استمر الاقتصاد الأميركي بالانتعاش لكنه يبقى دون مستويات ما قبل الجائحة وينبغي الانتظار حتى 2023 ليقترب معدل البطالة من ذلك المسجل قبل الأزمة على ما توقعه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء. وبات المصرف المركزي الأميركي يتوقع انكماشاً في إجمالي الناتج المحلي 2.4% هذه السنة قبل تسجيل نمو 4.2% في 2021 و3.2% في 2022. وفي سبتمبر كان يتوقع تراجعاً بنسبة 3.7% في 2020 وارتفاعاً بنسبة 4% العام المقبل و3% في 2022. وعلى صعيد العمالة، توقع الاحتياطي الفيدرالي تراجعاً في معدل البطالة إلى 6.7 % هذه السنة (في مقابل 7.6% في توقعات السابقة) قبل أن ينخفض إلى 5% العام المقبل و4.2% في 2022. وأتت هذه التوقعات الأكثر تفاؤلاً في وقت يبدو فيه أن الديموقراطيين والجمهوريين دخلوا في المرحلة الأخيرة لمفاوضاتهم الطويلة في الكونغرس حول خطة المساعدات الاقتصادية الجديدة. وحذر الاحتياطي الفيدرالي في بيان صدر في ختام اجتماع لجنته النقدية استمر يومين من أن «وتيرة الاقتصاد ترتبط بشكل كبير بتطور» جائحة «كوفيد-19». وأضاف أن الأزمة الصحية الراهنة لا تزال تثقل كاهل النشاط الاقتصادي و«تطرح مخاطر كبيرة على المدى المتوسط». واختتم الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه الأخير في 2020 وفي ظل إدارة دونالد ترامب، من دون أي تغيير في نسب الفائدة. ووعد «باستخدام كل الأدوات المتاحة لدعم الاقتصاد في هذه الأوقات العصيبة». وغرق أكبر اقتصاد في العالم الذي كان في وضع جيد مطلع العام 2020 في ركود خلال الربيع بسبب جائحة «كوفيد-19». ورغم تحسن التوقعات، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تحسن سوق العمل «أبطأ» في الربع الأخير من السنة بسبب تفشي الوباء مجدداً. وقال خلال مؤتمر صحافي «يبقى من الصعب تحديد التبعات الاقتصادية للقاح» لأن تحقيق المناعة والجماعية يحتاج إلى أشهر فيما يتوقع أن يكن الشتاء قاسياً، فقد أودى «كوفيد-19» بحياة 300 ألف شخص في الولايات المتحدة، وشدد باول على أن انتشار الفيروس مجدداً في الولايات المتحدة والخارج «مقلق». وشدد جيروم باول على ضرورة اعتماد خطة انعاش جديدة مؤكداً مع «توقف مخصصات البطالة ورفع تجميد طرد المستأجرين وانتشار الفيروس، ستحتاج الأسر والشركات إلى دعم». ويواجه أكثر من 12 مليون أميركي عاطل عن العمل ومن دون مداخيل، احتمال توقف المساعدات الحكومية لهم غداة عيد الميلاد مع انتهاء صلاحية الإجراءات الواردة في خطة الانعاش الأولى البالغة قيمتها 2200 مليار والتي أقرت في الربيع الماضي. وتواجه آلاف الشركات الصغيرة صعوبات كبيرة مع القيود الجديدة المفروضة في إطار مكافحة «كوفيد-19». وتتجه الأنظار الآن نحو الكونغرس حيث قد يتمكن الجمهوريون والديموقراطيون أخيراً من الاتفاق على خطة انعاش جديدة مرتقبة جداً من الشركات الصغيرة والمتوسطة ومن الأسر الأميركية. وعرضت مجموعة صغيرة من أعضاء البرلمان اقتراحاً بقيمة 908 مليارات الاثنين ما أنعش التفاؤل بعد أشهر من مباحثات لم تفض إلى نتيجة، وتجرى مفاوضات ماراتونية لإقرار النص قبل نهاية الأسبوع الحالي. وقال الرئيس المنتخب جو بايدن الأربعاء يبدو أن أعضاء الكونغرس قريبون جداً من اتفاق، وهو كان شدد سابقاً إلى ضرورة التوصل إلى تسوية. وأضاف «يبدو أنه ستتوافر مساعدات مباشرة» على شكل شيكات تصل إلى الأسر كما حصل في الربيع. وأبدى مسؤولون في مجلس الشيوخ تفاؤلهم بعد أشهر طويلة من المباحثات والضغوط من أوساط الأعمال والنقابات. ويتضمن العرض تمديد مساعدات البطالة وإجراءات لمنع عمليات طرد المستأجرين وقروضاً جديدة للشركات الصغيرة فضلاً عن أموال مخصصة للمساعدة الغذائية. أما الاستهلاك الذي انهار في مارس وأبريل فعاد ليرتفع بفضل خطة الانعاش المعتمدة في الربيع، إلا أنه تراجع مع انتهاء مدة المساعدة. وتبدو تبعات الأزمة الناجمة عن «كوفيد-19» جلية مقارنة بنوفمبر 2019، فقد ارتفعت عائدات مبيعات المفرق عبر الانترنت 29.2% في حين أن مبيعات الحانات والمطاعم تراجعت 17.2%. ومن أجل دعم الاقتصاد يشتري الاحتياطي الفيدرالي راهناً أصولاً بقيمة 120 مليار دولار شهرياً، 80 ملياراً على شكل سندات خزينة و40 ملياراً على شكل منتجات مالية مرتبطة بقروض عقارية.
مشاركة :