حساب المواطن أحد أهم برامج الحماية الاجتماعية التي أقرتها حكومة المملكة من أجل حماية المواطنين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط من أثر الأعباء المالية التي نشأت بسبب الإصلاحات الاقتصادية والهدف هو توجيه الدعم المالي لهذه الفئات.. بدأ صرف التعويضات مع نهاية العام 2017 وفي الدفعة الأولى دفعت الحكومة تعويضات مالية تُقدر بـ2 مليار ريال وحصلت 50 % من الأسر على متوسط دعم يقدر بـ938 ريالا، وأعتقد أن هذا التعويض في وقته كان جيدا ويتناسب مع الزيادة في أسعار الوقود والخدمات وخصوصاً بعدما أضيف له بدل غلاء المعيشة لجميع موظفي القطاع العام والمتقاعدين، الأرقام يفترض أن تتزايد كل شهر عطفاً على أن هنالك مواليد جددا وأيضاً تكون أسرا جديدة، وهنالك تابعون يخرجون من الدعم مع المراجعات الشهرية والبيانات المالية التي يتم تحديثها ولكنها أعداد تقل كثيراً عن الإضافات الجديدة وتبقى الزيادة في أعداد المستفيدين هي الأساس يصاحبها زيادة في مبالغ التعويضات وهو ما حدث فعلياً حيث استمر نمو الدعم حتى وصل ذروته في الدفعة رقم 28 التي قُدرت بـ2.7 مليار ريال دٌفعت لـ 3.8 ملايين أسرة و12.7 مليون مستفيد وكان ذلك في شهر مارس 2020، وبعد هذه الدفعة تناقصت التعويضات بشكل حاد حتى وصلت في شهر ديسمبر الحالي إلى 1.8 مليار لحوالي 10.7 ملايين مستفيد وتابع، والحقيقة لم أجد أي تفسير منطقي عن سبب انخفاض قيمة التعويضات عكس المتوقع وهي الزيادة، بالرغم من ارتفاع تكلفة المعيشة وإلغاء بدل غلاء المعيشة، مع أن المبادئ التوجيهية لتصميم برنامج حساب المواطن هي توفر الحماية اللازمة لأصحاب الدخل المنخفض من التأثير المحتمل للإصلاحات وأن يكون الدعم بناءً على مستويات الاستهلاك، وأن يكون الدعم عادلاً لكل فئة ومتغير حسب حجم الأسرة والظروف الاقتصادية، إلا أن حساب المواطن لم يراع هذه المتغيرات الاقتصادية التي طرأت وأثرت كثيراً على الأسر الأقل دخلاً، الكل يعلم أن العالم والمملكة العربية السعودية مرت بظروف اقتصادية في غاية الصعوبة بسبب جائحة كورونا ولولا أن الحكومة السعودية أدارت الأزمة بكل احترافية لانزلق الاقتصاد السعودي في مشاكل قد تحتاج إلى سنوات عديدة لمعالجتها، أما وقد تجاوزنا الأزمة وبدأنا مرحلة التعافي فإن برامج الحماية الاجتماعية بحاجة إلى إعادة نظر لكي يصل الدعم للمستحقين الأكثر حاجة له ولعل التقنية التي نجحت حكومة المملكة في تطويرها والاستثمار فيها وأصبحت من الدول الأكثر استخداما لها تستطيع جمع البيانات من كل مصادر المعلومات وتحليلها والوصول إلى الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط ودفع التعويضات المناسبة التي تعينهم على أي نقص في الدخل أو تعطل رب الأسرة عن العمل وربط بيانات الدخل بمؤشر تكلفة المعيشة وبالتحديد مؤشرات البنود الرئيسة لمعرفة مدى تأثير أي بند على الأسرة حسب بياناتها وتقديم الدعم وفق المتغيرات فلو حصل ارتفاع في بند السكن، والأسرة لديها سكن ملك لا يتم احتساب هذا البند في تحديد الدعم لهذه الأسرة وهكذا حتى نصل إلى بيانات دقيقة تساعد الحكومة على توجيه الدعم بطريقة أكثر فاعلية. برنامج ساند لدعم المتعطلين عن العمل أثبت فاعليته خلال أزمة كورونا وساهم بشكل كبير في الحفاظ على المواطنين من فقد وظائفهم، هذا البرنامج الرائع يُدار تحت مظلة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولكن التأمينات مؤسسة تهدف إلى عمل توازن ما بين الإيرادات والمصروفات لمواجهة الارتفاع في تعويضات المتقاعدين وأظن أن بقاء برنامج ساند في التأمينات لن يكون ذا فاعلية تذكر بسبب أن المدفوعات لا بد أن تكون حسب المبالغ المرصودة لهذا البرنامج والتي تنحصر في نسبة 2% التي تخصم من الموظفين والشركات وقد لا تكون كافية للتوسع في تغطية برنامج التعطل عن العمل، والأفضل تحويله تحت مظلة وزارة المواد البشرية والتنمية الاجتماعية، أما برامج دعم مستفيدي الضمان الاجتماعي فهي الأخرى بحاجة إلى تطوير وزيادة قيمة التعويضات للأسر حتى تصل إلى مرحلة الكفاف، وكذلك عمل أنظمة تقنية تربط الجمعيات الخيرية بالوزارة وتعمل على تدفق البيانات المالية ما بين الوزارة والجمعيات الخيرية وأن تساعد هذه الأنظمة على ضبط وتوحيد آلية الدعم لأن الجمعيات الخيرية على الرغم من دورها المهم في جمع الأموال من المتبرعين وتنميتها إلا أن هنالك تباينا في عملية الصرف للمستحقين وتعتمد على السياسات الداخلية لكل جمعية وربما تتسبب هذه السياسات في صرف أموال الجمعية في غير محلها ولذلك من المهم توحيد الآلية لزيادة الفاعلية والوصول إلى المستحقين الأكثر احتياجاً.
مشاركة :