ناهد فران: الشعر ملاذنا حين يأسرنا الصمت

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من الديوان الشعري الأول لها، من وحي النساء، اقتحمت الشاعرة ناهد فران، عالم المرأة الإنسان لتعبر عن معاناة عمرها مئات السنوات حيث أهدرت حقوقها كحضور اجتماعي فاعل وأهملت كعقل مفكر ومنتج. تجربة شعرية تحمل موعظة اجتماعية لاقت صداها في الأوساط الاجتماعية دفعت الشاعرة إلى مواصلة نضالها الأنثوي بالكلمة الشعرية، وتعلنها جهاراً أنها تكتب المرأة... الأم والأخت والزوجة والابنة والصديقة. المرأة في شعرها هي كل النساء مجتمعة. في مجموعتها الشعرية الثانية قبل الرحيل، (عن الدار العربية للعلوم ناشرون)، كان الحيز الأكبر للمرأة العاشقة والأم... للوطن والشهداء وللمرأة وهي تصل لأقصى درجات التضحية معلنة وهب أعضائها بعد الرحيل لتستمر حياة غيرها. تلخص الشاعرة في مقدمة الكتاب فحوى ما تكتب لأجله بالقول: أعود لأخط حكايا النساء... نبض مشاعرهن آلامهن وأفراحهن... لأعبر عن الأحلام التي بعثرتها الليالي والأماني التي توارت عنوة في نفوسِهنّ وبخجلٍ اختبأت خلف قناع القوة في انتظار من يشعر بها... من يرى أعماقها... من يلمس ضعفها ويناديها: أنا هنا لأجلك... حطمي قيدك وجدار صمتك... أصرخي وتناسي جرحك.. أعود لأقدم لكم وحي النساء... علَّ الكلمة تشفي غليل القلوب.. علَّ الإحساس يصل... بهن ولأجلهن. يضمّ الكتاب 130 قصيدة في الشعر العربي الحديث جاءت تحت العناوين التالية، إلى أمي، أنت... يا نصف هذا الكون، أكتب عنهن، دنيا من الألم، لو يعلم، امرأة عفوية، الحب، علمتني عيناك، امرأة عاشقة، ان كنت كذلك، ماذا تفعل بي؟(...) وقصائد أخرى، ولا يخلو الكتاب من قصائد تمتد إلى فضاءات أخرى يحضر فيها الرجل، والأم، والولد، والبنت والوطن. وفي آخر قصيدةً لها نجد الخاتمة التي تحمل العنوان ذاته قبل الرحيل. هي قصيدة حب من الإنسان لأخيه الإنسان... من المرأة التي اعتادت التخلي عن أنانيتها والتعهد بتقديم كل ما تملك لغيرها بما في ذلك جسدها بعد الرحيل، تقول فرّان لأن الرحيل محتوم والنهاية لا بد منها... أردتها دعوة للحياة... لزرع الأمل ووهب الأعضاء لمن يحتاجها... دعوة للعطاء والتضحية.. واخترت هذه القصيدة بالذات لتكون عنوان الكتاب لأنها القصيدة الأحب إليّ. في تناولها موضوع المرأة تحديداً هدفاً، تعلنه قائلة شخصياً، أرى أن حكايا النساء لا آخر لها ومشاعرهن تحتاج لمن يعبر عنها ويكتبها. لمن يقول لهاأنا هنا لأجلك، ولأنني أجد نفسي في قول ما اختبأ في نفوسهن لأجل ذلك كان كتابي الثاني. أمّا ما يميّز كتاباتها، تقول لا أكتب عن المرأة. لأصف جمالها وأنوثتها. فالمرأة ليست بسلعة تباع وتشترى أو زينة وجدت للمتعة. أنا أكتب المرأة... أخط بالشعر نبض مشاعرها آمالها وآلامها أفراحها وأحزانها ذكرياتها وطموحها. أحاول قدر المستطاع ولوج أعماقها وإيصال صوتها للعالم. وعمّا لمسته من ردود فعل إيجابية، بعد إصدار الكتاب الأول، تقول فرّان ما لمسته من النساء تحديدا قولهن بأنه عبّر عن ما في نفوسهن ولم يستطعن قوله، يسعدني جدا قولهن بأنهن يقمن بإهداء ما أكتب للحبيب والزوج والأخ والصديق. عن فائدة دعوة المرأة لإدراك حقوقها ما دامت القوانين مجحفة بحقها؟، تقول فرّان الوعي منارة نحتاجها للسير بالطريق الصحيح وإن كانت القوانين لا تزال مجحفة ولم تعط الحماية الكافية والمطلوبة للنساء، إلا أنها أتت نتيجة للتحركات التي قام بها المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والتي لا تزال مستمرة حتى الآن والدعوة لتوعية المرأة وإدراكها بأنها إنسان فاعل في المجتمع ضرورة لا بد منها. بالنسبة لرأيها بالكتابات النسوية التي تتوجه للمرأة وأثرها؟، تعلّق قائلة أرفض القول بأن هنالك كتابات نسوية. فالكتابات أدب صادر عن الإنسان، سواء كان رجلاً أم أنثى، كما أن الأدب الموجه لفئة دون أخرى ليس فناً. علينا أن نكتب المرأة وعنها ولها ونتوجه بذلك للرجل ليفهمها لكونه شريكاً وليس نداً حليفاً أو عدواً. اختارت فرّان القصيدة الشعرية لمخاطبة المرأة، تقول أعبّر عن المرأة بالشعر وأخاطب بلسانها مجتمعها لأن الشعر مرآة الإنسان تظهر صفاء نفسه وانتماء روحه إلى هذا العالم. الشعر هو الإحساس وقد تجسد بكلمات نطقت بها الأفئدة قبل الأقلام. الشعر ملاذنا حين يأسرنا الصمت فنقف بعجز أمام مشاعرنا ولا نجد سبيلاً للتعبير عنها سوى بالكتابة. عن علاقتها بالكلمة الشعرية، لماذا الشعر وليست الرواية أو القصة؟، تقول فرّان الشعر رصد لمشاعر معينة في لحظة ما... كأنك مصور فوتوغرافي يجذبك المشهد فتسارع لالتقاط الصور له. ومجموع القصائد قد يشكل رصداً لواقع موجود في المجتمع، كما هي حال كتابي الأول وقد لا يكون كذلك. القصة قد تشبه القصيدة في كونها تتحدث عن موقف معين خلال مدة زمنية محددة موقف عاشته شخصية واحدة مثلا بصفحات قليلة... قد تكون القصة هي القصيدة مع تفاصيل أكثر ووصف يتعدى الإيحاء وعادة ما أقوم بكتابة القصة القصيرة إلا أنني لم أنشر أياً منها، أما الرواية فهي سيدة الأدب والملكة على عرش الكلمات من دون منازع، هي عالم كامل ومتكامل من الشخصيات والأحداث المترابطة من الإبداع في الحبكة والقدرة على التشويق والإثارة مما يجعلك تقرأ كل فصل وأنت تفكر بما سيأتي بعده، هي القدرة على الغوص في النفس البشرية وسرد انفعالاتها ووصفها بأدق تفاصيلها بكل ما بها من إيجابيات ومن عقد، أنا شخصياً قارئة نهمة للروايات وككل كاتب حلمي هو كتابة رواية في يوم من الأيام.

مشاركة :