يمكن أن يعمل نوع جديد تم ابتكاره من الساعات الذرية لمدة 14 مليار سنة، أى ما يساوى تقريبًا العمر الحالى للكون، بدقة متناهية مع الحفاظ على عدم التأخير لأكثر من عُشر ثانية، وفقا لما نشرته دورية “نيتشر” العلمية، إذ استخدم العلماء الأمريكيون ظاهرة غريبة تسمى التشابك الكمى، حيث تصبح الجسيمات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، لتصميم الساعات الجديدة. كما أوضح الباحثون، أن هذا التشابك الكمى يساعد فى تقليل عدم اليقين الذى ينطوى عليه قياس تذبذب الذرات التى تستخدمها الساعات الذرية للحفاظ على الوقت، ويمكن استخدام الساعة للمساعدة فى الكشف عن “المادة المظلمة” المراوغة، التى يُعتقد أنها تشكل أكثر من ثلاثة أرباع الكون، بالإضافة إلى دراسة تأثير الجاذبية على الوقت. من جانبه، قال الباحث المهندس الكهربائى إدوين بيدروزو بينافيل من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: “سيكون للساعات الذرية الضوئية المُحسنة التشابك القدرة على الوصول إلى دقة أفضل فى ثانية واحدة من أحدث الساعات البصرية الحالية.” وبطريقة مشابهة لطريقة عمل الساعات القديمة ذات البندول المتأرجح للحفاظ على الوقت، تستخدم الساعات الذرية أشعة الليزر لقياس التذبذبات المنتظمة لسحب الذرات، والتى تعد أكثر الأحداث الدورية استقرارًا التى يمكن للعلماء مراقبتها حاليًا. من الناحية المثالية، يمكن للمرء أن يستخدم حركة ذرة واحدة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمقاييس الذرية، فإن للقواعد الغريبة لميكانيكا الكم دورًا محوريًا، خاصة أن القياسات تخضع لاحتمالات يجب حساب متوسطها للحصول على بيانات موثوقة. ويوضح الباحث والفيزيائى سيمون كولومبو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قائلًا: إنه “عندما تزيد عدد الذرات، فإن المتوسط الذى تعطيه كل هذه الذرات يتجه نحو شيء يعطى القيمة الصحيحة“. وتأخذ الساعات الذرية الحالية قياسات من آلاف الذرات فائقة التبريد، التى يتم حصرها فى “مصيدة” ضوئية باستخدام الليزر ويتم فحصها بواسطة ليزر مختلف تردده مماثل لتردد اهتزازات الذرات التى يتم قياسها. ولكن يخضع هذا النهج لدرجة من عدم اليقين الكممى، ومن هذا المنطلق توصل فريق الباحثين إلى أنه يمكن القضاء على بعض الشكوك عن طريق التحول إلى التشابك الكمى، حيث تعطى مجموعات الذرات قياسات مترابطة. وأوضح الباحثون أن هذا يعنى أن التذبذبات الفردية للذرات المتشابكة تتقلص حول تردد مشترك – مما يزيد من دقة القياسات التى تتخذها الساعة. فى تصميمهم الجديد، قام الدكتور بيدروزو بينافيل وزملاؤه بتشبيك حوالى 350 ذرة من عنصر الأرض النادر الإيتربيوم، الذى يتأرجح 100000 مرة فى الثانية أكثر من السيزيوم، العنصر المستخدم فى الساعات الذرية التقليدية. هذه الحقيقة تعنى أنه – إذا تم تتبعها بدقة – يمكن للساعة الجديدة أن تميز حتى الأجزاء الداخلية الأصغر من الوقت، وكما هو الحال مع الساعة الذرية العادية، حاصر الفريق الذرات فى تجويف ضوئى محاط بمرآتين – ولكن بعد ذلك أطلقوا ليزرًا عبر التجويف بحيث ارتد بين المرآتين، وتفاعل بشكل متكرر مع الذرات وشابكها. وشرح الباحث والفيزيائى تشى شو، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أيضًا: أن “الأمر يبدو وكأن الضوء بمثابة رابط اتصال بين الذرات“. وستعمل الذرة الأولى التى ترى هذا الضوء على تعديل الضوء قليلاً، وهذا الضوء يعدل أيضًا الذرة الثانية، والذرة الثالثة، ومن خلال العديد من الدورات، تعرف الذرات بعضها بعضا معًا وتبدأ فى التصرف بشكل مشابه“. كما استخدم الفريق بعد ذلك شعاع ليزر آخر لقياس متوسط تواتر الذرات – على غرار الطريقة المستخدمة فى الساعات الذرية الحالية، وتوصل فريق الباحثين إلى أن التشابك سمح للساعة بالوصول إلى الدقة المطلوبة أربع مرات أسرع من الساعات الحالية. وقال الباحث والفيزيائى فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بروفيسور فلادان فوليتيك: إن تصميم الساعة الجديد يمكن استخدامه لمعالجة أسرار الكون المختلفة بشكل أفضل
مشاركة :