تواصلت الاشتباكات، أمس، بين الجيش السوداني والقوات الإثيوبية على الحدود بين البلدين، رغم وصول وفد رفيع إثيوبي إلى الخرطوم لمناقشة أزمة ترسيم الحدود بين البلدين التي تعود إلى عام 1902، لكنها عادت إلى الواجهة أخيراً بسبب تداعيات الصراع في إقليم تيغراي الذي فر منه الآلاف إلى السودان. وقال موقع «سودان تريبيون» أمس، إن الجيش السوداني دمر معسكرين لقوات وميليشيات إثيوبية على الحدود الفاصلة بين البلدين، مضيفاً أن الاشتباكات الضارية نتج عنها سقوط قتيل وعدد من الجرحى. ونقل الموقع عن مصادر، أن الجيش السوداني بدأ باستعادة أجزاء من منطقة سلام بر التي كانت القوات الإثيوبية سيطرت عليها قبل 26 عاماً، التي تقع داخل الحدود السودانية بعمق 15 كيلومتراً، وقد شيدت فيها القوات الإثيوبية معسكرين كبيرين. وحسب «سودان تريبيون»، توغل الجيش السوداني في محاولة لاسترداد مساحات زراعية في سلسلة جبال أبوطيور، وهو يسعى للوصول إلى الحدود الموضوعة بين البلدين في عام 1902. وكانت القوات المسلحة السودانية أعلنت الأربعاء الماضي أن قوة تابعة لها تعرضت لكمين داخل الأراضي السودانية في منطقة أبوطوير شرق ولاية القضارف، متهمة «القوات والميليشيات الإثيوبية» بتنفيذه. والسبت، أعلن السودان إرسال «تعزيزات عسكرية كبيرة» إلى «الخطوط الأمامية داخل الفشقة لإعادة الأراضي المغتصبة والتمركز في الخطوط الدولية وفقاً لاتفاقيات عام 1902». وقالت القوات المسلحة السودانية في بيان، إنها «لن تسمح بغزو أراضيها»، وأنها قامت «بإعادة الانتشار والانفتاح في مناطق داخل حدود السودان بغرض الحيلولة دون استغلال أطراف الصراع في إثيوبيا لأراضيها لانطلاق أي نوع من العمليات». وقللت أديس بابا من خطورة الكمين الذي تعرض له الجنود السودانيون وأكد رئيس وزرائها أبيي أحمد قوة العلاقات «التاريخية» بين البلدين. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الإثيوبية إن قوات الأمن الإثيوبية «صدت اعتداء نفذه جنود ومزارعون على أراضيها». ويشهد السودان، خصوصاً ولاية القضارف المتاخمة لإثيوبيا أزمة إنسانية كبيرة بعد وصول خمسين ألف لاجئ إليها هرباً من الحرب في إقليم تيغراي، وفقاً للأمم المتحدة. ورسمت الحدود في 1902 بموجب اتفاق بين بريطانيا وإثيوبيا لكن مازالت هناك ثغرات في بعض النقاط مما يتسبب في وقوع حوادث. وكان هناك مفاوضات لسد هذه الثغرات، لكنها توقفت منذ 2006. ثم استؤنفت أخيراً، وعقد آخر اجتماع بخصوصها في مايو 2020 في أديس أبابا. وأمس، قال مكتب رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في بيان إن وفداً إثيوبياً رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ديقمن مكنن وصل إلى السودان للمشاركة في اجتماع اللجنة السياسية المشتركة. وأضاف البيان أن الوفد الزائر سيناقش قضايا الحدود وفقاً للوثائق الموقعة من الطرفين، من دون الإشارة إلى موعد توقيع هذه الوثائق «فضلاً عن تحديد موعد بدء العمل الميداني لترسيم الحدود». انتقادات إثيوبية وما إن افتتحت الجلسة حتى وصف نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي ديقمن مكنن سلوك السودان بأنه «غير ودي». وقال مكنن خلال اجتماع اللجنة السياسية العليا المشتركة لترسيم الحدود إن «ما شهدناه أخيرًا لا يدل على علاقات ودية بين البلدين (...)، ولهذا نريد إعادة تفعيل الآليات القائمة». وشدد في كلمته، التي وزعت نصها السفارة الإثيوبية في الخرطوم، على أن «إيجاد حل دائم على الحدود يتطلب تسوية ودية للمسائل المتعلقة بالسكن وزراعة الأراضي». واتهم الوزير الإثيوبي القوات السودانية باستغلال النزاع في تيغراي للتقدم على الأرض التي تعتبرها إثيوبيا تابعة لها. وقال: «منذ 9 نوفمبر، شهدنا نهب منتجات المزارعين الإثيوبيين، وتعرض مخيماتهم للتخريب وتعطل محاصيلهم. لذلك نحن قلقون للغاية». ويقود مفاوضات الخرطوم من الجانب الإثيوبي الوزير مكنن، ومن الجانب السوداني وزير شؤون مجلس الوزراء عمر مانيس. إلى ذلك، ووسط جمود في العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا بسبب تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبية، صرح رئيس المنطقة الصناعية المصرية بإثيوبيا، علاء السقطي، عن اتجاهه لتعيين مكتب محاماة دولي من أجل رفع قضية أمام التحكيم الدولي ضد الحكومة الإثيوبية، بسبب الصعوبات التي تواجهها الاستثمارات المصرية في إثيوبيا بعد أزمة تيغراي. السقطي قال في تصريحات صحافية، إنه يبحث عن مكتب محاماة له صفة دولية يتولى هذا الملف، وذلك بعد فشل الاجتماع الذي عقده مع ممثلي السفارة الإثيوبية في القاهرة الأربعاء الماضي، الذي لم يشهد أي تطور إيجابي لحل أزمة الاستثمارات للمصرية العالقة في منطقة النزاع المسلح بإقليم تيغراي الإثيوبي. متى تعود العمالة؟ وأشار إلى أنه طرح على مسؤولي السفارة الإثيوبية سؤالاً حول الموعد الذي يسمح فيه بعودة العمالة إلى المصانع مرة أخرى، لكن مسؤولي السفارة لم يقدموا أي موعد محدد وملزم يسمح ببدء العمل دون حدوث مخاطر على العمالة من بيئة العمل، ما يعني زيادة مدة توقف المصانع عن العمل، وهي المتوقفة أصلاً منذ أربعة أشهر. ودعت السفارة الإثيوبية بالقاهرة عدداً من رجال الأعمال المصريين المستثمرين في إثيوبيا، لعقد اجتماع الأربعاء الماضي، لمناقشة سبل تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، لكن اللقاء لم ينجح في تهدئة خواطر المستثمرين المصريين الذين يخشون على استثماراتهم في إثيوبيا من الضياع. وتقدر الاستثمارات المصرية في إقليم تيغراي بنحو 10 ملايين دولار بشكل مباشر، في حين تصل إجمالي استثمارات مصر في إثيوبيا بنحو 700 مليون دولار، حتى عام 2018، مع توقعات بتجاوزها المليار دولار مع نهاية العام الحالي، وتتركز الاستثمارات المصرية على البنية التحتية وأعمال البناء.
مشاركة :