معدلات الجوع ترتفع مع التأثيرات السلبية للتغير المناخي

  • 12/17/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بنهاية العام الحالي سيصل عدد الذين يعانون الجوع في العالم إلى 270 مليون إنسان بحسب تقديرات برنامج الغذاء العالمي، في حين أن هذا الرقم كان 149 مليون شخص قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد. يعني ذلك أن العالم يتجه نحو أوقات عصيبة في ضوء زيادة معدلات الجوع مع التأثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي والزيادة المطردة لعدد سكان كوكب الأرض، بحسب وكالة "بلومبيرج" للأنباء. ووفقا لتوقعات الأمم المتحدة، فإن عدد سكان العالم سيصل إلى 9.7 مليار نسمة بحلول 2050، وهو العام الذي يفترض أن يصل فيه عدد متزايد من دول العالم إلى معدل صفر انبعاثات غازية لمواجهة ظاهرة التغير المناخي. وسيتجاوز عدد السكان حاجز الـ 11 مليار نسمة بحلول 2100، فيما ستدفع الضغوط من أجل زيادة إنتاج الغذاء أو حتى لتحقيق مكاسب أكبر من الزراعة، عديدا من الدول إلى إزالة مساحات واسعة من الغابات والمستنقعات لإقامة المزارع. ووفقا لـ"الألمانية" تتجه دول إلى تحويل المياه العذبة الشحيحة إلى الصحراء لاستخدامها في زراعتها، فهل هذه الإجراءات ضرورية؟ وهل يمكن زيادة إمدادات الغذاء، مع حماية الموارد البرية النادرة؟ من ناحيتها نفذت خدمة "بلومبيرج جرين" المتخصصة في أخبار وموضوعات البيئة والمناخ، تجربة فكرية، ففي ضوء عدد سكان الأرض والكمية، التي يستهلكها كل شخص في المتوسط، هل يمكن تغذية كل السكان باستخدام البنية التحتية الزراعية الموجودة نفسها؟ كانت الإجابة هي نعم. ومن الناحية النظرية يمكن القول إنه يمكن توفير الغذاء لضعف سكان الأرض دون الحاجة إلى إزالة فدان واحد من الغابات، وبحسب تقرير خدمة "بلومبيرج جرين"، فإن عدد سكان الأرض حاليا يبلغ 7.8 مليار نسمة وكل إنسان يأكل يوميا نحو 1.4 كيلوجرام من الأغذية في المتوسط دون حساب المياه، وهذا يعني أننا نحتاج إلى نحو 3.7 مليار طن من الأغذية سنويا لإطعام كل البشر. وفي الوقت نفسه، ينتج العالم في اللحظة الراهنة نحو أربعة مليارات طن من الغذاء سنويا، لكن يتم إهدار نحو 1.3 مليار طن منها كمخلفات، بحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). وأشارت دراسة دولية أجراها باحثون من جامعة أدنبرة البريطانية، إلى أن كمية المهدر من الغذاء في العالم تزيد على 1.4 مليار طن، وهو ما يعني أن نحو 44 في المائة، من الإنتاج الزراعي للعالم لا يستهلك، وتهدر الدول النامية كميات من الغذاء تعادل تلك، التي تهدرها الدول المتقدمة، مع اختلاف طريقة الإهدار. وفي الدول الغنية يحدث أكثر من 40 في المائة، من الإهدار في متاجر التجزئة وعلى مستوى المستهلكين، وعلى الرغم من أن البعض يحاول تقليل الهدر من خلال تحويل مواد البقالة، التي اقتربت نهاية صلاحيتها إلى الفقراء، فإن قواعد السلامة لا تترك أمام المطاعم خيارات كثيرة غير التخلص من الأغذية المشكوك في صلاحيتها. ولكن في الدول الأفقر، حيث يكون المهدر من جانب المستهلكين أقل، تقدر الأمم المتحدة نسبة المحصول المهدر خلال عمليات النقل من الحقول إلى المتاجر بنحو 40 في المائة. وفي الهند على سبيل المثال يحدث الجزء الأكبر من الهدر أثناء عملية الحصاد نفسها، كما أن الخضراوات الطازجة تتلف أثناء نقلها من الحقول، إلى السوق بسبب تأخير عملية النقل ونقص وسائل النقل المبرد. وتقول دراسة لمؤسسة إيسري للمعلومات الجغرافية، إنه إذا وضعنا في الحساب الهدر المحتمل نتيجة سوء استخدام الأراضي الزراعية، فإن بين 30 و50 في المائة، فقط من الإنتاج الزراعي في العالم هو ما يصل إلى معدة الناس. والحقيقة أنه يمكن زيادة إنتاج العالم من الغذاء من خلال تحسين كفاءة استخدام الأراضي الزراعية المتاحة بالفعل دون الحاجة إلى إضافة مساحات جديدة إلى القطاع الزراعي، وذلك من خلال التوسع في استخدام الميكنة الزراعية وتحسين سلالات المحاصيل وتطوير أنظمة الري. وفي الوقت نفسه، فإنه لا يمكن تجنب بعض الهدر ونقص الكفاءة وبخاصة الناجمة عن ضعف المحاصيل، والحشرات والطقس السيئ والصعوبات اللوجستية، وهي مجرد وظائف في نظام غير كفء. لكن في العالم المثالي، ومع استخدام تقديرات إيسري إلى جانب تقديرات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات بشأن الهدر الغذائي، فإنه يمكن توفير تسعة مليارات طن من الغذاء للعالم سنويا، بما يعادل 2.4 مرة ما يحتاج إليه العالم سنويا لإطعام كل سكان الكوكب حاليا، كما يمكن زيادة الإمدادات الغذائية في العالم دون الاعتماد على تحسين الكفاءة أو تقليل المهدر. ووفقا لبحث أشارت إليه الأمم المتحدة، يمكن استعادة خصوبة 2.2 مليار فدان من الأراضي الزراعية المتدهورة من خلال الاستخدام الرشيد للأسمدة والري. كما يمكن استخدام بعض هذه الأراضي لإعادة نمو الأحراش، والبيئة الطبيعية، ومع ذلك، فإن المساحة المتبقية ستكفي لإنتاج نحو 500 مليون طن من الغذاء سنويا. ويمكن أن يساعد تحسين عادات الأكل في توفير الغذاء للجوعى في العالم، ففي إيطاليا أشارت الأبحاث إلى أنه يتم استهلاك ما يصل إلى 140 مليون طن من الطعام دون حاجة إليه، وهي كمية تكفي لإطعام أكثر من 270 ألف شخص سنويا. كما أن تناول هذه الكميات الفائضة من الغذاء، يؤدي إلى السمنة والمشكلات الصحية المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني، وبالطبع فإن توجيه هذه الكميات من الطعام إلى الذين يعانون نقصه سيكون عملية معقدة للغاية. وأخيرا، فإن أي مزيج من كل هذه الأفكار والخطوات، التي تناولها التقرير يمكن أن تحقق للعالم إنتاجا من الغذاء يزيد على 7.4 مليار طن سنويا بما يكفي لإطعام نحو 16 مليار نسمة أي نحو ضعف عدد سكان الأرض الآن، دون الحاجة إلى أي تعديات جديدة على البيئة الطبيعية.

مشاركة :