ثلاث محطات مهمة في تاريخ البحرين المعاصر

  • 12/25/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ثلاث محطات مهمة في تاريخنا الحديث والمعاصر ينبغي التوقف عندها وتسليط الأضواء عليها وتحليلها والتمعن فيها ودراستها ويجب توضيحها للأجيال الجديدة، ليستذكروا تاريخ ومجد البحرين التليد، والمواقف الوطنية الشجاعة لأهل البحرين، والمحطات التاريخية هي: المحطة الأولى: وقوف شعب البحرين بتياراته المختلفة مع قيادته في مواجهة المطالبات الإيرانية بشأن البحرين، والتي أثيرت إبان نية بريطانيا الانسحاب من منطقة الخليج العربي في مطلع السبعينيات.وتم التوافق بين بريطانيا وشاه إيران على إحالة الموضوع إلى مجلس الأمن الدولي، وقد عيّن الأمين العام للأمم المتحدة في تلك الفترة الدبلوماسي الإيطالي فيتوريو وينسبير جيوشياردي مبعوثا خاصا، ويترأس لجنة تقصي الحقائق ومعرفة رغبات السكان البحرينيين بشأن الاستقلال الكامل.وقد وصل المبعوث الخاص إلى المنامة والتقى خلال فترة وجوده ممثلين ونخبا مختلفة من مكونات المجتمع البحريني المتنوع، وقد شملت النخب النادي الأهلي ونادي النسور ونادي العروبة ونادي الخريجين وسترة وسنابس وجدحفص والرفاع ونادي الإصلاح، والنعيم، وأسرة الأدباء والكتاب، وجمعية الهلال الأحمر البحرينية، وجمعية نهضة فتاة البحرين والذين أجمعوا جميعا على أنهم يريدون الاستقلال التام تحت راية أسرة آل خليفة الكرام كحكام لنا.ومثل هذه المواقف الوطنية النبيلة لشعب البحرين في وقفته الوطنية الكبيرة مع حكامه في مثل هذه القضايا المصيرية، سيسجلها التاريخ بفخر واعتزاز لشعب البحرين وهذه المواقف البطولية نصرة لعزة وكرامة البحرين.إن شعب البحرين لن يتوانى عن نصرة حكامه الكرام مطلقا، فمعهم في الشدة والرخاء وهم يضربون الأمثلة الكبرى للولاء الوطني الكبير لآل خليفة الكرام.المحطة الثانية: تعرضت مملكة البحرين طوال تاريخها الممتد لمطامع الاستعماريين من الدول المختلفة.ولعل المطامع البرتغالية لحوض الخليج وجزر البحرين تعد من أشهر وأبرز المطامع الاستعمارية في العصر الحديث.وثمة دوافع دينية وسياسية واقتصادية وراء مطمعهم الاستعماري للخليج والبحرين، وذلك ضمن محاولات السيطرة للحيلولة دون وصول المسلمين إلى المقدسات الإسلامية والتعاون مع غير المسلمين ليكونوا عونا لهم ضد المسلمين وتسخير جواسيس لمعرفة مظاهر قوة المسلمين وهذه من أبرز الدوافع السياسية والدينية والعنصرية للهيمنة البرتغالية على مقدسات المسلمين.ولا ننسى بطبيعة الحال الدوافع الاقتصادية في هذا الحقل، ومن بينها التحكم في طرق التجارة والملاحة الدولية للمشرق الإسلامي ومن ذلك السيطرة على مدخل مضيق هرمز، كونه الشريان الحيوي التجاري الاقتصادي. (انظر تاريخ البحرين الحديث والمعاصر: startimes.com).وقد مثلت الحماية البريطانية والاتفاقيات والمعاهدات مرحلة سياسية في تاريخ البحرين الحديث بسبب النفوذ البريطاني في حوض الخليج العربي والهند آنذاك.ولكن سرعان ما حصل وعي سياسي كبير بين المواطنين، ولعل من أسباب ذلك شيوع التعليم وابتعاث عدد كبير من البحرينيين للدراسة بالخارج وانتشار ظاهرة المد القومي العربي ومواجهة الاستعمار بالوطن العربي.وفي الخمسينيات ظهرت النوادي والجمعيات والمؤسسات والتي كانت بمثابة منتديات سياسية وثقافية شارك فيها الطلاب والمعلمون والموظفون والنخب السياسية والفكرية والعمال.وشاءت الإرادة الإلهية أن تنسحب بريطانيا من الخليج، فأعلنت البحرين استقلالها في أغسطس من عام 1971 في يوم تاريخي عظيم، وصدرت المراسيم الأميرية باعتبار البحرين دولة مستقلة، وأن يصبح مجلس الدولة مجلسا للوزراء ويصبح أعضاؤه وزراء.ومع الاستقلال ظهر عهد جديد لمملكة البحرين وسارت مملكة البحرين في دروب التنمية والتقدم، ونما الاقتصاد وزادت الثروة وتقدم التعليم وتطورات المناحي الصحية وظهرت المصانع وزاد الدخل القومي للمملكة، وأصبح المواطنون في رفاهية من العيش في ظل القيادة السياسية للمملكة.وكان الراحل الكبير صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) رئيسا لمجلس الوزراء وقاد المملكة إلى مرحلة جديدة من الحداثة والتطور في مختلف الحقول الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وتبوأت مملكة البحرين مكانة عصرية بنهضة شاملة في كافة المجالات.وتشكل أول مجلس للوزراء بعد الاستقلال والذي ضم شخصيات كفؤة ومقدرة في ذلك الوقت، منهم الراحل المرحوم السيد محمود أحمد العلوي وزير المالية والاقتصاد الوطني، ومنهم المغفور له الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل خليفة وزير التعليم خلفا للراحل المرحوم الأستاذ أحمد العمران والذي عيّن مستشارا في مكتب سمو الأمير الراحل، ويعد المغفور له الساعد الأيمن في دائرة التربية والتعليم، وكان دينامو الدائرة وملما بكل كبيرة وصغيرة ولعب دورا كبيرا في تطوير مناهج التعليم والتعليم الإعدادي والثانوي، وجعل التعليم الإعدادي ثلاث سنوات دراسية بعد أن كان سنتين، وأدخل مادة المجالات العملية كمادة لتعزيز المواهب العملية لدى الطلاب.ومنهم الراحل المرحوم الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية ذو المكانة العالية، والجليل القدر والقامة الإدارية الكبيرة صاحب الذوق الإسلامي وله مؤلفات في تاريخ البحرين وقام بتطوير المحاكم والمنظومة القضائية ككل وبناء وتشييد مجمع للمحاكم ومقر ديوان الوزارة بالمنطقة الدبلوماسية وجامع أحمد الفاتح الإسلامي ومركز الشيخ عيسى الثقافي ومكتبة البحرين المركزية.ومنهم المهندس الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء وأول وزير للإسكان، في عهده نمت المشروعات الإسكانية الجديدة وتم إنشاء مدينة حمد، وتلبية حاجات المواطنين من الخدمات الإسكانية.وكانت له جلسة أسبوعية يستقبل فيها المواطنين ويلبي حاجاتهم ويزيل العثرات، مما أدى إلى رضا عام بين المواطنين بهذه السياسات الناجحة.ومنهم الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في أول حكومة بعد الاستقلال، وهو من أرسى أسس العلاقات الخارجية ومهندس السياسة الخارجية لمملكة البحرين، وكون في عهده عدة علاقات دبلوماسية مع العالم، وكان الجميع ينظر إلى سياسة مملكة البحرين الخارجية على أنها متزنة وعقلانية، حيث تنتهج سياسة الحياد الإيجابي والتعايش السلمي، واحترام سيادة واستقلال الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول.ومنهم الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس العائلة الحاكمة المالكة الكريمة، وأول وزير داخلية في حكومة الأمير الراحل الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه ورحمه الله)، حيث ثبت أركان العمل الأمني الشرطي، وأدخل التقنيات الحديثة في البحث والأدلة، وأسس مجموعة الشرطة النسائية للتعامل مع النساء والأطفال، حيث ترأست العميد عواطف حسن الجشي كأول امرأة بحرينية رئاسة الشرطة النسائية، وتم استحداث نظام إيداع رعاية الأحداث، وفي عهده تم قبول كثير من المواطنين للتجنيد في سلك الشرطة والأمن، وتم التوسع في إنشاء المرافق الأمنية المتعددة مثل مراكز الدفاع المدني وغيرها من المرافق.ومنهم الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأسبق، من الذين ساهموا في نهضة البحرين على الصعيد العمالي والتنمية الاجتماعية، حيث أسس لمنظومات العمل والعمال، وإصدار أول قانون عمل بحريني وإنشاء شبكة تدريب حرفية مهنية، وتنمية القوى العاملة البحرينية بهدف تخريج كفاءات بحرينية مدربة، حيث تم إنشاء مركز البحرين للتدريب الوطني (معهد البحرين للتدريب) والذي ينظم دورات تدريبية مكثفة في تعليم مهارات اللحام والميكانيكا وغيرها من الحرف والمهن، والذي تطورت فيه الآن العمليات التدريبية تبعا للحداثة والتطور الحديث.وأسس رحمه الله تعالى شبكة كبيرة من أشكال الضمان الاجتماعي للمستحقين له من الفئات التي ينطبق عليها قانون الضمان الاجتماعي.ومنهم الراحل المغفور له الشيخ عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل خليفة، الرئيس العام للهيئة البلدية المركزية المؤقتة، حيث إنه بتاريخ 30/9/1975 صدر المرسوم الأميري رقم (19) لسنة 1975 بتعيينه، ومارس جميع الاختصاصات الموكلة له، تبعا للقانون رقم (16) لسنة 1973 بإنشاء وتنظيم الهيئة البلدية المركزية المؤقتة، والمرسوم بقانون رقم (14) المعدل له، إلى أن صدر في 12 سبتمبر من عام 1976 المرسوم الأميري رقم (16) لسنة 1976 عيّن بموجبه الشيخ عبدالله بن إبراهيم رئيسا عاما للهيئة البلدية المركزية المؤقتة بدرجة وزير مختص.ولقد شهدت البلاد في عهده نهضة بلدية عارمة شملت المدن والقرى والأحياء وزاد التوسع في العمل البلدي، وعيّن الكثير من مراقبي البلديات، وتم إنشاء العديد من الحدائق والمتنزهات العامة وتجميل الميادين العامة والشوارع الرئيسية، كما سُنت الكثير من خطط أعمال النظافة وأنشئت الأسواق المركزية ومنها سوق المنامة المركزي وشُرّعت أنظمة وقوانين البناء والهدم والصيانة للمباني، وصلاحيات هدم الأبنية الآيلة للسقوط، حفاظا على الأرواح والمارة وتنظيم الاستملاك للمنافع العامة وتسمية الشوارع وتنظيم الطرق والممرات والمناطق والأحياء وتسميتها.ومنهم السيد جواد بن سالم العريض نائب رئيس مجلس الوزراء، وقد عين في أول حكومة وزيرا للدولة لشؤون مجلس الوزراء، حيث أسس لمنظومة تنظيم شؤون الموظفين وإنشاء جهاز ديوان الموظفين، ونظم الكوادر الوظيفية المختلفة ومنح علاوات الموظفين وغيرها، وكذا الدكتور حسين محمد البحارنة وزير الدولة للشؤون القانونية، حيث وضع الأسس التشريعية المختلفة وصياغة مراسيم القوانين، والمغفور له يوسف أحمد الشيراوي أول وزير للتنمية والخدمات الهندسية، عُدّلت لاحقا ليصبح وزير التنمية والصناعة، والذي نهضت البلاد معه نهضة صناعية، ومنهم الدكتور علي محمد فخرو وزير الصحة، وإبراهيم عبدالكريم محمد وزير المالية والاقتصاد، والمرحوم حبيب أحمد قاسم وزير التجارة والزراعة، والمغفور له إبراهيم محمد حسن حميدان وزير المواصلات والنقل، وأول رئيس لمجلس الشورى، والذي أنشئ ببداية تسعينيات القرن الماضي في عهد الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين كمجلس استشاري لإبداء الرأي والمشورة فيما تحال إليه من قوانين ومواضيع إلى أن صدرت المراسيم والأوامر الأميرية بتوسيع صلاحياته بمناقشة أي مواضيع يبديها ويرغب فيها المجلس، ومنهم المهندس ماجد جواد الجشي وزير الأشغال والكهرباء والماء، والذي أسس لمنظومة البنى التحتية وتطوير قطاعي الأشغال العامة والكهرباء والماء.ورغبة من الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بانتهاج الديمقراطية مسلكا للحكم والإدارة بعد الاستقلال كان إنشاء (المجلس التأسيسي) الجمعية العامة لوضع الدستور والذي اختير أعضاؤه بنظام الانتخاب الحر المباشر، وكذا تم إنشاء المجلس الوطني ليمارس صلاحياته في التشريع والرقابة، وقد أجريت عملية انتخاب المجلس الوطني في يوم (7) ديسمبر 1973، وقد تنافس (114) مرشحا يمثلون شرائح المجتمع والتوجهات المختلفة، وشهدت إقبالا كبيرا للمواطنين كأول تجربة ديمقراطية بالبلاد، إذ بلغ عدد من صوّت وشارك في الانتخابات قرابة 27 ألف ناخب.المحطة الثالثة: لاحت في الأفق تباشير العهد الإصلاحي بتولي صاحب الجلالة الملك المفدى سدة الحكم في عام 1999، وما تمخض عن ذلك من جملة إصلاحات كبيرة، سياسية واقتصادية واجتماعية ومعيشية وإدارية وقانونية، ولعل الأبرز فيها عودة الحياة الديمقراطية بنظام الغرفتين (الشورى) و(النواب) كطريقة ملكية ديمقراطية جديدة.لقد ارتكز المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى على بعدين رئيسيين، يمثلان الفلسفة الإصلاحية للمشروع الكبير الذي قاده جلالة الملك المفدى بكل اقتدار.البعد الأول: إصلاح ديمقراطي شامل، تتأكد فيه الحريات، حريات الرأي والتعبير والحقوق العامة وكفالة حقوق الإنسان.البعد الثاني: إنشاء المؤسسات الدستورية والحقوقية والهيئات والمنظمات المختلفة، ولقد شمل ذلك ميلاد النيابة العامة والمحكمة الدستورية العليا والمجلس الأعلى للمرأة وديوان الرقابة المالية والإدارية والمنظمات النقابية والاتحادات العمالية والأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للتنمية السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية، ومنظمات مراقبة حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية، وغير ذلك من التنظيمات المختلفة.وامتاز العصر الذهبي لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى بالصفح والتسامح والعفو، حيث العيش في مجتمع الأسرة الواحدة قوامها الترابط والمحبة.وكان حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى قد أصدر مراسيم عفو كثيرة في هذه المرحلة الذهبية الكبرى تنبع من قلب رحيم ولا سيما أن العفو إنما يصدر عن الكبار العظماء.ولقد شكلت مراسيم العفو الكثيرة خطوة حضارية كبيرة، فلا يستغرب من جلالته، هذا الكم الهائل من مراسيم العفو والتي أسست لقيم الرحمة والعطف والصفح في مسيرة العهد الزاهر لسيدي صاحب الجلالة الملك المفدى.S-HAIDER64@hotmail.com

مشاركة :