الفكاهة لا تسخر من أحد

  • 8/24/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

السخرية عدوان وصناع الفكاهة ليسوا بمعتدين. وتعبير «الكاتب الساخر» خطأ شهير وشائع نتج عن ترجمة غير دقيقة لكلمة «Satirist» الإنجليزية المشتقة من كلمة «Satire» وهي الحكاية الجادة عندما تروى بشكل ضاحك. والمشتغلون بالمهنة يترجمونها «ساتيرا» وأشهر من كتبها في العصر الحديث، آرت بوخوالد في أميركا، ومحمد الماغوط في سوريا، وعزيز نيسين في تركيا، وعدد كبير من الكتّاب المصريين آخرهم محمود السعدني رحم الله الجميع. أنتقل الآن لعدد من التعريفات كلها لمفكرين ألمان. ومن خلالها سنقترب أكثر وأكثر من طبيعة النكتة كنشاط عقلي والهدف منها. «تُعنى الفكاهة بالقبح غير المرئي. إذا كان هذا القبح مخفيًا فوظيفة الفكاهة أن تكشف عنه وتأتي به إلى ضوء النهار هذه أيضًا وظيفة الكاريكاتير». «مملكة الأفكار المحيطة بنا لا تكشف عن نفسها أمام من يراقبها ولا يمكن تخيلها بشكل مباشر. وهى بتشوهاتها وتعقيداتها تشكل ثروة من السخافات والمتناقضات المضحكة لا بد من الكشف عنها لأسباب أخلاقية. ولكي يحدث ذلك لا بد من قوة قادرة على كشفها.. قوة قادرة على أن تلقي بأضوائها على هذه السخافات والمتناقضات. هذه القوة قادرة على (الحكم)، النكتة حكم تنتج عنه متناقضات مضحكة. ولقد لعبت النكتة هذا الدور بشكل صامت في الكاريكاتير». «النكت تنتج الحرية والحرية تنتج النكت، إنها القدرة على اكتشاف المتشابه بين الأشياء غير المتشابهة». «هي تناقض بين الأفكار وهي المعقول في غير المعقول وهي أيضًا الربط المتعسف بين أفكار متناقضة». أكتفي بهذا القدر من التعريفات والتعليقات، وأسألك: هل تجد فيها أية إشارة للسخرية من بعيد أو قريب؟ أطلب منك أن تنسى كل هذه الأفكار أو تلخصها في نقطة واحدة هي أن الفكاهة، والنكتة من أهم رسلها، تعمل على كشف القبح وأخطاء السلوك البشري الناتج عن ثقافات مشوهة. وإذا كان فرويد تناول النكتة بالبحث في كتابه باعتبارها مصنفًا فنيًا وعقليًا مستقلاً تمام الاستقلال عن الأم وهي الكوميديا، فإنني لا أوافق على هذا الفصل شديد التعسف. بل أنا لا أعترف بالنكتة إلا إذا كانت مستوفية لأبعادها الدرامية. أي أنها عمل درامي متكامل يدور في حيز ضيق، غير أنها لا تنسى أصلها الذي ورثته عن جدتها وهي الكوميديا المسرحية. رجال الأمن ورجال النيابة يتعاملون مع جرائم وأدلة وينقلون ذلك كله لقاعة المحكمة طلبًا للحكم. ورجال الفكاهة أيضًا، يكشفون عن الأفكار المدانة التي تعطل مسيرة البشر ويصدرون حكمهم عليها.. طبعًا حضرتك عاوزني أقل لك نكتة ولاّ اتنين.. حاضر.. من عينيّ.

مشاركة :