يثبتُ تاريخ منطقة الخليج العربي بالوقائعِ والأدلةِ حُكمَ آل خليفة لكاملِ شبه جزيرة قطر منذُ بداية إنشاء دولة آل خليفة في الزبارة عام 1762م، فقد أسس حكامُ آل خليفة في الزبارة نهضةً تنمويةً شملت جميع مناحي الحياة في إطارِ حكمٍ رشيدٍ ومنهجِ إدارةٍ مدروس، في نموذجٍ رائدٍ راعى الانفتاحَ وقدّم حلولاً لإنهاءِ المشكلات الأمنيةِ من خلالِ فرضِ الأنظمةِ وتطبيقِ القوانينِ بهدفِ تأمينِ الملاحةِ البحرية، وصولاً إلى الالتزامِ بأحكامِ المعاهداتِ والمواثيقِ الدوليةِ على شبهِ جزيرة قطر وجُزر البحرين، ليحوّل كل ذلك الزبارة إلى حاضرةٍ سياسيةٍ مؤثرة، ومركزٍ تجاري مزدهر، وواجهةٍ رئيسةٍ في الخليج العربي يشهد لها بالبنان.وعندَ الحديثِ عن شبهِ جزيرةِ قطر يحضرُ تزويرُ النظامِ القطريّ للتاريخ، فالدوحةُ التي تدّعي أنها تأسست في العام 1878، يغفلُ عنها أنّها تتحدّث عن دولةٍ كانت تمثلُ رمزًا للوحدة الأبديةِ بين شبهِ جزيرةِ قطر وجُزرِ البحرين، وهي حقيقةٌ أكّدها الباحثون والمؤرخون المشاركون في مؤتمرِ «حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر: التاريخ والسيادة» والذي عُقدَ في المنامةِ في يوليو عام 2018، حيث دعوا إلى ضرورة وضع النقاطِ على الحروف من خلالِ اتخاذِ الخطوات الإجرائيةِ والقانونيةِ اللازمةِ لإعادةِ الحقوقِ لأصحابها من أحفادِ المهجّرين قسرًا، نتيجةَ ما حدث من إجراءاتٍ انتقاميةٍ ولا إنسانية، مارسها حكامُ آل ثاني في عام 1937م ضدّ سكانِ وأهالي الزبارة لاسيّما قبيلة النعيم، والتي تمثّلت بالإعتداءِ عليهم وتهجيرهم قسرًا بسببِ ولاءهم لحكمِ آل خليفة، وهو ما يتعارضُ مع الأنظمةِ والقوانينِ الدوليةِ خاصةً تلك المتعلقة بحقوقِ الإنسان. البحرين لن تتخلى يومًا عن الزبارة وفي الوقتِ الذي ترفّعت فيه مملكةُ البحرين عن الدخولِ في صراعاتٍ وخلافات، وعلى الرغمِ من كلّ ما ارتكبه نظام الدوحةِ من تدابيرَ وإجراءاتٍ وممارساتٍ لتغييرِ معالمِ وشواهدِ الزبارة وإزالة الآثارِ والتراثِ الحضاريِ المادي، والذي يمثلُ جريمةً إنسانيةً عالميةً لا تسقطُ بالتقادم، إلا أنّ الزبارة كانت على رأس المطالب التي قدمتها المملكة أمام محكمة العدلِ الدولية، باعتبارها تشكّلُ مع المناطقِ الأخرى امتدادًا أصيلاً من أراضيها الممتدةِ من جُزرِ البحرين إلى شبهِ جزيرةِ قطر، وهي حقٌ تاريخيّ وشرعيّ موثقٌ من كيانِ البحرين السياديّ على تلكَ المنطقة، حيث تشيرُ نتائجُ الدراساتِ والبحوثِ التي أجريت في هذا الشأن إلى أنّ الحدود الجديدة رُسمت وفُرضت بإسنادٍ ودعمٍ أجنبي، لتحقيقِ أهدافٍ تتعلقُ بالسيطرةِ على منابعِ الطاقة.وبعد أكثر من قرنين ونصف من الزمان على إنشاءِ دولةِ آل خليفة في الزبارة عام 1762م، فلن يكون باستطاعة نظامِ الدوحةِ أن يغيِّر طبيعةَ ومعالمَ الزبارة، بأيّ إجراء تعسّفي، ولن يكون كافيًا له تهجير التركيبةِ الديمغرافية لتغيير واقع ومعالم المنطقة، ولن تنفعهُ كل مساعيهِ لاستغلالِ اتفاقيةِ حمايةِ التراثِ العالميّ لإدراجِ الزبارة على أسسٍ مغلوطةٍ ومعلوماتٍ منقوصة، بهدفِ طمسِ وتزويرِ البعدِ التاريخيّ للموقعِ وتغييبِ معالمهِ وعلاقتهِ بالمؤسسين الأوائل من حكامِ آل خليفة. إمعان قطر في تزوير عيدها الوطنيشكّلت هجرةُ آل خليفة إلى الزبارة على الساحلِ الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر علامةً بارزةً في تأسيسِ دولة آل خليفة، بعد مبايعةِ قبائل المنطقةِ لآلِ خليفة الذين حكموا هذه الدولة التي امتدت لتشمل كامل شبه جزيرة قطر وعاصمتها الزبارة، حيث تمثلت مظاهر سيادةِ آل خليفة على شبهِ جزيرة قطر، في آليةِ تعيينِ الولاةِ خاصةً بعد فتحِ جُزر البحرين، وتحوّل العاصمةِ السياسيةِ إليها في وقتٍ لاحق، وقد كانت هناك أدوارٌ ومهامٌ موكلةِ إلى الولاةِ في مختلفِ مناطقِ شبه جزيرة قطر، ناهيكَ عن طبيعةِ التعاونِ والتواصلِ الحاصلِ بين الوالي والحاكمِ لإدارةِ شؤون الرعيّةِ وبسطِ الأمنِ وتعزيزِ الرخاء.تُمعنُ قطر في تزويرِ عيدها الوطني مُجددًا، متناسية كيف كانَ شكل حكم آل ثاني، والذي كان ولا يزال عنوانًا للتمردِ والتآمرِ والخيانة، ومصدرًا للفتنِ والفرقةِ والتشرذم، لتحقيقِ أغراضِ السيطرة ِ والتوسّع، وبكافةِ الوسائلِ غير المشروعة، ومنها اللجوءُ إلى القوةِ المسلحةِ الغاشمةِ والتهجيرِ القسري، كما حدث في العدوانِِ على إقليمِ الزبارة فى عام 1937م، وتكرر في الديبل عام 1986م، وصولاً إلى التدخلاتِ القطريةِ السافرةِ في الشؤونِ الداخليةِ لمملكةِ البحرين، من خلالِ دعمها لجماعاتِ الإرهاب، والتحريضِ الإعلامي عبرَ منابر وأقلام مأجورة، وتجنيسِ فئاتٍ معينة، بشكل يتنافى مع القوانينِ والأعرافِ الدولية، بغرضِ التأثيرِ على النسيجِ الاجتماعي، إضافةً لنهبها المنظّمِ لثرواتِ البحرين في أراضيها التاريخية، وتشكيكها المستمرِ بمسيرةِ التنميةِ الشاملة والإصلاحِ الواسع التي تشهدها مملكة البحرين. تاريخ قطر المشوّه بالتآمرولقراءةٍ شاملةٍ لواقعِ الحاضر، واستشرافٍ منطقيّ للمستقبل، لا بدّ من فهمٍ عميقٍ لمجرياتِ تاريخِ قطر المأزوم، ولا بدّ من الاطّلاعِ على الدراساتِ التفصيليةِ المدعّمةِ بالأدلةِ والوثائقِ التي تثبتُ حكمَ وسيادةَ آل خليفة في شبهِ جزيرة قطر، والتي تؤكّد أنه كان نموذجًا ناجحًا لدولة حديثة على كل الصعدِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والدولية، وأنّ كلّ محاولاتِ قطر وممارساتها العدائية، هي لقناعةِ نظامِ الدوحةِ بأنه فاقدٌ للشرعيةِ التاريخيةِ والقانونيةِ والأخلاقية، وأنّ الوضعَ الحالي ليس سوى احتلالٌ هدفه الاستيلاءُ على المواردِ والمقدّرات.ومن جملةِ ما أكّدته الوثائقُ والمصادرُ المتعلقةُ بهذا الخصوص، تسلسل نسبِ آل خليفة فى القرن الثامن عشر الميلادي / الثاني عشر الهجري، الذي يعودُ إلى خليفة الكبير، وهو الشيخ خليفة بن محمد بن فيصل العتبي المؤسس لهذه العشيرة في الهدار بالأفلاجِ في جنوب شرقي نجد بشبه الجزيرةِ العربية، وهذا النسبُ لشيخِ بني عتبة من آل خليفة هو الذي تواترَ عندَ المؤرخين، سواءٌ فى المصادر العربية كابن لعبون النجدي أو عبدالجليل الطبطبائي؛ أو فى المصادر الأجنبية كالفرنسي أوتر (1750م/ 1164هـ) والهولندي كنبهاوزن (1756م/1170هـ) والدانماركي نيبور (1765م/1179هـ).ففي عام 1675م/ 1086هـ، ارتحل العتوب إلى فريحة على الساحلِ الشمالي الغربي من شبهِ جزيرة قطر التي كانت تخضعُ لبني خالد كجزء من إقليم البحرين، ثم إلى البصرة فالكويت في عام 1701م/ 1113هـ، وبعد ذلك تمايزت عشائرُ العتوب حيث ارتحلت عشيرة آل خليفة، برئاسةِ الشيخ محمد بن خليفة إلى الزبارة على الساحل الشمالي الغربي من شبه جزيرة قطر، عام 1762م/1176هـ، ولعلّ هذا السرد التاريخي يؤكّد وبما لا يدع مجالاً للشك، تزوير قطر لتاريخها وليومها الوطني.
مشاركة :