يمثل الوجه البارز في المجتمع المدني التركي المسجون عثمان كافالا الجمعة أمام محكمة في اسطنبول بتهم تقول جماعات حقوقية إنها تندرج في إطار جهود الرئيس رجب طيب إردوغان لقمع المعارضة.وتأتي محاكمة كافالا البالغ من العمر 63 عاما في وقت تدرس المحكمة الدستورية ما إذا كان توقيفه، المستمر من دون إدانة منذ أكثر من ثلاث سنوات، قانونيا.كذلك يحاكم الأكاديمي الأميركي هنري باركي غيابيا إلى جانب كافالا في قضية مرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة ضد إردوغان في العام 2016.وتعتبر جماعات حقوقية أن قضية كافالا مؤشر على وضع حرية التعبير في عهد إردوغان الذي حكم تركيا كرئيس للوزراء ومن ثم رئيسا للبلاد منذ العام 2003.ووصف الرئيس التركي كافالا بأنه “ممثل سوروس في تركيا” بعد أيام قليلة من توقيفه للمرة الاولى في مطار أتاتورك القديم في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2017.وكان رجل الأعمال الباريسي المولد، عضوا مؤسسا لمنظمة “أوبن سوسايتي فاونديشن” التي أسسها جورج سوروس في تركيا، كما ترأس مجموعة تعمل على تعزيز العلاقات بين الثقافات المختلفة من خلال الفنون.وبقي كافالا في السجن رغم تبرئته في شباط/فبراير في إطار التظاهرات التي اندلعت العام 2013 للاحتجاج على الهدم المزمع لمتنزه في اسطنبول، وشكلت أول تحدٍ جدي لحكم إردوغان.وأعيد توقيفه قبل أن يتمكن من مغادرة قاعة المحكمة بتهم جديدة بالتجسس ومحاولة الإطاحة بالنظام الدستوري في عملية الانقلاب الفاشلة العام 2016.ودعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى “الإفراج الفوري عن كافالا” للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2019.- تكهنات حول الإفراج -ويأتي مثوله أمام المحكمة الجمعة وسط تكهنات بشأن تخفيف محتمل للضغط السياسي والقانوني المفروض على خصوم إردوغان القديمين.وأضطر إردوغان الشهر الماضي إلى التخلي عن صهره الذي كان يتمتع بنفوذ كبير وكان ينظر إليه على أنه ثاني أقوى شخصية في تركيا، وتعيين فريق أكثر فعالية لمعالجة المشكلات الاقتصادية المتزايدة في البلاد.ووعد بإطلاق إصلاحات قضائية في الوقت نفسه لاستعادة المستثمرين الأجانب الذين فضّلوا الابتعاد عن تركيا بسبب الوضع الحالي لسيادة القانون فيها.ودفع التغيير المفاجئ في اللهجة نائب رئيس الوزراء السابق وحليف إردوغان بولنت أرينتش، إلى القول في مقابلة تلفزيونية إنه “مصدوم بحقيقة أن (كافالا) لا يزال قيد الاحتجاز”.لكن إردوغان نأى بنفسه عن التعليقات بعد بضعة أيام، واضطر أرينتش إلى الاستقالة من الهيئة الاستشارية للرئيس نتيجة لذلك.كذلك، يعلق أنصار كافالا آمالهم على جلسة استماع للمحكمة الدستورية بشأن التماس تقدّم به للمطالبة بالإفراج الفوري عنه. ولا يزال موعد إعلان الحكم غير واضح.وقال المحامي في مجال حقوق الإنسان كريم التيبارماك “لن أفاجأ إذا قررت المحكمة الدستورية الإفراج عن كافالا”.وأضاف “استراتيجية الحكومة تقوم على القول +أنا لم أفرج عنه... شخص آخر قام بذلك”.- أكاديمي أميركي -وفي حال إدانته بتهمة محاولة قلب النظام الدستوري، سيحكم على كافالا بالسجن مدى الحياة. وتحمل تهمة التجسس عقوبة بالسجن 20 عاما إضافيا.ويجري النظر في قضيته إلى جانب قضية الأكاديمي الأميركي المولود في تركيا هنري باركي، وهو عضو سابق في فريق وضع السياسات في وزارة الخارجية الأميركية ويعيش في الولايات المتحدة ويحاكم غيابيا.وتستند الاتهامات ضد باركي إلى مؤتمر نظمه بشأن إيران في فندق على جزيرة قبالة اسطنبول تزامنا مع محاولة الانقلاب العام 2016.وتقول لائحة الاتهام إن باركي استخدم المؤتمر كغطاء لتنسيق الانقلاب مع كافالا.وتضمنت لائحة الاتهام أيضا بيانات من أجهزة هواتف محمولة حددت موقعه وكافالا في أحياء اسطنبول نفسها في الوقت ذاته.ويشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى أن مثل هذه البيانات ليست ذات صلة وسبق أن قضت المحكمة الدستورية بعدم قبولها.ووصف باركي التهم الموجهة إليه بأنها “مهزلة من الدرجة الأولى”.وقال لوكالة فرانس برس في بيان أرسله من الولايات المتحدة “ليس لديهم أي دليل ضدي ولا يمكن أن يكون لديهم واحد، لذلك فهم يختلقون” الأمر برمته.
مشاركة :