قيود السفر بسبب جائحة كورونا استهدفت الأزواج والعائلات. وفي الوقت الذي لا يعرف فيه البعض متى سيرى أحباءه من جديد، يفرح البعض الآخر متمنيا حدوث معجزة في فترة أعياد الميلاد ورأس السنة. صورة رمزية لن يدوم الأمر أكثر من ثلاثة أشهر. هذه الفكرة كانت تراود فليكس أوربازيك وشريكة حياته عندما ودعا بعضهما البعض في فبراير/ شباط في مطار دوسلدورف. "في ذلك الوقت روجنا لنكت حول الفيروس في الصين"، يقول أوربازيك. وصديقته "أبريل" البالغة من العمر 25 عاما من سيدني صعدت إلى الطائرة في اتجاه استراليا. وهي تعتزم العودة إلى المانيا في أوائل الصيف. ومنذ سنتين تربط الاثنين علاقة صداقة. "كنا ننوي الانطلاق وبناء حياة مشتركة"، كما يحكي مهندس البرمجيات البالغ من العمر 27 عاما. لكن الفيروس انتشر في كافة العالم. وفي الشهور الأولى كان الزوجان يتفهمان الحدود المغلقة وحظر السفر. "كان واضحا بالنسبة إلينا أننا لن نرى بعضنا البعض لفترة من الزمن"، يحكي أوربازيك الحب ليس سياحة وفي الصيف انفرج وضع العدوى في كثير من بلدان أوروبا. وهذه هي اللحظة التي يعتمد عليها فليكس أوربازيك وصديقته. "فكرنا للحظة كيف يمكن للبعض أن يسافروا خلال عطلة الصيف، ولا يمكن لنا أن نرى بعضنا من جديد؟" وهذا السؤال يطرحه أيضا آلاف الأفراد غير المتزوجين الذين يعيش زوج عندهم في بلد خارج الاتحاد الأوروبي والآخر داخل الاتحاد الأوروبي. وتحت هاشتاغ "الحب ليس سياحة" LovelsNotTourism يطالب عشاق في الإنترنت بتخفيف عالمي لقيود السفر للأفراد غير المتزوجين. وحتى فليكس أوربازيك ينشط ويؤسس في شهر حزيران/ يونيو موقعا على الإنترنت يمكن الأزواج من التبادل فيما يخص قوانين السفر وتوقيع التماسات. كورونا يؤثر على حياة الأفراد غير المتزوجين الزوجان يأملان في عرس قريب وبعدها بقليل تحققت نجاحات أولى، فبعض البلدان الأوروبية وكذلك ألمانيا قامت بتخفيف قيود السفر للأفراد غير المتزوجين. "هذا غمرني بالطبع بسرور كبير"، يقول أوربازيك الذي أوضح أن هذا لم ينفع في شيء، لأن صديقته أبريل كان يحق لها السفر إلى ألمانيا، ولكن ليس مسموح لها مغادرة وطنها، لأن حكومة أستراليا تتبع استراتيجية العزلة. وهناك حاجة إلى تراخيض خاصة للدخول والمغادرة. وجد فليكس أوربازيك وشريكته أبريل بعد شهور من التخطيط والاتصالات بالمؤسسات طريقا للم الشمل. وإذا ما نجح كل شيء ستسافر أبريل في يناير إلى ألمانيا. "فور حصولنا على الإمكانية سنقف أمام البلدية لإتمام الزواج"، يؤكد فليكس أوربازيك. حالة الطوارئ بالنسبة إلى العائلات الثنائية القومية بالنسبة إلى الأفراد غير المتزوجين بات التلاقي في الأثناء أسهل، لكن لدى العائلات التي تعيش موزعة على حدود البلدان يكون الأمر مختلفا. "هذا غير عادل"، تقول فرانسيس فرانكا تيبو. "أزواج يعيشون معا ربما منذ ستة أشهر يحق لهم السفر. لكن أمي لا يحق لها زيارة بنتها وحفيدها". وفرانسيس فرانكا تيبو برازيلية وتعيش منذ 11 سنة مع زوجها وولدها في ألمانيا. فهي تعمل رئيسة للقسم البرازيلي في مؤسسة دويتشه فيله. ووالدتها تعيش في مدينة فلوريانوبوليس التي تبعد بنحو 700 كلم جنوبي ساوباولو. وفي الحقيقة كان مبرمجا أن تأتي والدة فرانكا تيبو في مايو/ أيار إلى ألمانيا وتتولى رعاية الحفيد الذي عمره سنة. وبطاقة الطائرة كانت محجوزة، لكن جائحة كورونا بعثرت كل الأوراق بالنسبة إلى العائلة. وفرانسيس فرانكا تيبو مؤيدة للإجراءات المتخذة ضد فيروس كورونا، لكن لا يمكن لها أن تتفهم كيف يمكن لمجموعات سياح السفر في الصيف إلى مايوركا وكرواتيا في الوقت الذي يُرفض لوالدتها السفر إلى ألمانيا. "والدتي سبق وأن أصيبت بالتهاب رئوي في حياتها وهي بالتالي حذرة وتبقى في البيت"، تقول فرانسيس فرانكا تيبو. "كان بإمكاني ضمان أنها ستعيش منعزلة عندنا. وليس هناك سبب لعدم السماح بالسفر. فوالدتي ستكون أقل خطرا بالنسبة إلى سلسلة عدوى من غالبية الأوروبيين". "كورونا لم يتعب" ومنذ الصيف ازدادت حالات الإصابة بفيروس كورونا في كثير من البلدان الأوروبية ـ وكذلك في ألمانيا ـ واحتفال مشترك بعيد الميلاد مع الوالدين يُلغى بالنسبة إلى عائلة فرانكا تيبو. "الخطر جد مرتفع"، تقول الصحفية. "الناس سئموا ربما من كورونا، لكن كورونا لم يتعب". وهي تحاول حسب الظروف المتاحة ربط الاتصال مع والدتها عبر الإنترنت. "نحن نتكلم يوميا عبر تقنية واتس آب ونجري مكالمات أسبوعية عبر الفيديو حتى لا تشعر بأنها لوحدها". انتهاز الفرصة لإتمام الزواج قبل أن يبعثر كورونا كل الحسابات وحتى فلاديمير يعلم كيف هو الوضع عندما يعيش الشخص منفصلا عن العائلة. فالصحفي ينحدر من روسيا ويقيم في برلين. وشقيقة فلاديمير تعيش في جنوب إسبانيا ووالدته في سانت بطرسبرغ في شمال غرب روسيا. "بالنسبة إلي بدأ كل شيء في الـ 15 من مارس/ ىذار. العالم انهار"، يحكي فلاديمير لدويتشه فيله. وفي هذا اليوم طار من جزيرة لانثاروتي (من جزر الكناري) عبر لندن إلى برلين. وفي المطارات تطرح عليه قوى الأمن الكثير من الأسئلة حول جواز سفره الروسي. من برلين عبر إسطنبول إلى سانت بطرسبرغ وبعدها بقليل توقفت تقريبا تماما حركة الطيران الدولي. وبالنسبة إلى فلاديمير الذي صعد في المتوسط قبل الجائحة في كل أسبوعين إلى الطائرة يتغير كل شيء. وابتداء من نهاية أغسطس/ آب فقط بإمكان فلاديمير التوجه إلى أقربائه إلى سانت بطرسبرغ. لكن ليس من خلال رحلة مباشرة انطلاقا من برلين التي تحتاج إلى ساعتين من الوقت. وعوض ذلك كان عليه التوقف في تركيا حيث تُعرض مجددا منذ أغسطس/ آب رحلات إلى روسيا. وفي روسيا تنطبق منذ بداية الجائحة نفس قوانين النظافة السارية المفعول في ألمانيا. "مع الاختلاف الصغير بأنه لا أحد يلتزم هناك بالقوانين" يقول فلاديمير. وعندما كان يتجول في نهاية الصيف في شوارع البلاد، لم يستخدم أحد الكمامة. "كنت طوال الأسبوع الوحيد الذي يرتدي كمامة". وفي ديسمبر: كانون الأول الجاري يعتزم فلاديمير السفر إلى سانت بطرسبرغ للاحتفال بعيد الميلاد مع أمه. وهذه المرة يطير عبر زوريخ، وقد حجز بطاقة سفر. مريم بنيكه/ م.أ.م
مشاركة :