يعاني أبناء الشعب الليبي أزمات سياسية إثر التدخل التركي في الشؤون الليبية، فضلا عن المؤامرات التي تنفذها جماعة الإخوان الإرهابية للسيطرة على مفاصل الدولة، ما أدى إلى تعقيد الحل السلمي، على الرغم من مساعي الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار بين الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة طرابلس، مما أضاف لتلك المعاناة السياسية أزمات اقتصادية تتعلق بمشكلات في تصدير النفط والعملة المحلية. المؤسسة الوطنية للنفط تواجه تهديدات من «جماعات مسلحة» تعمها أنقرة (أ ف ب) التهديدات الأخيرةوكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أدانت التهديدات الأخيرة التي وجّهتها «جماعات مسلحة» ضد المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط التابعة لها. وقالت البعثة: إن المؤسسة الوطنية للنفط هي مؤسسة موحدة مستقلة وغير سياسية، ويجب أن تظل كذلك، تعمل لصالح جميع الليبيين، وقد تشكل هذه الأعمال انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن الدولي ويمكن أن يتعرض المسؤولون عنها لعقوبات.وأضافت البعثة: «لقد تعرض إنتاج النفط الليبي بالفعل لانتكاسات خطيرة في 2020 بسبب الحصار النفطي المطول الذي تم رفعه قبل ثلاثة أشهر فقط، والذي أدى إلى خسارة لا يمكن تعويضها بلغت 11 مليار دولار في المبيعات»، وزادت: وعلى الصعيد الوطني، تمكنت المؤسسة الوطنية للنفط بسرعة من إعادة إنتاج النفط الليبي بالكامل إلى العمل، على الرغم من الظروف الصعبة للغاية، مشددة على ضرورة دعم المؤسسة الوطنية للنفط لا تقويضها.فيما أكدت السفارة الفرنسية في ليبيا، أن أي عمل يستهدف المؤسسة الليبية للنفط قد يتعرض لعقوبات.وأدانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا بأقصى العبارات محاولات بائسة من إحدى الميليشيات للتأثير على شركة نفطية تابعة لها، مستنكرة قيام مجموعة مسلحة تحت رداء شرعية حكومة فايز السراج بتدخل سافر مكشوف البواعث في المهام الفنية لأنشطة شركة «البريقة» لتسويق النفط.وحذرت مؤسسة النفط، الميليشيات بأنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين في الابتزاز. محمد أبو راس الشريف تجويع الشعبمن جهته، حذر الناشط والكاتب الصحفي الليبي منير بشير الساعدي من تغيير سعر الصرف وتأثيره على البنية الاقتصادية للدولة الليبية.وقال الساعدي في تغريدة على «تويتر»: ها هو سيناريو التفقير والتجويع للشعب الليبي مستمر، إن تغيير سعر الصرف هو تدمير للبنية الاقتصادية للدولة وتجويع للشعب الليبي، من أجل أن تبقى الديناصورات تحكم ليبيا.. ثورة الجياع هي الحل.يشار إلى أن أسعار العملات الأجنبية أمام الدينار الليبي في السوق الموازية شهدت ارتفاعا مفاجئا الأربعاء الماضي، وذلك عقب إعلان مصرف ليبيا المركزي تعديل سعر صرف للدولار مقابل الدينار الليبي إلى 4.48 دينار للدولار الواحد بداية من 3 يناير 2021.وقال رئيس مركز دلباك للبحوث والدراسات المعاصرة د. محمد أبو راس الشريف: إن الاستطلاع الذي أجراه المركز عبر منصات التواصل الاجتماعي «فيسبوك وتوتير»، أوضح أن عددا من المواطنين يرى أن تعديل سعر الصرف إن لم يرافقه زيادة في مرتبات وأجور الموظفين فهو غير عادل وغير جيد، ولن يفي بالغرض من التعديل وهو تحسين الظروف المعيشية للمواطن وسيضعف من القوة الشرائية.ويرى مواطنون «أن إدارة مصرف ليبيا المركزي وعدد من المسؤولين الحكوميين اتخذوا هذا الإجراء، وهو رفع قيمة الدولار مقابل الدينار، لتغطية عجز حكومي سابق ووصفه البعض بالفساد المالي»، بينما يرى عدد آخر «أن هذا القرار ربما يكون بداية لإصلاحات اقتصادية قد تعمل بشكل تدريجي لعودة قوة الدينار الليبي من جديد وأن القرار هو الحل الأنسب في مثل هكذا ظروف». صالح افحيمة عدم ثقةوأعرب عضو مجلس النواب صالح افحيمة عن عدم ثقته في جدوى قرار مجلس إدارة المصرف المركزي، تعديل سعر الصرف بواقع 4.48 دينار لكل دولار، وذلك لكافة الأغراض الحكومية والتجارية والشخصية.وقال افحيمة: لستُ واثقا من أن سعر الصرف الجديد سوف يلبي الطموحات ويبدو أن البنك المركزي أيضا بات يمارس سياسة الإعياء، أرجو أن لا أكون على حق.وأوضح من جانبه، وكيل وزارة المالية بالحكومة المؤقتة، إدريس الشريف أن تحديد سعر الصرف جاء بعدما وصلت أسعار الدولار مقابل الدينار إلى أرقام قياسية في السوق السوداء.واشار إلى أن قرار تحديد سعر الصرف أدى لتثبيت السعر بالنسبة لوحدة حقوق السحب الخاصة ما يعد مشكلة، مشيرا إلى أنه كان من المتوقع إعلان سعر تجاري يتم البيع به، على أن يبقى السعر الرسمي تجاه وحدة حقوق السحب الخاصة على ما هو عليه.وأكد الشريف أنه كان بإمكان البنك المركزي، التخفيض التدريجي للسعر التجاري المعلن شيئا فشيئا إلى أن يصل إلى السعر المطلوب، مشيرا إلى أن ذلك يرجع لاتباع المصرف المركزي للسياسة الكمية خلال السنوات الماضية. مصطفى الزائدي علاج الفسادوسلط أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية مصطفى الزائدي، الضوء على قرار مصرف ليبيا المركزي توحيد سعر صرف الدينار الليبي قائلا: لا يعقل أن يعالج الفاسدون الفساد.وأضاف إن توحيد سعر الصرف قد يكون أحد الخيارات لبلد مستقر موحد به أزمة اقتصادية، ضمن جملة من الإجراءات الاقتصادية تقوم بها الدولة لحماية مواطنيها ورعايتهم، وأردف: لكنه في رأيي المتواضع كارثة اقتصادية في بلد يعاني ويلات صراعات مفتوحة وتتعرض ثرواته للنهب المبرمج، وسيادتها للانتهاك المستمر، ويقاسي المواطن بها من انعدام الأمن، وانهيار منظومات الدولة التي تقدم الخدمات، ويعيش حالة فقر وضعت أغلبية الشعب على حافة الجوع، وصار الفساد المنظم سمة السياسات بها.ويعتقد نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية إدريس ونيس الدرسي، أن أحد أهم أسباب رفع سعر الصرف هو التوجس من عدم التوصل لحل سياسي أو عودة الحرب للبلاد. وقال الدرسي: أعتقد أن أحد أهم أسباب رفع سعر الصرف دون رفع المرتبات أو وضع ضوابط لكبح ارتفاع أسعار السلع والخدمات، هو التوجس من عدم التوصل لحل سياسي أو عودة الحرب وتوقف بيع النفط، لذلك يسعون لتوفير فائض من العملة المحلية خارج الميزانية للصرف منها على المرحلة التي يتخوفون منها دون الاعتبار لأوضاع المواطن وما يترتب عليه من انهيار سعر الدينار. عمر النعاس غياب الدستورعضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عمر النعاس، يشدد على أنه في غياب الدستور الذي يحكم السلطة، تزداد السلطات الفاسدة فسادا وتنهب قوت الشعب نهبا دون رادع أخلاقي يردعها أو قانون أعلى يلجمها ويقيّدها.وقال النعاس: في غياب الدستور، تفوح رائحة فساد السلطة التي تتغوّل وتشبع حتى التخمة ويموت الناس فقرا وجوعا ومرضا كاظمين غيظهم خائفين من فقد لقمة عيش بائسة يطعمون بها أسرهم وأطفالهم رغم صعوبة الحصول عليها لقلتها ومرارتها كالعلقم.ويضيف عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور: إن قرار السلطة المالية بشأن تعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار يعني عمليا ارتهان حياة المواطن الليبي وأسرته ومستقبله في يد من وصفهم بـ «تجار المال».وقال النعاس: الدستور هو القيد المفروض على السلطة في مواجهة الأفراد، وهو الذي تخضع له كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.. ففي غياب الدستور، يعم الفساد وتتصرف السلطات العامة كما تشاء دون حسيب أو رقيب، وأحدث مثال على ذلك هو قرار السلطة المالية مؤخرا بشأن تعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار والذي يعني عمليا ارتهان حياة المواطن الليبي وأسرته ومستقبله في يد تجار المال.ويزيد: ورغم أن ليبيا من أغنى دول العالم وصادراتها تباع بالدولار إلا أن المواطن الليبي يعاني ويكابد ومهدّد بالفقر والجوع مقارنة مع غيره من مواطني دول مقاربة لبلاده في الثراء أو أقل منها ثراء، متسائلا: لماذا يُحرم المواطن عمداً من أبسط متطلبات الحياة الكريمة في الوقت الذي يتمتع فيه ذوو السلطان بخيرات البلاد دون حسيب أو رقيب؟.
مشاركة :