أعلن «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر أمس ضمناً تنازله عن مطلب عودة الرئيس المعزول محمد مرسي، وأطلق دعوة إلى «حوار عميق» لحل الأزمة السياسية حدد أسبوعين مهلة لقبولها، ما ردت عليه الحكومة بقبول مبدأ الحوار شرط اعتراف أنصار مرسي بالوضع القائم وقبولهم بخريطة الطريق التي وضعها الجيش بعد عزله. وتشكل الدعوة تحولاً في موقف «الإخوان» وحلفائهم، إذ أنها لم تشر للمرة الأولى إلى مطلب عودة مرسي، كما أبدى أعضاء في التحالف الذي تقوده الجماعة مرونة غير مسبوقة وأكد بعضهم أن عودة الشرعية لا تعني بالضرورة عودة مرسي إلى الحكم، واقترح أحدهم توقيع الرئيس المعزول وثيقة تقبل مطلب الانتخابات الرئاسية المبكرة. وطالب التحالف في بيان «جميع القوى الثورية والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية بالدخول في حوار عميق» على أرضية «إقامة نظام ديموقراطي يعزز مكاسب ثورة 25 يناير وينهي الانقلاب العسكري». وحدد هدفي الحوار بالبحث في «كيفية الخروج من الأزمة الراهنة وسبل إنهاء الحكم العسكري والحفاظ على وحدة الوطن والشعب، والاتفاق على الترتيبات المستقبلية اللازمة لإقامة دولة ديموقراطية وطنية حديثة بعد كسر الانقلاب وبمشاركة جميع أبناء مصر». إلا أن إصرار «الإخوان» على اعتبار ما جرى بعد تظاهرات 30 حزيران (يونيو) ضد مرسي «انقلاباً» يقوض فرص الاستجابة للحوار، خصوصاً أن الحكم الموقت يكسب يوماً بعد يوم أرضاً جديدة، سواء داخلياً أو خارجياً. وأبدت الحكومة انفتاحاً تجاه الانخراط في حوار مع «الاخوان»، لكنها حددت شروطاً أهمها «الإقرار بثورة 30 يونيو والانخراط في خريطة الطريق». وقال وزير التضامن الاجتماعي أحمد البرعي: «مستعدون للحوار بناء على شروط أولها الاعتراف بشرعية 30 يونيو وإعلان التزام خريطة الطريق من دون نقصان أو زيادة، والاعتراف بالأخطاء التي وقعوا فيها وتقديم اعتذار للمصريين». غير أن الأمين العام لحزب «العمل» المنخرط في التحالف الذي تقوده جماعة «الإخوان» مجدى قرقر رفض ما طرحه البرعي. وقال لـ «الحياة» إن «الإقرار بخريطة الطريق شرط مسبق لا يجوز الدفع به قبل الحوار... وجهنا الدعوة إلى الجلوس على مائدة الحوار من دون شروط مسبقة من أجل التوصل إلى خريطة طريق جديدة بما يضمن العودة إلى المسار الديموقراطي». وأضاف أن «ما ستتوصل إليه القوى السياسية بعد هذا الحوار سننفذه كي نعبر من الأزمة». وشدد على ضرورة «تقديم كل الاطراف تنازلات لإنهاء الأزمة السياسية». بيد أن الحكم الموقت لا يبدو في موقع تقديم تنازلات، خصوصاً مع اقتراب انتهاء عملية صوغ التعديلات الدستورية التي يُتوقع الاستفتاء عليها قبل نهاية العام، في أول تنفيذ لبنود خريطة الطريق التي وضعها الجيش بعد عزل مرسي. وسيشكل الاستفتاء على الدستور اختباراً لشعبية الحكم الموقت، كما سيمثل في حال نجاحه إشارة كبيرة إلى تجاوز أزمة الشرعية الدستورية وطي صفحة حكم «الإخوان» تماماً. في المقابل، تبدو الجماعة في وضع أضعف، إذ أن التحالف الداعم لمرسي يواجه خلافات داخلية في شأن خطط التحرك، خصوصاً بعد تراجع زخم التظاهرات وفشل الجماعة في اختبار الحشد بعد انتهاء العمل بحال الطوارئ وحظر التجول. ولا يبدو الوضع السياسي للجماعة أفضل من وضعها الميداني، فبعد حل الجماعة بحكم قضائي أوصت أمس هيئة مفوضي المحكمة الإدارية العليا أمس بحل حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لـ «الإخوان»، خلال جلسة مقررة للمحكمة في 15 شباط (فبراير) المقبل. وأوضح القيادي «الإخواني» الوزير السابق محمد على بشر في كلمته خلال مؤتمر صحافي لإعلان دعوة الحوار أمس، أن مدة الدعوة «ليست مفتوحة بل محددة بأسبوعين، لأننا أكثر حرصاً على مصالح الوطن، وعلى الجميع أن يبادر بالموافقة على ما تم طرحه حتى نستطيع أن نبدأ بالحوار». وأضاف أن «الحوار مفتوح للجميع، حتى من خرجوا في 30 يونيو، من أجل العودة إلى مسار الديموقراطية».
مشاركة :