برلين – أكد السفير الإسرائيلي في برلين جيريمي يسخاروف انفتاح إسرائيل على الفكرة التي تقدمت بها ألمانيا بشأن اتفاق إيراني أوسع يشمل خصوصا البرامج الباليستية الإيرانية بعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه الشهر المقبل. وقال السفير الإسرائيلي إن الدعوة الأخيرة التي وجهها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى توسيع الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015 “خطوة في الاتجاه الصحيح”. ولم تعد معظم الدول الأوروبية مقتنعة بإمكانية إنعاش الاتفاق النووي الحالي، بعد تملص إيران من معظم الالتزامات التي نص عليها، على خلفية انسحاب الولايات المتحدة منه، وإعادة فرض عقوبات مشددة على طهران. وكان الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب الذي سيغادر البيت الأبيض في 20 يناير، انسحب في العام 2018 من الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع إيران لمنعها من امتلاك أسلحة نووية. ويعتبر ترامب أن الاتفاق ليس كافيا للحد من تحركات الجمهورية الإسلامية التي تؤدي إلى “زعزعة الاستقرار”. في المقابل أكد الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن خطته للعودة إلى هذا الاتفاق، وسط تساؤلات حول ما إذا كان تغير مواقف الدول الأخرى المشاركة في صياغة الاتفاق، لجهة انفتاحها على اتفاق آخر أكثر توسعا ويشمل أنشطة طهران المثيرة للقلق، قد يدفعه إلى إعادة التفكير في الخطوة. وسبق وأن حثت بريطانيا على وجوب التوصل لاتفاق جديد، وكان مدير وكالة الطاقة الذرية قال بدوره إنه من الصعوبة بمكان إعادة إحياء الاتفاق الحالي، بعد إخلال طهران بتعهداتها. لكن طهران شددت موقفها في الأسابيع الأخيرة لجهة إعلان رفضها الخوض في أي اتفاق جديد مع إقدامها على خطوات عملية لاستئناف برنامجها النووي كتركيب ثلاث مجموعات متتالية جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتخصيب اليورانيوم في نطنز (وسط إيران) الأمر الذي أثار مخاوف باريس ولندن وبرلين، حيث سارعت العواصم الثلاث في بداية ديسمبر الجاري إلى إبداء “قلق شديد”. وكان وزير الخارجية الألماني طالب في الرابع من ديسمبر “باتفاقية نووية إضافية” من شأنها أن تحظر تطوير أسلحة نووية وكذلك الصواريخ الباليستية “التي تهدد المنطقة بأسرها”. وقال السفير الإسرائيلي إنه ينبغي على الدول الموقعة للاتفاق أن تأخذ في الاعتبار “تورط إيران الذي يزعزع الاستقرار” في دول مثل سوريا ولبنان واليمن والعراق قبل أي مفاوضات جديدة مع طهران. وأضاف “أعتقد أن الناس يجب أن يدركوا أنه لا يمكننا العودة إلى عام 2015 ببساطة”، مشيرا إلى أنه “كان هناك إنتاج لصواريخ وتجارب لصواريخ، وهذه المسائل تحتاج إلى معالجة، بالإضافة إلى الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها إيران لمجمل اتفاق خطة العمل المشتركة الشاملة”. ورحب يسخاروف بالتزام ألمانيا الأنشط في الشرق الأوسط و”بالشراكة الاستراتيجية” التي تم تطويرها مع الدولة العبرية بعد 75 عاما على محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية. وهو يتوقع أن تتحسن “لهجة” العلاقات بين برلين وواشنطن مع وصول بايدن إلى السلطة. ويأمل يسخاروف في إقامة علاقة “ثلاثية لشراكة استراتيجية” بين الدول الثلاث بشأن القضايا الأمنية في الشرق الأوسط، معتبرا أنها “ستكون جيدة جدا لجميع الأطراف”. وقال السفير الإسرائيلي إن جهود ألمانيا للتكفير عن الفظائع النازية سمحت للعلاقات مع إسرائيل بالازدهار منذ أن بدأت العلاقات الدبلوماسية بينهما في 1965. وذكر يسخاروف خصوصا الزيارات “المؤثرة” التي قام بها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى نصب محرقة اليهود (ياد فاشيم) في القدس وموقع أوشفيتز هذا العام، إلى جانب المناورات العسكرية المشتركة التي أجريت في أغسطس بين طيارين حربيين إسرائيليين وألمان. وقال الدبلوماسي “من قضايا الدفاع إلى الثقافة، ومن التزامات بين الشعوب إلى الاقتصاد ومن التحكم الآلي إلى الاستخبارات، لا يمكنني أن أرى سوى شراكة تتطور وتصبح واحدة من أهم الشراكات لإسرائيل في أوروبا وحتى في العالم، وأقول الأهم على الأرجح”. وأوضح يسخاروف أن برلين لعبت على ما يبدو دورا بناء في الاتفاقات المبرمة برعاية الولايات المتحدة بين إسرائيل وأربع دول عربية هي المغرب والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان. وأكد السفير الإسرائيلي أن وزير الخارجية الألماني استضاف نظيريه الإسرائيلي والإماراتي في برلين لعقد اجتماعهما الأول، معتبرا أنها “خطوة مهمة جدا لألمانيا وإشارة مهمة جدا إلى التزامها بالعملية”. وأشاد يسخاروف بالمستشارة أنجيلا ميركل التي ستغادر السلطة في 2021 بعد 16 عاما من الحكم. وقال “من المهم الاعتراف بمساهمتها المذهلة في قوة العلاقة الألمانية الإسرائيلية”. وعبّر عن أمله في أن “يستمر هذا الالتزام في السياسة الخارجية الألمانية”. وختم يسخاروف بالقول “إنني متحمس للغاية من الطريق الذي يمكن أن يسلكه البلدان بعد فترة صعبة جدا ليصبحا قريبين للغاية”. ويرى خبراء أن ألمانيا كما باقي الدول المشاركة في صياغة الاتفاق النووي الحالي ستلعب دورا مؤثرا لجهة الضغط على إيران لتبني اتفاقا جديدا. ويشير الخبراء إلى أنه لم يعد بالإمكان تجاهل مخاوف دول المنطقة بشأن نشاطات طهران الأخرى المزعزعة للاستقرار ومنها الصواريخ الباليستية، وأيضا دعم الميليشيات الشيعية المنتشرة اليوم في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
مشاركة :