قد يضطر طارق ملاعب طالب الهندسة الميكانيكية في الجامعة الأمريكية في بيروت ، إلى تأجيل تخرجه لأنه غير قادر على التسجيل في الفصل الدراسي الأخير في الجامعة بسبب الأزمة المالية والنقدية في البلاد وزيادة الرسوم الدراسية. وتقدر رسوم الجامعة الأمريكية الدراسية بأكثر من 150 مليون ليرة لبنانية سنويا (نحو 100 ألف دولار أمريكي بالسعر الرسمي و18 ألف دولار بسعر السوق الموازية و38 ألف دولار بتسعيرة طلابية مقترحة ). وقال ملاعب لوكالة أنباء ((شينخوا)) "ربما يتعين علي تأجيل الفصل الدراسي الأخير لأن والدي قد لا يكون قادرا على تأمين قسط آخر دروس لي في الجامعة". وستبدأ معظم الجامعات الخاصة ، بما في ذلك الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة اللبنانية الأمريكية وجامعة القديس يوسف ، في احتساب الرسوم الدراسية بالدولار الأمريكي بمعدل 3900 ليرة للدولار ابتداء من الفصل الدراسي القادم بدلا من 1515 ليرة. وتهدد هذه الخطوة مستقبل آلاف الطلاب المسجلين في الجامعات الخاصة في لبنان، وقال طالب تحفط على ذكر اسمه في الجامعة اللبنانية الأمريكية لـ ((شينخوا)) ، إنه لن يتمكن على الأرجح من مواصلة دراسته في الهندسة المدنية نظرًا لزيادة الرسوم الدراسية ما لم يكن قادرا على الحصول على مساعدة مالية بنسبة 70 بالمائة على الأقل بدلاً من مساعدته الحالية البالغة 45 بالمائة. وقال الطالب في السنة الثانية في الجامعة اللبنانية الأمريكية "تراجع عمل والدي في الوقت الحاضر كما أنه يتقاضى أجره بالعملة الوطنية التي فقدت قيمتها وقدرتها الشرائية مما يجعل من الصعب عليه تسديد رسوم دراستي. وواجه لبنان على مدار العام شحا في العملة الأمريكية مع تقييد المصارف لسقف سحوبات الودائع بالليرة اللبنانية وعدم قدرة المودعين على سحب دولاراتهم الأمريكية ، وقامت المصارف بدلا من ذلك بصرف الودائع بالدولار مقابل 3900 ليرة للدولار الذي يتجاوز سعر صرفه في السوق الموازية 8000 ليرة ، وقد تسبب ذلك بصعوبات للأفراد والمؤسسات وبينها الجامعات. وقال الطالب الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته ، إنه قد يضطر إلى التفكير في جامعة خاصة أقل تكلفة أو حتى في الجامعة اللبنانية الرسمية. بدورها انتقلت لارا عرب التي أكملت درجة الماجستير في القيادة التربوية والإدارة في الجامعة اللبنانية الأمريكية ، إلى الجامعة اللبنانية لإكمال درجة الدكتوراة لأنها لم تعد قادرة على تحمل تكاليف الدراسة في جامعة خاصة. وقالت عرب ، وهي مديرة مركز التوظيف في جامعة الحكمة الخاصة ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن عددا كبيرا من الطلاب يغادرون جامعات خاصة إلى أخرى خاصة أقل تكلفة. وأوضحت عرب "استقبلنا في جامعة الحكمة الكثير من الطلاب من الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة القديس يوسف لأن مؤسستنا تقدم نوعية جيدة من التعليم وبأقساط معقولة". وقالت رئيسة قسم علم النفس في كلية الآداب والعلوم في الجامعة اللبنانية إلهام الحاج حسن لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنها التقت بالفعل بعدد من طلاب الجامعة الأمريكية وجامعة هايكازيان الذين يخططون للانتقال إلى الجامعة اللبنانية. وأضافت "نتوقع أن نرى زيادة في عدد الطلاب في الجامعة اللبنانية في الأشهر القليلة المقبلة بسبب الانهيار الاقتصادي". والجامعة اللبنانية هي المؤسسة الحكومية الوحيدة للتعليم العالي المجاني في البلاد وتتمتع بحرية إدارية، أكاديمية ومالية وتضم 16 كلية و3 معاهد عليا للدكتوراة وتضم أقسامها وفروعها نحو 80 ألف طالب وأساتذة في مختلف الاختصاصات. وقال محمد منصور مسؤول شؤون الشباب والطلاب في "الحزب التقدمي الاشتراكي" لـ ((شينخوا)) إن الجامعة اللبنانية ليست لديها القدرة على استقبال أعداد إضافية من الطلاب لأسباب متعلقة بالخدمات اللوجستية، موضحا أن مستقبل الطلاب سيكون في خطر. وأوضح أن قسما كبيرا من الطلاب تمكنوا في السنوات الماضية ، من تأمين وظائف لدفع الرسوم الدراسية ، لكن الانهيار الاقتصادي في البلاد وإغلاق آلاف الشركات أدى إلى تسريح عشرات آلاف الموظفين والعاملين بينما أصبحت فرص العمل شحيحة. ولفت إلى أن أهالي اعداد كبيرة من الطلاب كانوا اعتادوا الاعتماد على القروض المصرفية لتسديد الرسوم الدراسية ، الا أن القروض باتت غير متوفرة وسط الانهيار الحاصل في النظام المصرفي اللبناني . وقد دفع الوضع المالي المزري الطالبة في كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف الخاصة زينب حلبي إلى تشكيل مجموعة على إنستجرام لجمع التبرعات لمساعدة الطلاب في تأمين الرسوم الجامعية. وقالت حلبي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن معظم التبرعات والدعم المالي قد جاء من المغتربين اللبنانيين. وكان مودعون لبنانيون في المصارف قد نظموا عدة احتجاجات في الأيام الماضية بالقرب من مصرف لبنان المركزي ومنزل رئيس "جمعية مصارف لبنان" سليم صفير للمطالبة بالإفراج عن ودائعهم مع التهديد باتخاذ إجراءات تصعيدية في المستقبل القريب. كذلك نظم مئات الطلاب الجامعيين مساء يوم أمس (السبت) مسيرة من وسط بيروت إلى الجامعة الامريكية رفضا لزيادة الرسوم الجامعية و"دولرة الأقساط في الجامعات الخاصة" لكن القوى الأمنية منعت الطلاب المتظاهرين من التقدم إلى المدخل الرئيسي للجامعة فقام الطلاب برشقها بالحجارة فردت قوات مكافحة الشغب باطلاق القنابل المسيلة للدموع وأبعادالمتظاهرين عن مدخل الجامعة. ويواجه لبنان أزمات سياسية واقتصادية ومالية أفضت إلى شح في العملة الأجنبية وتعثر سداد لبنان لديونه السيادية وانهيار العملة الوطنية وتصاعد الفقر والبطالة والتضخم . وقد تفاقم الوضع في لبنان مع تفشي فيروس كورونا الجديد ( كوفيد-19) وانعكاساته الاقتصايدة والاجتماعية، إضافة إلى تداعيات كارثة انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس الماضي بسبب 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" المخزنة من دون وقاية مما أوقع نحو 200 ضحية و 6 آلاف و500 جريح، إضافة إلى تشريد نحو 300 ألف شخص وأضرار مادية ضخمة قدرت بنحو 15 مليار دولار أمريكي.
مشاركة :