أقصى عقوبة يمكن أن يتعرض لها فريق في كرة القدم، هي أن تحرمه من جمهوره، أي عندما يدخل لاعبوه إلى أرض الملعب لا يجدون تلك الحشود التي تهتف بأسمائهم، وتمنحهم القوة والحماسة لمجابهة أقدار الملاعب ووقودهم لتحقيق غاياتهم. الجمهور كما هو معروف فاكهة الكرة، ووجوده يعني أن المتعة ستكون حاضرة داخل الملعب، وعندما يكون الجمهور هو جمهور الهلال فهذا منحى آخر، وبعد آخر، وجمال آخر، كيف لا وهو يحضر مزينا بالأعلام والشعارات الزرقاء، مؤازرا لاعبيه بقوة، ودائما يشكل لوحة وكأنها بريشة رسام ماهر، لا يفتر ولا يمل مساندتهم، هو معهم أينما رحلوا ووجدوا، لا يهمه إن كان فريقه يلعب داخل الرياض أو حتى خارجها. في المواسم الماضية رسمت هذه الجماهير أجمل الصور في دوري أبطال آسيا، كل الأندية التي واجهت الهلال أكدت تأثيرها على نتائج المباريات، بل إن البعض وصفهم بأنهم هم السر الحقيقي لخسائرهم على ملعب الأزرق. مباراة اليوم أمام لخويا القطري في الدور ربع النهائي من دوري أبطال آسيا على ملعب الملك فهد الدولي، ستكون خالدة في التاريخ، نظرا لأن المدرجات التي اعتادت على الحضور الكثيف ستكون خاوية إلا من قلة لا تسمن ولا تغني من جوع، تكاد تجن من الصمت الذي لم تعتد عليه عندما يلعب الهلال، وليس هناك سوى الصدى ولا شيء آخر. كون الهلال يلعب وحيدا، دون جمهور اعتبر البعض أن هذا الوضع لن يكون في صالحه، لأنه سيفتقد أهم أسلحته في هذه المعركة الآسيوية، وهو الذي يبث الرعب في الأندية المنافسة قبل أن يكون للجانب الفني دور في المباراة، إلا أن هناك فئة أخرى ترى أن كثافة الجماهير في بعض المباريات تزيد من الضغوط لدى اللاعبين، وتجعل أصواتهم بدلا من أن تكون هي العون على الخصم تكون نقطة سلبية عليهم، ويبقى الرأي النفسي هو الأقرب في وصف حالة اللاعبين في ظل مدرجات لا يخرج منها إلا صدى، عن ذلك يقول المختص النفسي بدر البراهيم: "في عالم كرة القدم تعد الجماهير عنصرا فاعلا في كل الحالات، وفي بعض المباريات يكون هي صاحب التأثير الأعلى ويتجاوز بذلك اللاعبين، وذلك في حال كان الفريق صاحب الأرض قد استطاع أن يدخل إليها بدعم الجماهير دون أي أمر آخر، لأنه لو دخلها بحثا عن إرضاء وإسعاد الجماهير وعدم الرغبة في خروجهم خاسرين، قد يسبب ذلك ضغطا رهيبا يجعل حضورهم يصب في مصلحة الفريق الضيف وليس العكس". في الآونة الأخيرة أصبحت المنتخبات الوطنية والأندية السعودية لا تحقق نتائج إيجابية في المباريات التي تشهد حضورا جماهيريا كثيفا، بل أصبح ملء المدرجات مؤشرا سلبيا على نتيجة المباراة قبل بدايتها، عن ذلك يقول البراهيم: "الأندية السعودية وقبل ذلك المنتخب السعودي لا تجيد التعامل مع مثل هذه المباريات، الحضور الجماهيري ليس إيجابيا في كل الحالات وبالتحديد إن لم يكن هناك تعامل جيد مع هذا الحضور، الأندية العالمية تستعين بمختصين من أجل أن يكون هذا الجمهور هو القائد في أوقات المباراة، لذلك فإنه يتوجب علينا العمل بشكل أكبر على تطوير بعض الجوانب التي تختص في إعداد وتجهيز اللاعبين للمباريات". يذكر أن الاتحاد الآسيوي سمح بحضور 1400 شخص في المنصة الرئيسة للمباراة، مما سيجعل جميع المدرجات خاوية إضافة إلى منع وجود أي شعارات تحفيزية للاعبين في مدرجات الملعب.
مشاركة :