المقال الخامس، الحديث يأخذ مجراه عن بيشة، وقلقها من التلوث، كفانا اجتهادات، هل تتخلى الجهات الرسمية من نظريات: أرى وأعتقد؟! هل يكون للبحوث العلمية كلمتها ودورها؟! المياه الجوفية تتناقص، أصبحت مناطق المملكة تعاني وتصرخ، نسأل عن السياسات الزراعية، نسأل عن السياسات المائية، نسأل وهل هناك شيء غير الاجتهادات؟! التلوث الخطر القادم على مياه الدرع العربي بكاملة. هكذا الحديث يتشعب، يأخذ مجراه، الحقائق ليست رأيا لأحد، الحقائق تؤكد وجود مشكلة مياه تتفاقم يوما بعد آخر، في بيشة أصبح هناك مشكلة مياه الشرب الملوثة، ومشكلة شح المياه الجوفية ونضوبها، تتعدد الجهات المسئولة، تفاقم الخلاف وتعقدت المشكلة، تتعالى الأصوات في مواجهة نضوب المياه الجوفية، وقلق تلوث مياه الشرب، مشكلتان تزيدان من تعقيدات الوضع، كان العنوان الكبير المرفوع قبل سنوات: مشكلة نضوب المياه الجوفية، لكن جاء العنوان الأكبر والأخطر: مشكلة تلوث مياه الشرب بمياه مجاري الصرف الصحي. تبدّل اهتمام الناس عن مشكلة موت النخل عطشا، إلى مشكلة القلق على الصحة، تبدّل من مشكلة عطش النخل والزراعة، إلى رعب تلوث المياه التي يشربون، ما الحل؟! هكذا يتم خلق المشاكل وتشكيلها، تصبح واقعا يعيشه مجتمع بيشة بقلق بالغ، وفي ظل تباطؤ الجهات المسئولة عن تقديم حل عاجل وسريع، تصبح النفوس أكثر توترا وقلقا، الحل موجود لكن الهمّة مفقودة، البعض لا يرى الأشياء إلا بعد أن تنفجر، مُحدثة صوتا من الخسائر، بعدها تتحرك البطولات والإمكانيات، المحاسبة مطلوبة في ظل تأخر تنفيذ الحلول وتجاهلها وترحيلها الى وقت آخر. استعرض بعض نماذج القلق لدى الأهالي من تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، هنا لا بد من تسجيل الشكر لكل من يحمل هذا القلق المشروع، وهذا الهم الواعي، النّاس خير مراقب، يملكون صدق النوايا والإخلاص، يجب شكرهم بدلا من لومهم، النّاس على حق حتى وإن اخطأوا، النّاس ترصد الأشياء على الواقع، كنتيجة من حقهم التساؤل، من حقهم معرفة الأجوبة على كل تساؤلاتهم، صور الواقع لا تبدد الخوف، بل تؤكد التشكيك حتى في طمأنة المسئول. يقول أحدهم: [إن وزارة المياه ترسل مجاري عسير الملوثة عبر وادي بيشة الى بحيرة سد الملك فهد اكبر سد، هل تُصدق؟! هل يُقبل؟!]، ثم أردف قائلا: [جريمة]، آخر يقول: [لمدة أكثر من سنتين وإلى حد اللحظة، يصب في وادي بيشة يوميا (120) الف طن مكعب من الصرف الصحي]، يعتقد صاحب الشكوى أن مياه الصرف هذه غير معالجة، يدعي أن زراعة بيشة فقدت (٦٠) ألف هكتار من أصل (٨٠) ألف هكتار، عاشت عشرات القرون، قبل سدود وزارة المياه العشوائية. قلق يدعمه واقع يرونه ويتفاعلون معه، الجهات الرسمية تنفي، الواقع أمام المواطن يثبت عكس نفيهم، لماذا يصل التناقض بين المواطن والجهات الرسمية إلى هذا الحد؟! خوف المواطن وقلقة مؤشر طيب، أخذه في الاعتبار فضيلة، تبديد هذا الخوف وهذا القلق لا بد من تحقيقه. نماذج أخرى من شكوى المعاناة والقلق والخوف على الصحة والبيئة، يقول أحدهم: [العام الماضي زرت بيشة، ومررت بسوق التمر، تفاجأت به، وزرت السد ووجدت أنه ممنوع الزيارة من خمس سنوات]، يقول: [أكيد فيه سبب]، آخر يقول إن أهالي بيشة لم يطالبوا بمياه الصرف الصحي، ولا يقبلون بها. يؤكدون أن مياه صرف (تنومة) و(النماص) تتجه الى وادي (ترج)، في النهاية تصب في وادي بيشة، مياه صرف (العلاية) و(باشوت) وغيرها تصب في وادي (تباله) المتجه لوادي بيشة، آخرون يقولون: من لم تتضح لديه الصورة كاملة مع مآسي وادي بيشة بفروعه، وهي أودية (ترج)، و(تبالة)، و(هرجاب)، و(شفان)، فعليه القيام بزيارة علی الطبيعة، جميعهم يؤكدون: تلويث بيشة من الجنوب والشرق والغرب والشمال. هناك تقرير رسمي من مديرية الشئون الصحية بمحافظة بيشة بتاريخ (10/11/1434)، برقم (23189)، يؤكد أن عينة ماء سد الملك فهد، غير صالحة كيميائيا وجرثوميا، التقرير كان موجها إلى الجهات التالية: محافظ بيشة، رئيس البلدية، مدير عام الزراعة، مدير فرع وزارة المياه، هل حرّك هذا التقرير شيئا لدى الجهات المسئولة؟!. آخر يشرح بـ(غصّة) ومرارة قائلا: [فاحت رائحة المشكلة]، الواضح وفي ظل ضبابية المواقف الرسمية المسئولة، أن القلق الذي يحمله المواطن يجب أن يستمر، القلق على الصحة ظاهرة صحية. ويستمر المقال بعنوان آخر.
مشاركة :