انتصرت النيابة العامة الكويتية لحرية الصحافة والرأي بعد أن قررت حفظ الشكوى المقدمة من النائب الأسبق مبارك الدويلة ضد إحدى الصحف، التي نشرت تفاصيل القبض عليه والتحقيق معه في قضية «تسريبات خيمة القذافي»، واستبعدت النيابة العامة مظنة الإساءة إلى الشاكي، مؤكدة في مذكرتها، «أن حرية الصحافة والإعلام من صور حرية الرأي والتعبير الأكثر أهمية والأبلغ أثرا التي كفلها الدستور وشددت النيابة في القرار، الذي نشرت صحيفة القبس حيثياته، على أن حرية الصحافة يؤمَّن من خلالها أفضل الفرص التي تكفل تدفق الآراء والأنباء والأحداث والأفكار ونقلها إلى القطاع الأعرض من الجمهور، ويتوخى دوماً أن تكرَّس بالصحافة قيم جوهرية يتصدرها أن يكون النقاش العام الذي يدور فوق منابرها بديلاً عن الصمت أو الهمهمة أو الانغلاق أو التسلط، ونافذة لإطلاع الجمهور على الحقائق التي لا يجوز حجبها أو تشويهها، ومدخلاً لتعميق معلوماتهم من دون طمس أو تلون أو مُخاتلة في عصر أُذن لاحتكار المعلومات فيه بالزوال واستحال الحجر عليها بعد أن تنوعت مصادرها بتغول وسائل التواصل الاجتماعي وتنوع منابرها وسوء طوية بعضها.أوضحت النيابة ان المعرفة الصادقة باتت مطلباً ضرورياً، وغدت حرية الأفراد في التعبير واستقصاء الخبر أمرا لازما لتكفل لهم منابع من الآراء والمعلومات والأخبار، ودوراً فاعلاً في التعبير عن الآراء التي يُؤمن بها ويحقق بها تكامل شخصيته ولتؤتي أُكُلها في بناء قيم الفرد والجماعة وتأكيد الهوية الوطنية. وبينت النيابة أنه تكريساً لحرية الصحافة والإعلام أُطلقت القوانين قدراتها في مجال التعبير ليظل عطاؤها متدفقاً تتصل روافده دونما انقطاع، فلا تكون القيود جائرة على الكلمة أو التلويح بالعقوبات إلا عدواناً على رسالتها وتوطئة لانفراط عقدها ومدخلاً للوصاية والافتئات والطغيان وإيذاناً بنكوص الحرية وتقهقرها.وتطرقت النيابة إلى وضع التشريعات المقررة، وقالت: ولئن كانت القوانين الجزائية والاعتبارات الأخلاقية - والاجتماعية - قد أجازت فرض ضوابط محدودة، فإن ذلك لا يكون إلا في اليسير من الأحوال، وبما يكفل عدم تجاوز هذه الحرية لأطرها الدستورية ويضمن عدم إخلالها بما اعتبره الدستور من مقومات المجتمع ومساساً بما تضمنه من حقوق وحريات وواجبات عامة؛ وأصبح الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني جميعاً مطالبين - في نشر أفكارهم وآرائهم وإبداعهم - بمراعاة هذه القيم الدستورية والأخلاقية والاجتماعية فلا ينحرفون عنها، ولا يتناقضون معها، وإلا غدت حرية الرأي والتعبير فوضى لا عاصم من جموحها أو عصفها بثوابت المجتمع وقيمه وتقاليده.وقالت النيابة العامة في قرارها انه يجب التأكيد على أن انتقاد السياسيين والناشطين في الحقل العام مهما جَفَتْ لغته أو اشتدت مُفرداته أو قست مضامينه، يظل مُتمتعاً بالحماية التي كفلها الدستور لحرية الرأي والتعبير والصحافة دون مَهَابة أعْيُن مُترصدة أو هَيْعَة رقيب مسنُون؛ إذ لا يجوز الافتراض أن كل كلمة أو عبارة وردت في الخبر الطعين قُصد منها المساس بكرامة الشاكي مبارك فهد الدويلة أو أن سُوء النية قد مازجها وانتوت العبث بسمعته؛ ولا يليق رصد كل لفظ والارتياب من كل كلمة وتقييمها مُنفصلة عن سياق الخبر بمقاييس صارمة، ولا يلزم أن تكون العبارات المنشورة مُتطابقة مع الوقائع كل التطابق حتى تنأى عن العقاب متى كانت تُدانيها في المعاني وتخلو من الافتراء أو التلفيق.
مشاركة :