ديون الشركات تلقي بظلالها على الاقتصاد الصيني المتعثر

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن أكبر مديونية شركات في العالم، التي تبلغ 16.1 تريليون دولار آخذة في التفاقم، وأصبحت تمثل تهديداً أكبر بكثير للاقتصاد الصيني المتباطئ ومشكلة لا يمكن التصدي لها بسهولة. وقد كشفت أزمة ديون محدودة في شمال الصين نقاط ضعف تشوب إحدى الركائز المالية لخطة إنعاش اقتصاد البلاد وهو قطاع ضمانات القروض وحجمه 430 مليار دولار. وبحسب "رويترز"، فإن الصين ترزح تحت عبء الديون الكبيرة للشركات في حين يتباطأ الاقتصاد ما يمثل ضغطا على المقترضين، ولكن حقيقة أن القروض مؤمن عليها ضد التخلف عن السداد لدى نحو ثمانية آلاف شركة لضمانات القروض يمنح عددا كبيرا من البنوك الطمأنينة. ونحو ثلث هذه الشركات تدعمه الدولة وهي تضمن أكثر من 60 في المائة من القروض الحاصلة على ضمانات في الصين. وتعمل هذه الشركات على تسهيل تمويل الشركات الصغيرة، التي يقع على عاتقها توفير فرص عمل جديدة، ولكن الأزمة التي تواجه مقاطعة خبي تثير شكوكا بشأن قدرتها علي الوفاء بهذه الضمانات. وفي خبي القريبة من العاصمة بكين، التي تشتهر بمصانع الصلب أضحت إحدى هذه الشركات معسرة من الناحية الفنية وهو مصير قد تلقاه شركات أخرى مع فقد ثاني أكبر اقتصاد في العالم قوة الدفع بوتيرة سريعة. وباعت مجموعة "خبي فاينانسينج انفستمنت جرانتي" لضمان تمويل الاستثمار عددا كبيرا من ضمانات القروض بأسعار بخسة وتواجه الآن مشكلة تعثر عن السداد. وقال ما قو بين مدير عام المجموعة إن نموذج ضمانات التمويل المحلية سيئ جدا، مشيراً إلى أن القطاع لم يبلغ مرحلة النضج، ويعاني مشاكل كثيرة ونقاط ضعف، ولا نملك حق الاختيار في كثير من الأمور. ويفرض على شركات مثل خبي فاينانسينج بيع ضمانات قروض لمقترضين بأسعار فائدة منخفضة لتعزيز تمويل الشركات الأصغر التي قد تجد صعوبة في الحصول على تمويل بأسعار فائدة معقولة. وضمنت الشركة قروضا لأكثر من ألف مقترض من بينهم مصنعون يتضررون من تباطؤ الاقتصاد. وعدد كبير من هؤلاء المقترضين مهددون بالتخلف عن سداد القروض ما يلقي على عاتق الشركة عبء تحمل ضمانات قروض بقيمة 32 مليار يوان (خمسة مليارات دولار) وهو الأمر الذي يبدد رأس المال المسجل لخبي فاينانسينج البالغ 4.2 مليار يوان. ومع عجز الشركة عن الوفاء بجميع الضمانات سيتحمل المقرضون خسائر كبيرة ما لم تقتنع حكومة خبي بالتدخل وإنقاذها. وتقدم 11 مقرضا في الآونة الأخيرة بطلب لحكومة المقاطعة لتدعم خبي فاينانسينج وشكلت الحكومة لجنة خاصة لمحاولة تسوية الأزمة، وأرسلت عشر شركات استثمار ومدير صندوق استثمار بخطاب بهذا الشأن لأمين الحزب الحاكم في المقاطعة ولحاكمها. وتقرض الصناديق أموالا تجمعها من المواطنين، وفي حالة عدم سداد الضمانات سيعجز عدد كبير منها عن سداد الأرباح التي وعدت بها المستثمرين. ومن أجل ممارسة ضغط أكبر على حكومة خبي حث الخطاب حكومة المقاطعة على التحرك للحيلولة دون أن تثير الأزمة حالة فزع عامة. وأفادت سالي ييم من "موديز انفستورز سيرفيس" في هونج كونج، أن عدد كبير من هذه الشركات يوجد في الصين ونحن قلقون بشأن أساسيات عملها، وسنشهد المزيد من حالات التعثر أو مشاكل من هذا النوع من شركات ضمانات صغيرة. وشككت ييم في أن مثل هذه المشاكل ستمثل خطرا كبيرا على النظام المالي في الصين، إذ يبلغ احتياطي الصين من النقد الأجنبي 3.65 تريليون دولار ويمكنها أن تعالج بيسر عددا من الأزمات على نفس نطاق الأزمة في خبي. ولكن قد يكون الأمر الأصعب احتواء أزمة فقد ثقة المستثمرين بصناعة ضمانات القروض ككل. فإذا ارتاب المقرضون في تقديم الحكومة المساعدة للشركات التي تضمن القروض في الأزمات، فإن الاقتصاد الأوسع نطاقا سيخسر مع حرمان الشركات من التمويل. وذكرت مسؤولة تنفيذية في احدي الصناديق وقعت على الطلب الذي قدم لحكومة خبي، أنه أمر غير معقول، متسائلة من سيثق في قطاع ضمانات القروض في المستقبل ما جدوى الصناعة؟. وتتجه بكين لتعزيز النظام وكشفت النقاب عن خطط الشهر الماضي لإقامة صندوق وطني لضمانات القروض لدعم شركات الضمانات المحلية مثل خبي فاينانسينج. ولكنها تخاطر بأن تعزز افتراضا لدى المقرضين بأن الحكومة ستنقذهم ما يشجعهم على الإقراض دون تريث. وقال ما من "خبي فاينانسينج" إن شركته أجرت دراسات نافية للجهالة وطلبت ضمانات من المقترضين، ولكن لم يسمح لها بتسعير الضمانات بما يتفق مع مستوى المخاطر. وأضاف أنه يسمح للمقرضين بفرض أسعار فائدة أعلى رغم أن الضامن هو من يتحمل بصفة أساسية خطر التخلف عن السداد، وهذا ظلم. ظلم بين. ولكن لا يسعنا أن نفعل شيئا. وأظهرت دراسة أجرتها "تومسون رويترز" شملت أكثر من 1400 شركة أن ديون شركات الصين تمثل 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوازي ضعفي حجم ديون الشركات الأمريكية بعد ارتفاعها كثيراً خلال السنوات الخمس الماضية. وبحسب تقديرات مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، فمن المنتظر أن يرتفع جبل الديون 77 في المائة إلى 28.8 تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. ومعظم إجراءات التدخل الصينية في مشكلة ائتمان الشركات موجهة حتى الآن لهدف مختلف، ألا وهو دعم النمو الاقتصادي الذي ينتظر أن يهبط خلال العام الحالي إلى أدنى مستوياته في 25 عاماً. وخفضت بكين أسعار الفائدة أربع مرات منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كما خفضت مستوى الاحتياطات الإلزامية للمصارف وأزالت القيود على حجم الودائع التي يمكن للمصارف إقراضها للزبائن. وقال لويس كويغز كبير الاقتصاديين لشؤون الصين في "رويال بنك أوف سكوتلند"، إنه عند فتح خطوط ائتمان تتزايد أخطار ذهاب هذه الأموال إلى شركات أو كيانات تعاني مشاكل. وقدمت بنوك الصين قروضاً جديدة قيمتها 1.28 تريليون يوان (206 مليارات دولار) في حزيران (يونيو) الماضي، مقارنة بـ900.8 مليار يوان في أيار (مايو). وتتوارى أرباح شركات الصناعات التحويلية خجلاً أمام ديونها المتفاقمة، في حين أظهرت الدراسة أن ديون الشركات نهاية العام الماضي بلغت 5.3 ضعف. وفيما خص شركات الطاقة، فقد زادت ديونها من 1.1 إلى 1.4 ضعف أرباح الأنشطة الرئيسة، وارتفعت النسبة للشركات الصناعية من 2.5 إلى 4.2 ضعف. وتوقعت "ستاندرد آند بورز" أن تمثل الشركات الصينية 40 في المائة من إجمالي القروض الجديدة للشركات حتى عام 2019. ولكن حجم الديون ليس المشكلة الوحيدة، فتقديم ائتمانات للشركات الأكثر كفاءة سيكون أسهل بكثير لو أن الحكومة سمحت بانهيار الشركات الفاشلة حتى تمكن السوق من تسعير ديون الشركات بسهولة. وتطلب الأمر من الحكومة سلسلة إجراءات غير مسبوقة لمنع انهيار أسواق الأسهم الصينية التي لا تزيد قيمتها كثيراً على ثمانية تريليونات دولار.

مشاركة :