- لقاح "فايزر" يستخدم تقنية حديثة تعتبر فتحاً طبياً. - استمرار فعالية اللقاح يعتمد على مدى تحور الفيروس في المستقبل. - لا يمكن إقناع أصحاب نظرية المؤامرة بمأمونية اللقاحات فهم غير مقتنعين بوجود الفيروس من الأساس. - أوصي الدول الخليجية باعتماد أكثر من لقاح منعاً للاحتكار وتوفيراً للخيارات المختلفة. - أقول للمواطنين: استمروا في الإجراءات الاحترازية حتى بعد تلقي اللقاح. - كورونا بدأ في الزوال.. وأتوقع انتهاء الجائحة في هذا الوقت. - أزمة كورونا عرّت الأنظمة الصحية الغربية. - آن الأوان لبعض الأطباء لدينا لكي يحرصوا على أن يكونوا علماء أيضاً وليسوا ممارسين فقط. حوار/ ياسر نجدي : يكشف بروفيسور الطب التجديدي المشارك بجامعة أوساكا اليابانية الدكتور صفوق الشمري، ،في حواره مع "سبق" عن حقيقة أمان لقاحات كورونا وفعاليتها، ودوافع تلقيه اللقاح فور عرضه عليه. موضحاً عن الإجراء الذي يجب على المجتمع القيام به للتخلص من الجائحة، والعودة إلى الحياة الطبيعية سريعاً، ومحدداً الوقت المتوقع لانتهاء الجائحة. ويرى ضرورة أن توفر الدول الخليجية أكثر من لقاح آمن، حتى لا تقع فريسة للاحتكار، فضلاً عن توفير الخيارات المختلفة للمواطنين والمقيمين. فإلى تفاصيل الحوار: **لقاح "كورونا" هو حديث الساعة ليس داخل السعودية فقط، ولكن في العالم بأسره.. لذا دعنا نطرح السؤال الأبرز.. هل أتلقى لقاح كورونا أم لا؟ - الإجابة ببساطة نعم، هذا هو بداية الطريق لكي يعود العالم لطبيعته، كثير من الناس اشتاق لكي يرجع لحياته الطبيعية، وتواصله مع أهله، وأصدقائه، وأحبته دون أن يسبب لهم أذى، أو يسببوا له ضررًا، واللقاح هو طريقة آمنة، وطريقة الحماية المثلى للمجتمع للعودة. ** اعتمدت المملكة لقاح "فايزر- بيونتيك" للاستخدام.. فما الأسباب؟ وما الذي يميزه عن غيره من اللقاحات الأخرى؟ - لقاح "فايزر" هو أحد الخيارات المهمة للوقاية من المرض، وهو يستخدم تقنية mRNA، وهي تقنية حديثة تعتبر فتحاً طبياً، ولها تطبيقات كبرى ليس في تصنيع اللقاحات فقط، بل أيضاً في مجالات الطب الأخرى. وللتبسيط mRNA هو المرسال الذي يحمل التعليمات من النواة إلى مصنع الخلية، وهذا النوع من اللقاحات يقوم بإدخال مرسال بتعليمات جديدة لمصنع الخلية، فتقوم بتصنيع بروتين الأشواك المماثل لفيروس كوفيد (كورونا)، وذلك من شأنه أن يحفز الجهاز المناعي للجسم بأنه تم رصد بروتين غريب، وتتكون مع الوقت مناعة وذاكرة للجهاز المناعي لهذا النوع من البروتين، فعندما يتعرض الجسم مستقبلاً للفيروس الحقيقي يكون الجهاز المناعي مدربًا وبسرعة يستجيب ويقضي على الفيروس، ونحن نتكلم عن لقاح فعاليته حوالي ٩٥٪ وهذا يعتبر كفاءة عالية جداً في عالم اللقاحات، للمقارنة والتوضيح لقاح فيروس الإنفلونزا الذي يؤخذ تقريباً سنوياً فعاليته حوالي٥٠-٦٠٪ فقط ومع ذلك يأخذه الناس. ** ما هي الأعراض الجانبية المتوقعة للقاح؟ وكيف يمكن التعامل معها؟ وهل يمكنها أن تشكل خطورة؟ - دعنا نتكلم عن لقاحات كوفيد (كورونا) المهمة التي في مراحلها النهائية ككل، فهي مرت على تجارب سريرية على آلاف المرضى وعلى مراحل عدة، وقمنا بمراجعات تقارير ونتائج آلاف الأشخاص المشاركين في هذه التجارب، فحجم العمل خلال الفترة السابقة كان مهولًا، وتمت مراجعة كميات هائلة من المعلومات في كل ما يخص المشتركين في اللقاحات، وكانت التقارير عن أي آثار جانبية حتى لو كانت بسيطة تأتي بشكل فوري لكي نراجعها ونقيمها، وما إذا كان لها علاقة باللقاح أو كانت عرضية. وأستطيع القول إن لقاحات كورونا المقدمة حالياً آمنة ولا يوجد لها آثار جانبية كبرى غير المعتادة في أي لقاحات سبق أن استخدمها الإنسان، أنت تتكلم عن بعض الصداع، والحرارة المؤقتة، وربما التورم الموضعي، والحساسية، والتعامل معها عادة ما يكون بسيطاً وسهلاً. * هل اللقاح دائم المفعول أم مؤقت؟ - نسبة فعالية اللقاحات الحالية لـ(كورونا) عالية جداً مقارنة باللقاحات المعتادة، نحن نتكلم عن نسبة فعالية حوالي ٩٥٪ مثل "فايزر" و"موديرنا"، وأيضاً نتكلم عن فعالية للوقاية من كوفيد للحالات الشديدة حوالي ١٠٠٪، أي إنه حتى النسبة القليلة من المرضى الذين أصيبوا بكوفيد (كورونا) بعد تلقيهم اللقاح فإن اللقاح خفف المرض بشدة ولم يصابوا بحالات شديدة، وهذه المعلومات مستقاة من المصادر الرسمية وتمت مراجعتها بشكل مكثف. بالطبع فاستمرار فعالية اللقاح يعتمد على عوامل عدة؛ منها: مدى تحور الفيروس في المستقبل، وأيضاً مدة بقاء الأجسام المضادة في الجسم، لكن نستطيع القول إن اللقاحات الحالية كافية لكي تعطي مناعة ومدة كافية لطي صفحة وباء كورونا الحالي، وعودة الحياة شبه طبيعية. لا أحد يعلم المستقبل لكن إذا رجعنا للتاريخ القريب لوجدنا أن فيروسات كورونا السابقة اندثرت ولم تعد بقوة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي هي أحد فيروسات كورونا التي ضربت المنطقة سابقاً. * تنتشر الشائعات حول اللقاح، فأين الحقيقة من ذلك؟ - جزء من المشكلة يقع على عاتق بعض الأطباء، والجزء الآخر يقع على من يؤمنون بنظرية المؤامرة. أما بعض الأطباء فصار يفتي بكل شيء من اللقاحات إلى العلاجات، فعلى سبيل المثال تقنية استخدام mRNA تقنية معقدة وجديدة، والذين أعرفهم يجيدونها إجادة تامة في المنطقة ربما يعدون على الأصابع، ومع ذلك تجد كثيرين يفتون باللقاح! مع أننا ندرسها ربما فقط للمختصين في الدراسات العليا المتقدمة.الشيء الآخر، بعض الأطباء ليس لديه إمكانية الوصول لمعلومات اللقاحات والمرضى؛ لأن بعضها تقارير رسمية وسرية؛ لذا فليس لديه كامل الصلاحية للحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية، لذلك تجد البعض ربما يقرأ كم دراسة أونلاين، ويستنبط معلومات ربما غير دقيقة فيصاب الناس العاديون بالحيرة من تضارب المعلومات من بعض الأطباء. أما أصحاب نظرية المؤامرة فصعب إقناعهم، هم لم يقتنعوا بوجود الفيروس أو لا، والبعض كان يعتقد أن الفيروس نفسه مؤامرة.. إلخ، والآن البعض يدعي أن اللقاح مؤامرة.. ربما لا يعرفون الجهد الهائل الذي تم بعيداً عن الأضواء، عمل متواصل ليل نهار حتى في أوقات الإجازات والعطل، اجتماعات واتصالات ونقاشات لآخر ساعات الليل، كل هذا ويجب أن تحافظ على سرية المعلومات، واحترام خصوصية الأشخاص المشاركين في التجارب، وتتطلع على كل تفصيلة صغيرة وكبيرة، ونتائج الفحوصات، وكل هذا الجبل من المعلومات يجب أن تحلله بدقة حتى تتأكد من سلامة وأمان اللقاحات. لكن ببساطة أقول ومن اطلاع على كافة المعطيات والتقارير لأشهر وآلاف الحالات: وصلنا لاستنتاج أن اللقاحات آمنة، ولو لم يكن اللقاح آمناً وسليماً لما كنت أخذته شخصياً، ولما كنت أوصيت به لعائلتي وأصدقائي. * قلت في تغريدة لك: إنك تلقيت أحد اللقاحات المناسبة لك.. فكيف يمكن للأشخاص العاديين غير المتخصصين معرفة اللقاح المناسب لهم؟ - أي لقاح يتم اعتماده في الدولة هو لقاح مناسب للجميع تقريباً، لكن في وضعي كان هناك أكثر من لقاح، وكنت على اطلاع على نتائجها فاخترت أحدها، ولا أستطيع ذكره حتى لا يعتبر تحيزاً للقاح ضد آخر، خصوصاً أننا راجعنا نتائج أكثر من لقاح. كما أوصي الدول الخليجية باعتماد أكثر من لقاح آمن متى ما استوفى الشروط، طبعاً كل دولة لها سيادتها وما تراه مناسباً لها، لكن نصيحتي للجميع اعتماد أكثر من لقاح آمن حتى لا يكون هناك احتكار للقاح معين، وأيضاً حتى يساعد في وفرة اللقاحات إذا وجد أكثر من مصدر للقاحات، وأيضاً اعتماد لقاحات متنوعة تستخدم طرقًا مختلفة لتصنيعها يعطي خيارات متعددة للشخص، ويساعد في الانتشار السريع للقاحات بين السكان، فمثلاً ربما بعض الناس يفضّل لقاحات mRNA والبعض يفضّل الطرق الأخرى في تصنيع اللقاحات فيكون لديه الخيار. عموماً اللقاح اختياري للناس وإن كنت أنصحهم وبشدة بأخذه. * يقول البعض لن أتلقى اللقاح، سأنتظر غيري يأخذه أولاً ولنرى ما سيحدثه معه.. ماذا تقول لهؤلاء؟ - من الذي سيضمن للشخص أنه أثناء فترة الانتظار لن يصاب بكورونا، أو قد يصيب أحد العزيزين عليه بكورونا.. دائماً الوقاية خير من العلاج. وللتوضيح، أغلب الناس أخذوا اللقاحات المعتادة أثناء فترات حياتهم (كارت التطعيمات)، ولم يكن يوجد جائحة أو عدوى لهذه الأمراض أثناء تلقيهم اللقاحات، ولم يكن هناك أي اعتراض يُذكر، والآن لقاح كورونا أكثر فعالية من أكثر اللقاحات المعتادة، وهناك جائحة، وهو يرى بعض المرضى يفقد حياته، وما زال البعض يعترض! أين المنطق في ذلك؟ * ما النسبة التي تستهدفها المملكة من فئات المجتمع للحصول على اللقاح؟ وما النسبة الكافية للقول بنجاح مشروع التطعيم والحصول على المناعة اللازمة؟ - إذا وصلنا نسبة متلقي اللقاح من أفراد المجتمع ٧٠٪، فنكون قد وصلنا إلى بوابة الأمان، ومناعة المجتمع. * ماذا بعد تلقي اللقاح.. هل يمكن للناس العودة لحياتهم الطبيعية؟ - عليهم أن يستمروا في الإجراءات الاحترازية المعتادة، ومع الوقت عندما تنتشر اللقاحات حول العالم سيعود العالم تدريجياً لطبيعته، وأتوقع ربما على الصيف القادم سترجع الحياة شبه طبيعية، وكلما انتشرت اللقاحات أسرع كلما عاد العالم أسرع. نستطيع القول إن ظلام كورونا بدأ يزول، ونرى الآن بداية شروق شمس التحرر من كورونا على الكرة الأرضية. * هل تحمل تلك اللقاحات الخلاص للعالم من "كورونا"؟ ومتى تنتهي الجائحة؟ - نتكلم عن الصيف القادم سيكون العالم أسترجع أغلب عافيته إذا سارت الأمور بانتظام، وكان التوزيع بشكل مكثف، ولم تظهر عراقيل فيما يخص اللقاحات. * كيف ترى وضع النظام الصحي السعودي في الأزمة؟ - الجائحة عرت النظام الصحي الغربي، حتى لو كنت تمتلك أفضل التقنيات والأطباء فهناك فرق بين النظام الصحي ككل الذي يخدم الجميع، وبين بضع مستشفيات هنا وهناك هي على أحدث طراز، ما الفائدة إذا امتلكت أفضل مستشفيات العالم لكن لا تستطيع تقديم الخدمة لكثير من الشعب؟ لأن النظام الصحي مختل، ولا يخدم الجميع، لكن هناك بعض مستشفيات النخبة! وبدون شك أن بطلَي أزمة كورونا في المملكة هما القيادة السعودية الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، أقولها بدون مجاملة ومن خبرة حوالي عقدين من الزمن في الأنظمة الصحية حول العالم في أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا، فأي خبير ملم في النظام الصحي يعرف هذه القاعدة (إذا لم تكن هناك قيادة عليا في البلد تساندك لن تنجح في الأزمة الصحية)، ويعتمد نجاحك واستجابتك في الأزمات الصحية الكبرى على أولويات قيادة البلد، إذا وضعوا صحة الشعب كأولوية وكانوا كرماء في الميزانية الصحية؛ فإنك ستنجح في الأزمة، وهذا ما حدث في المملكة، الملك وولي العهد وضعوا صحة الإنسان أولوية، وفتحوا الميزانية للصحة، وكانت الرعاية الصحية للجميع دون استثناء، وذلك كان درسًا في تطبيق حقوق الإنسان للجميع، وليس كما فعلت بعض الدول الأوروبية. كما أن هناك متابعة مستمرة من القيادة العليا بشكل يومي، فمن أجمل ما حصل في إدارة الأزمة من قرارات هو الموازنة والوسطية بين أنك تضع اشتراطات وقوانين صحية، وفي نفس الوقت توازن بين حاجات الناس والاقتصاد وتفتح المجالات دون أن تؤثر على الوضع الصحي في البلد، هذا التوازن الدقيق هو ما يدل على حكمة القيادة السياسية، فحياة الناس تعتمد على جناحين: الصحة والاقتصاد، فإذا وازنت بينهما دون أن يطغى أحدهما على الآخر، ودون تشدد أو إفراط، فأنت تصل إلى المعادلة السليمة للإبحار بأمان خلال الأزمة، وهذا حرفياً ما حدث في المملكة. * كيف ترى مستقبل توطين صناعة اللقاحات في المملكة؟ الفرص والصعوبات؟ - المملكة سعت لتوطين صناعة الدواء واللقاحات في البلاد، ولا زال أمامنا شوط كبير في صناعة الدواء، ونسبة الصناعة المحلية ما زالت دون الطموح كثيراً، وكان هناك إنشاء مصنع للقاحات في المملكة قبل فترة، لكن أعتقد شخصياً لكي يتقدم الطب في المملكة ويثب وثبة تواكب رؤية ٢٠٣٠، يجب الاستثمار وتوطين التقنيات الحديثة، وهو ما أسميه الأذرع الأربعة لطب المستقبل: العلاج الجيني والهندسة البيولوجية، الطب التجديدي والخلايا الجذعية، الروبوتات الطبية، والذكاء الصناعي الصحي، إذا استطعنا دعم وتحفيز وتوطين هذه الأعمدة الأربعة فنحن سنثب للمستقبل بكل ثقة. * هناك الكثير من الباحثين السعوديين المصنفين كعلماء في المجال الطبي.. لماذا لا نرى إبداعاتهم في هذا المجال؟ - سؤال مهم جداً، للأسف البعض لا يعرف الفرق بين الأطباء الممارسين والعلماء، وليس كل طبيب عالمًا، فالطبيب عادة يطلق عليه MD بينما الطبيب العالم يطلق عليه MD, Ph.D، فلكي تصبح عالماً، فهو مجال مختلف، وعالم آخر له قواعده وقوانينه، ودراساته وشهاداته، وبعض الأطباء ربما لا يتحمس بعد أن يقضي سنوات عديدة في التخصص الإكلينيكي، ولا يريد أن يقضي أيضًا سنوات طويلة أخرى لكي يحصل على الدكتوراه في الأبحاث؛ لأنها تستهلك جهدًا ووقتًا للاثنين، ولم نكن نميز الفرق الهائل إلا عندما دخلنا المجالين. ربما آن الأوان لبعض الأطباء لدينا لكي يحرصوا على أن يكونوا علماء أيضاً وليسوا ممارسين فقط، برغم أن هذا يأخذ مجهوداً مضاعفاً، لكن هذا ما يؤهلهم لكي يبدعوا في مجالات الطب الحديثة، وتقنيات الطب من الجيل الجديد، فعندما يحصل الطبيب على الدكتوراه في الأبحاث فإنه يكون قد تأسس التأسيس الصحيح لكي يبدع مستقبلاً، وعرف أسرار وقواعد المجال لكي يبدأ مشوار الاكتشاف، وكما نحن في الطب الإكلينيكي نحترم التخصص ولا نفتي بما هو خارج تخصصنا، فكذلك الأبحاث الطبية فهو تخصص له قوانينه وقواعده.
مشاركة :