يُعلّق الكثير من العرب آمالهم على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ويعتبرونه أفضل من حَكم العراق بعد سقوط بغداد عام 2003، وهو الذي قد يُنقذ العراق ويحرره من براثن التسلط الإيراني على القرار في بغداد.هكذا يتصور الكثير، سيما بعد إدارة «الكاظمي» لملف الانفتاح على دول الخليج، وبقية الدول العربية، كمصر والأردن مؤخرا، فضلا عن بعض القرارات التي اتخذها في الداخل العراقي كإحكام السيطرة على منافذ الحدود مع إيران، وتبنيه حماية المتظاهرين السلميين في ساحات التظاهر بالمحافظات العراقية، وملاحقة المتهمين بقضايا أمنية وينتمون للأحزاب العراقية، ولو بشكل لم يُرضِ المعتصمين وذوي الضحايا، الذين طالتهم يد الاغتيالات.يرى المتفائلون أنها بداية للتقليل من سطوة إيران والمليشيات التابعة لها على البلاد، في حين ينظر آخرون لتحركاته على أنها ذر الرماد في العيون، طالما لم تكن هناك جدية في تحجيم دور المليشيات، أولا، ثم محاسبة الفاسدين وقتلة الشعب العراقي وتقوية الجهاز الأمني الحكومي، سواء في الشرطة أو الجيش.مبادرات وإشارات مُبشرة ومؤثرة لصالح العراق، يعتبرها البعض من خارج العراق بداية عمل جِدي، ويراها العراقيون مجرد شعارات وتصريحات ووعود لم تنفذ بعد، ويُصر البعض على أنها لم ولن تنفذ، بوجود قبضة المليشيات، ويُشكك آخرون في نية «الكاظمي» من الأصل، كونه مرتبطا ببيئة واحدة أتت على مركب الاحتلال الأمريكي، ومحسوبا على حكومات ما بعد 2003، وارتباط سابق بحزب الدعوة وإشاعات حول تعاون قديم مع الاطلاعات الإيرانية.في خضم هذا الجدل وإشارات التناقض التي تدور حول شخصية الرجل، هل سينجح في إدارة الملف العراقي الشائك أم سيفشل؟على كل حال، عمِل لاسمه أم لأجل العراق، فكلا الخيارين مرحب به لدى الشعب العراقي اليائس، شرط أن يُخرج بلادهم من النفق المُظلم، فلم يعِد للعراقيين طاقة للتحمُل ولا أي اهتمام سوى كيف يتغير حال العراق إلى الأفضل.كتب مصطفى الكاظمي مقالة قبل بضع سنوات في صحيفة المونيتور «AL_Monitor» الأمريكية، مفادها أن إصلاح وتقوية العلاقات العراقية السعودية هو الحل للخروج من الأزمة الراهنة، وأن العراق ليس له خيار إلا المضي في إصلاح علاقته مع السعودية، والعمل على توسيعها إلى أوسع نِطاق، ورفعها إلى أعلى مستوى.قطع «الكاظمي» شوطا كبيرا في إصلاح العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، كما رَسم حينها في مقالته، عندما كان في دور الناصح للحكومة العراقية، فهل سيمضي ويكمل آخر الطريق؟ وهل يستطيع الوصول؟ وهل هو جاد للوصول؟ وهل سيتصدى لأصوات الدولة العميقة التي ما زالت تُحكِم القبضة حول رقبة القرار العراقي؟وهل ستتغافل أمريكا التي كانت وما زالت السبب في توسيع الفجوة، وإبعاد خيار التقارب عن تطور العلاقات العراقية السعودية الحالية، أم ستتخذ الإدارة الأمريكية إجراءات جديدة لزعزعة استقرار العراق وهدم أي مشروع عراقي، يقوم على إصلاح العلاقات مع العرب، للضغط باتجاه التطبيع العراقي مستقبلا مع إسرائيل مقابل الاستقرار وفك قيد حرية العراق بعلاقاته الجديدة، وانتشاله من وحل إيران؟ هذا ما ستنبئنا به الأيام المقبلة.
مشاركة :