فتحت قصيدة "بوابة الريح" للشاعر الراحل محمد الثبيتي نقاشا متواصلا حول حقوق الملكية الفكرية، بعد أن غناها فنان العرب محمد عبده خلال استضافته في البث المباشر لوزير الثقافة على منصة إنستجرام، ضمن مبادرته "ضيف بدر"، معيدا إلى الأذهان قصيدة شغلت الناس في حياة شاعرها، وبعد رحيله أيضا. ورثة "سيد البيد" أكدوا في بيان أنهم فوجئوا بغناء أبو نورة قصيدة والدهم الشهيرة، لتفرض تساؤلات حول مصير حقوق الملكية الفكرية إذا ما اكتملت التجربة، وخرجت القصيدة بصورتها النهائية على شكل أغنية متكاملة دون العودة إلى ورثة الشاعر الراحل، في الوقت الذي يكفل فيه نظام الملكية الفكرية حقوقه، ويحفظها مدة 50 عاما من رحيل الشاعر. العمل المنتظر ورثة الشاعر الراحل محمد عواض الثبيتي أكدوا في بيان، أنهم فوجئوا بغناء فنان العرب القصيدة، حيث تم ذلك دون علم مسبق أو تنسيق لنيل موافقتهم، ووصفوا ذلك بأنه "خطوة مميزة لتسليط الضوء على تجربة والدهم الشعرية للعامة، وتقديمها كبروفة تغنى للمرة الأولى"، واستدركوا في البيان "متطلعين مستقبلا بعد موافقتنا على استكمال الإجراءات النظامية أن تتواكب في صورتها النهائية مع تجربة غنائية كبيرة لها". وأضاف البيان "نثمن لوزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان دعمه غير المستغرب للتجارب الثقافية في المملكة، ونتأمل تطلعاته مستقبلا بالتكريم الثقافي المنتظر لتجربة الشاعر محمد الثبيتي في عدة جوانب، تسهم في الحفاظ على مكانة تجربته الشعرية الخالدة، كما ننظر بكل تقدير إلى الآراء التي تفاعلت مع هذه البادرة لدى المثقفين والمتابعين، وحرصهم على أفضل صورة للعمل المنتظر "بوابة الريح". ثنائية الشاعر والمطرب "مضى شراعي بما لا تشتهي ريحي .. وفاتني الفجر إذ طالت تراويحي".. شغلت "بوابة الريح" المثقفين والمهتمين والمتابعين لتجربة الثبيتي الحداثية خلال حياته وبعد رحيله، لكن القصيدة المغناة بصوت فنان العرب نالت حديثا وجدلا طويلا، لا يزال تدور رحاه حتى اللحظة، وثمة من وجد أن اللحن غير مناسب للقصيدة، في حين يرى آخرون أن القصيدة بصوت الراحل الثبيتي أجمل، خاصة أن محمد عبده بدا وكأنه ارتجل الغناء دون تحضير واستعدادات مسبقة. لكن غناءها جاء احتفاء بالقصيدة وشاعرها، ويتحين المتذوقون لشعر الثبيتي وصوت عبده خطوة مشابهة، يشترك فيها "المحمدان"، فقامتان مثل الثبيتي وعبده قد يشكلان ثنائيا فريدا، على وزن ثنائيات عربية ناجحة بين الشاعر والمطرب، عبرت بنجاحاتها العالم العربي، مثلما نجح نزار قباني وكاظم الساهر، والثنائية بين محمود درويش ومارسيل خليفة. حقوق متوارثة أجاب الدكتور عبدالعزيز بن محمد السويلم رئيس هيئة الملكية الفكرية عن سؤال، يفترض نشوب خلاف بين ورثة الشاعر محمد الثبيتي وفنان العرب محمد عبده، واستثمر الفرصة للتعريف بحقوق الملكية الفكرية. وقال السويلم في تصريحات تلفزيونية خلال استضافته في برنامج "في الصورة" مع مقدمه الإعلامي عبدالله المديفر، الذي يبث على قناة روتانا خليجية، "إنه في حال نشب خلاف حول حقوق غناء قصيدة "بوابة الريح"، فإن هناك محاكم مختصة للنظر في هذه الأمور"، مضيفا أن "الحقوق واضحة تماما بالنسبة إلى قصيدة "بوابة الريح"، لأن الحقوق مضمونة لصاحبها في حياته، وتورث بعد وفاته وتبقى حقوقه مصونة لمدة 50 عاما، وورثة الشاعر الراحل محمد الثبيتي لهم الحق في الأغنية، لأنه لم تمر على وفاة الشاعر 50 عاما". وتابع أن "صاحب الحق هو من ينادي بحقه ويحدد المدعي عليه، بذهابه إلى الجهات المختصة، والورثة في هذه الحالة هم من يحددون المدعي عليه سواء كان مطربا أم ملحنا أم ناشرا، ولا يلزمهم النظام بمدعى عليه معين"، مشيرا إلى أن حق المؤلف له طريقتان للتعامل، الأولى الاستخدام العادل ويمكن قبوله، والثاني التأكيد على حق المؤلف ومنع استغلال حقه إلا باستثناءات. وفي المدرسة أو الطريقة الأولى يتعامل مع سبب استخدام الحقوق دون استئذان، ويمكن قبول استخدام هذا الحق بطريقة عادلة، مثل استخدامه في التعليم، وضرب مثلا على انتهاك حقوق الملكية للوحة فنية غير منشورة سابقا، وتصويرها وبث صورها على منصات التواصل الاجتماعي، مبينا أن الضرر الواقع هنا كبير على صاحب اللوحة، كما أشار في حديثه إلى أن الكم والكيف يلعبان دورا في قضايا حقوق الملكية الفكرية، فمثلا لو انتهك أحدهم حقوق الملكية الفكرية لكتاب مكون من 400 صفحة، ونشر ملخصا له من ثماني صفحات فقط، فإن الضرر الواقع هنا كبير وإن كانت مجرد ثماني صفحات، لأن من يقرؤها سيستغني عن قراءة الكتاب، وحرم المؤلف من مبيعات كتابه. وتبني المحكمة المختصة قراراتها في مجال حقوق الملكية الفكرية بناء على ما سبق من استخدام عادل ودوافعه، وكمه وكيفه، والضرر الواقع، كما تنظر المحاكم عادة إلى الربح المادي المتحقق من انتهاك حقوق المؤلف الأصلي، ومقدار الربح المادي، وتقدر المحكمة حجم التعويض المستحق لصاحب الحقوق استنادا إلى كل العوامل السابقة، وتغريمه كعقوبة إضافية. نظام عميق أنظمة حماية الملكية الفكرية في المملكة ليست وليدة، إنما عميقة بدأت منذ وقت مبكر، وصدر أول نظام للملكية الفكرية بعد توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بستة أعوام، إذ صدر في منتصف الخمسينيات نظام العلامات الفارقة، وهو ما يسمى اليوم بنظام العلامات التجارية. وشهدت المحاكم السعودية قضايا شهيرة في مجال الملكية الفكرية، منها الحكم على داعية شهير في قضيتي سرقة أدبية لكتابين، حكم عليه في الأولى بدفع 330 ألف ريال، منها 30 ألفا غرامة، وفي الثانية أدين وحكم عليه بدفع 150 ألف ريال، منها كذلك 30 ألفا غرامة. وكانت هيئة الملكية الفكرية قد نشرت عبر حسابها الرسمي على "تويتر" خمسة أخبار خلال الـ30 يوما الماضية، تكشف العقوبات التي أوقعت بمنتهكي حقوق الملكية الفكرية، منها اعتداء مؤسسة على تصاميم إبداعية مملوكة لشركة، باستخدامها دون الحصول على إذن بذلك، وصدر قرار قضائي بتعويض الشركة ماليا بمبلغ 59 ألف ريال، وغرامة مالية 89 ألفا، ومصادرة جميع التصاميم محل الدعوى وإتلافها، وقصة ثانية بانتهاك مؤسسة تصاميم إبداعية لشركة إعلامية، والحكم بتعويض المتضررين بـ22 ألف ريال وغرامة 43 ألفا، ومصادرة وإتلاف المضبوطات. كما نشرت خبرا حول اعتداء فرد على المصنف الأدبي لورثة، والتعديل عليه، ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي دون الحصول على إذن بذلك، وإلزام بتعويض الورثة بمبلغ 27 ألف ريال، وتغريمه ثلاثة آلاف ريال، وإلزام الفرد بإزالة المصنف الأدبي محل الدعوى، إلى جانب خبرين حول اعتداء مؤسسة على صورة من تصوير فرد مع إزالة اسمه منها ونشرها دون الحصول على إذن باستخدامها، والحكم بتعويض المصور بعشرة آلاف ريال وغرامة 60 ألف ريال وحذف وإزالة الصورة محل المخالفة، وخبرا آخر حول اعتداء شركة إعلامية على مصنف مرئي لفرد ووضعه في إعلان دون إذن، وتعويض المتضرر بـ30 ألف ريال وتغريم الشركة خمسة آلاف ريال، وحذف المقطع محل الدعوى.
مشاركة :