الأرقام المزعجة التي تشير إليها الإحصاءات وهي تتضاعف كل عام عن ذلك القاتل الخفي، أصبحت حديث المجالس والمنتديات، إذ لا توجد أسرة إلا وأصيب أحد أفرادها بهذا المرض، مرض السرطان الذي ارتبط اسمه بالموت، إذا سمعته يقشعر منه بدنك وترتعش منه أطرافك لفظته مزعجة ولهذا يسمونه الخبيث، ينتشر في الجسد بصمت ولا يفرق بين أحد، نراه في المواد الغذائية المستوردة، وفي العصائر الرديئة، والمياه الملوثة التي ملأت بطوننا، ونجده في الملابس المغشوشة، والعبوات البلاستيكية التي تغزو بلادنا دون رقيب أو حسيب، وسببه أن بلادنا تعتمد على الاستيراد بنسبة 90%، وكم نحن في حاجة إلى تأهيل كوادر وطنية قادرة على التفاعل ضد المخالفين والمقصرين داخل بلادنا. لقد شاع أن أكثر المستورد لدينا مصدر تهديد للصحة ومصدر هدر للمال كما أشارت كثير من الجهات والهيئات، التي تؤكد وجود هذه المواد المسرطنة، بينما الجهات المسؤولة لدينا تنفي، مما جعل المواطن يبحث عن طوق نجاة وهو يخشى من طعامه وشرابه ويتحسس من هوائه ومائه وربما يسأل نفسه مندهشاً: هل من المعقول أن حضارتنا اليوم جنت علينا أكثر مما جنى علينا جهلنا بالأمس؟. مئات الشركات السعودية ومئات الشركات الأجنبية تضخ أنواعاً من الأطعمة والأشربة كشفت الدراسات العملية والأبحاث العلمية خطورتها وعدم مطابقتها المواصفات إما لزيادة معدلات المواد الحافظة أو النكهات أو الصبغات أو اللون وإما لدخول بعض المواد الكيميائية التي يتحوّل معظمها إلى مركبات سرطانية، والأخطر من ذلك دخول مواد محرّمة أو ممنوعة دولياً كتلك التي في بعض أنواع المنظفات والشامبوهات والصبغات والعطور والزيوت، أثبتتها التحاليل العالمية التي وقفت أمامها مختبراتنا قاصرة بسبب ذلك الكم الهائل من المستورد. منظمة الأغذية الدولية ترسل إلى وزارة الصحة نشرات دورية عن المواد التي يثبت ضررها، كما أن نظام المراقبة الأوربي يفرض على كافة مراحل التصنيع في أي بلد معايير صريحة من أجل منع أي خطر للصناعات المستوردة لها. أما تلك المواد المسرطنة أو الفاسدة لدينا أو التي تتلاعب بتواريخ الصلاحية، كما نراها في أسواقنا، فلا نعلم من هو المسؤول الذي سمح بها؟ ولا من هي الجهة المسؤولة التي تتحمل هذا النوع المستورد؟ هل هي الصناعة أم التجارة أم الصحة أم البلديات أم الجمارك والمنافذ؟. جمعية حماية المستهلك -قدس الله روحها- انتهت صلاحيتها منذ زمن، وهيئة المواصفات والمقاييس، والهيئة العامة للغذاء والدواء، تكتفي بالنفي عندما يصرح مصدرها المسؤول! ولعل من آخر طلعاتها ما كان عن حليب الأطفال (الأجنبي)! وبعده قضية الدجاج (المحلية) التي لم يكشفها إلا جيراننا في الدوحة، واكتفينا بالنفي، وكأن دجاجنا لا ينشأ إلا في فندق 5 نجوم، ولا يبيض إلا في المستشفى التخصصي، ولم يعلموا أنا أقمنا له مزايين قبل أسابيع كان فيها سعر الدجاجة الواحدة أغلى من سعر عدد كبير من القعدان!. إن الدراسات والتحاليل أثبتت بلا جدال بأن هناك أكثر من ألف نوع من المواد التي تضاف للأطعمة إن لم تكن السبب الرئيس لذلك المرض الخبيث فلا تخلو تلك المواد من وجود علاقة كبيرة لأمراضنا غير المسرطنة مثل الأمراض الجلدية والعصبية والنفسية والفسيولوجية والعقم والإجهاض وكذلك الفشل الكلوي والتليف الكبدي و وهي أمراض لم نكن نعرفها من قبل وبهذا الكم الهائل الذي عجزت القدرة الاستيعابية في مستشفياتنا عن تحمله. إن المواطن سواءً كان منتجاً أم مستهلكاً نعوّل عليه في كثير من تلك المراحل ونحن في حاجة إلى تطميننا من تلك الأخطار لأن الوقاية خير من العلاج. لقد آلمني ذلك المرض الخبيث عندما قضى على إحدى أخواتي رحمها الله، وكنت أظنه عارضاً ولكنه عندما قضى على زوج شقيقتي الأخرى وهو في ريعان شبابه وأنا أراه يصارع ذلك المرض يرحمه الله، قلت كما كانوا يقولون لو كان ذلك الخبيث رجلاً لأعدمته ولكن بالهيدروجين وفي وسط المحيط حتى لا يبقى له أثر.
مشاركة :