أسئلة بلا أجوبة بعد مرور أربعة أشهر على كارثة بيروت

  • 12/24/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - مرت أربعة أشهر على انفجار بيروت المدمر، ولا تزال أسئلة كثيرة بلا أجوبة فيما ينتظر الضحايا نتيجة التحقيق في أسباب تخزين مادة سريعة الاشتعال بعلم السلطات دون مراعاة إجراءات السلامة في المرفأ الذي تحيط به أحياء سكنية لأكثر من ست سنوات. وكانت القيادات اللبنانية وعدت بالكشف عن ملابسات المأساة التي هزت العاصمة في غضون أيام، إلا أنها إلى الآن لم توجه اتهاما بالمسؤولية عن الانفجار الذي راح ضحيته نحو 200 قتيل وستة آلاف مصاب وشرد حوالي 300 ألف من سكان بيروت. وتعتقد تريسي وبول نجار أنه كان بالإمكان أن تنجو ابنتهما ألكسندرا من انفجار الرابع من أغسطس الذي وقع في مرفأ بيروت لو أن السلطات أدت ما عليها في ذلك اليوم المشؤوم. وفي غمار حزنهما على ابنتهما التي اختطفها الموت وهي في الثالثة من عمرها يؤرقهما سؤال واحد: لماذا لم يُطلق أحد جرس إنذار أو يجلي السكان بينما كان الحريق يستعر لأكثر من نصف ساعة قرب كمية هائلة من مادة شديدة الانفجار؟ قالت تريسي (34 عاما) التي كانت في بيتها مع أسرتها في حي الجميزة عندما دمر الانفجار مرفأ بيروت القريب من المنطقة "كان عندهم 40 دقيقة ليقولوا لنا ’اخرجوا من بيروت. اختبئوا. ابتعدوا عن النوافذ!’. لم يفعلوا ذلك". وأضافت "كان عندهم 40 دقيقة للاستعداد لانفجار بيروت، لإعداد المستشفيات، لفتح الطرق وإرسال الأطباء والجيش ولم يفعلوا ذلك". وتوفيت الطفلة ألكسندرا ابنتهما الوحيدة متأثرة بالجروح التي أصيبت بها وذلك بعد خمسة أيام من الانفجار. وأكدت والدة الطفلة أنه لو كانت الطرقات مفتوحة لنجا كثيرون من الموت ومن بينهم ابنتها ألكسندرا. وروت كيف أن الأجهزة الأمنية لم يكن لها وجود في أعقاب الانفجار، وكيف ساعد الناس العاديون بعضهم بعضا. فقد وصل زوجها بول إلى المستشفى ومعه ألكسندرا على دراجة نارية لشخص غريب. وانقضت أسابيع قبل أن تسمع الأسرة شيئا من أحد المسؤولين. وكان أول من اتصل بالأسرة ضابط من الجيش طلب منها المشاركة في اجتماع لتأبين الضحايا يحضره قائد الجيش. وقوبل الطلب بالرفض. قال بول نجار (36 عاما) وقد بدت على وجهه ندوب من آثار الانفجار "بالنسبة لنا الرئيس والحكومة والجيش كلهم جزء من هذا، وهذه طريقة لغسل أيديهم". وأضاف أنه كان من الممكن تفادي سقوط الكثير من الضحايا لو أن الأجهزة المعنية أطلقت أجراس الإنذار. ويرى البعض في لبنان أن الانفجار وأسلوب أجهزة الدولة في التعامل مع تداعياته يمثلان إدانة للنخبة السياسية الحاكمة التي قادت البلاد من أزمة إلى أخرى. واحتجزت السلطات عددا من كبار المسؤولين من بينهم المدير العام للمرفأ ومدير الجمارك، كما وجه القاضي الذي يتولى التحقيق تهمة الإهمال لرئيس وزراء لبنان السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين. وقال دياب الذي قدمت حكومته استقالتها بسبب الانفجار بعد أن تولت الحكم في أوائل 2020 إن ضميره مرتاح واتهم القاضي بمخالفة الدستور. وتبين وثائق وتصريحات لمصادر أمنية رفيعة أن مسؤولين أمنيين حذروا رئيس الوزراء ورئيس الدولة في يوليو من أن نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ تمثل خطرا أمنيا وربما تدمر العاصمة إذا انفجرت. وفي أكتوبر قال مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي الذي أرسل محققين إلى بيروت للمساعدة في تحري حقيقة ما حدث، إنه لم يتوصل إلى استنتاج مؤكد لسبب الانفجار. وتعتقد وكالات أميركية أخرى ووكالات حكومية أوروبية تتابع التحقيقات عن كثب اعتقادا راسخا بأن الانفجار غير متعمد. وفي ذكرى مرور أربعة أشهر على الانفجار تجمعت أسر بعض الضحايا في وقفة احتجاجية عند مدخل المرفأ، وطالب الأهالي بمعرفة نتائج التحقيق وبالشفافية محذرين من نفاد الصبر. ومنذ الانفجار واستقالة الحكومة في أعقابه، فشل الساسة من أصحاب النفوذ في تشكيل حكومة جديدة وسط مناوشات على شغل المناصب. وعرقلت هذه الخلافات المعهودة مساعي لبنان لإعادة البناء بعد الانفجار في ظل المشاكل الأوسع مثل الأزمة الاقتصادية المتصاعدة التي دفعت بالملايين إلى صفوف الفقراء. وقالت ريتا حتي التي قتل ابنها نجيب أحد رجال الإطفاء مع اثنين آخرين من أفراد الأسرة أثناء مكافحة الحريق الذي تسبب في انفجار المرفأ "أي زعماء؟ لا يوجد لدينا أي زعيم حقيقي، لم يعتذر أي مسؤول عن هذه الجريمة بحق أبنائنا، هؤلاء لا يريدون سوى اقتسام المناصب، فهي أهم عندهم من أرواح اللبنانيين".

مشاركة :