثم تحدث عن وطنية الراحل ومحبته لمصر، وذكر عدد من المقولات التى كان يرددها الراحل ومنها عادت مصرنا إلى مصرنا، فنرى في هذه الجملة البلاغة والتأثير وكأن مصرنا ضاعت واسترددناها مرة أخرى أو بالأدق عادت، كان مؤثرا، وداعا أيها القلب النقى الأمين وإلى اللقاء، وداعا أيها القلب المثمر المتزين بثمار الروح وإلى اللقاء، وداعا أيها القلب الحلو المؤثر البليغ وإلى اللقاء، واختتم كلماتى بأن أقول إن القس باقى صدقة كانت له مكانه عظيمة جدا في قلب المتنيح الأنبا ميخائيل، وقد قال الأنبا ميخائيل في أكثر من مرة وأكثر من موقف «إن اللى قاله القس باقى أنا قلته»، والأنبا ميخائيل بشخصيته لا يقول مثل هذا على أحد من قبل، ولكن لأن القس باقى كان يحتل مكانة كبرى وعظيمة في قلب الأنبا ميخائيل، وله مكانة عظيمة جدا أيضا في قلبى الصغير، كما كانت له مكانة عظيمة بين جموع الأقباط في أسيوط، وداعا وإلى اللقاء.باقى صدقة.. سنوات من التطور والتطويرأعربت الدكتورة فنيس نيقولا عن رغبتها في نشر مقتطفات من مُقابَلة مع الوالِد القس باقى صدقة، نُشِرَت في كتاب «تاريخ الكنيسة الإنجيلية المشيخية بمصر- البدايات- التفاعل- التطور» 2015 تحت عنوان «سنوات من التطور والتطوير».وركَّزت المقابلة على رصد دور الوالد القس باقى لبعض من الخدمة الريادية منذ البداية• ماذا كان دورك في قيادة حركة الشباب؟- في عام 1944، بدأت النشاط. وصرت مع بعض شباب المساعى مسئولين عن خدمة ثلاث قرى شرق أسيوط وأيضًا شكَّلنا فريق خدمة للعاملين والمرضى في مستشفى الأمريكان بأسيوط، فكانت زياراتنا دوريةً.وفى صيف عام 1949، عقدنا أول مؤتمر للشباب الإنجيلى وذلك من مدرسة طنطا.• كيف امتدت خدمة الشباب إلى جهات عديدة في وقت قصير؟- لقد بدأ اهتمامنا يتسع ويخرج من دائرة الاجتماعات العادية والمبرجمة في تنظيمات المساعى إلى التحرك في اتجاه القرى والكنائس البعيدة، وفى عام 1953، بدأت خدمة القوافل مُنطَلقة من الأقصر إلى القرى والنجوع المجاورة وبدأ النشاط بسبعة أشخاص ثم تنامى عدد العاملين الذين يفرحون وينتجون في هذه الخدمة رغم صعوبات السفر، بل وحتى الإقامة في تلك الأماكن التى لم تكن قد دخلت إلى مرحلة التطور الحضارى بعد، ولنا فيها الكثير من الذكريات لكن الصعوبات صارت هى الحافز لمزيد من العمل والخدمة. وعاد هؤلاء الشباب الذين خدموا في القوافل ليبدأوا اجتماعات شباب في كنائسهم.وقد ساعدت مؤتمرات الشباب بعد مؤتمر طنطا الأول على تنامى الحماس ليس فقط لخدمة القوافل وليس فقط لبدء اجتماعات شباب، لكن بالأكثر على الدعوة إلى مزيدٍ من مؤتمرات الشباب، وقد استخدمنا مصيف الرمل في سيدى بشر الذى كان وقتها في خيام وسط رمال سيدى بشر حتى ظهرت أرض بيت العجمى وتقدم الشباب للبناء بأيديهم وأكتافهم دون وجود مياه أو كهرباء، فكانت مياه الشُّرب تأتى بها السيارة الجيب من الهانوفيل وتوضع في «الزير» الشهير إلى أن وصل مصيف العجمى إلى ما هو عليه الآن.• كيف ساهم زواجك في بناء وتطوير خدمتك؟- عندما بدأت خدمتى بأسيوط عام 1960 وبدأنا لقاء الجُمعة الذى تشاركنا فيه كخدَّام معًا عرفت كيف تكون الأسرة مكان الخدمة عندما تكون شريكة الحياة شريكة في كل شىء، وهذا يعنى استمرار وتقدم الخدمة كجزء من البيت، ويصير البيت مكانًا للشركة الحقيقية، وقد صار البيت في «شركة قلتة» مركزًا للقاءات الفكرية والصلاة، ثم تطوَّر إلى برنامج للدراسات الكتابية مساء السبت، وعندما اتسعت الدائرة، صرنا نجتمع في فناء كلية أسيوط؛ حيث كنا نتبادل تقديم الدراسات، وأيضًا نضع البرامج معًا لخدمة الطلبة المسيحيين في جامعة أسيوط خصوصًا المغتربين منهم والمغتربات.• كيف تطور برنامج خدمة المغتربين من طلبة جامعة أسيوط؟- لقد بدأ الاهتمام بالطلبة والطالبات بالترحيب بالجُدد، ثم المساعدة على إيجاد سكن والمساعدة في العثور على شقة حتى أننا كنا نحجز الشُقق المعروضة للإيجار في ذلك الوقت مقدَّمًا قبل بدء العام الدراسي.• ما هى قصتك مع الكتابة والترجمة؟- بدأ التوجه عندما طُلب منى أن أكون مسئولًا عن تحرير أخبار شباب المساعى بأسيوط في عام 1944، وكنت قد بدأت أكتب أول قصة وأنا في الصف الثالث الثانوى بعنوان «أسرة مُحطَّمة»، ولما دخلت معهد المعلِّمين ترجمت كتاب «حياة لوثر» ثم بدأت أكتب مقالات متنوِّعة تحت عنوان «خاطِر» وهكذا تشجَّعت أن أتَرجِمن وأيضًا أكتب في العديد من المجلات سواء الإقليمية أو مجلة رسالة الخلاص التى تصدرها جمعية خلاص النفوس.• خدمتك امتدت إلى أوسع من حدود مصر الجغرافية، فهل تقدم بعض هذه المنافذ للقرَّاء؟- كان أول تحرك خارج حدود مصر من خلال الراديو، عندما بدأت إذاعة صوت الإنجيل التى كنا نسجِّل لها البرامج في أسيوط وفى القاهرة وتُرسَل على الهواء من أديس أبابا، ثم صار ارتباطى بمعهد هجاى لتدريب القادة من مختلف البلدان العربية وكان ذلك في سنغافورة أحيانًا وفى سويسرا أحيانًا وفى إنجلترا أحيانًا ثالثة، بل وأيضًا في جزر هاواى، ومع تقدُّم العِلْم، شاركتُ في برامج تليفزيونى أيضًا. وفى عام 1972، لم أستطع أن أقاوم الدعوة للتفرُّغ للخدمة، فانتقلت إلى العمل بالتدريس في المدرسة الملاصِقة لكلية اللاهوت الإنجيلية بشارع السكة البيضاء بالعباسية، وأكملت دراستى اللاهوتية في نفس الوقت لأرجع أسيوط كراعٍ لأسيوط الأولى بعد أن كنت شيخًا فيها.• ما أهم نقاط التطوير في خدمة أسيوط الأولى؟- أتذكَّر أننا حاولنا عرض فيلم حياة لوثر في الكنيسة الأولى، إلا أن الراعى شَعَر أن العرض السينمائى لا يليق ببيت الرب، لذلك قمنا معًا بتنظيف البدروم أسفل الكنيسة الذى لم يكن يُستَعمَل منذ بناء الكنيسة، واستخدمناه لعرْض الفيلم. وعند تفرغى للرعاية، ساعدنا الرب أن نطوِّر هذا البدروم وندعو الأطباء لتقديم خدمة مستوصف طبى يخدم غرب البلد للكل من مسيحيين ومسلمين. وصار الآن يستقبل أكثر من ألف حالة أسبوعيًّا في مختلف التخصُّصات.كما أمكن إقناع الكنيسة في أسيوط أن ترسِم المرأة شيخًا عام 2002.(تمَّت هذه الرسامة قبل أن يقرِّر السنودس الموافقة على رسامة المرأة شيخًا بأربع سنوات).

مشاركة :