هل إرهاب الإخوان تنظيمي أم فكري؟

  • 8/25/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في الإعلام المصري تبحث عن الطرح الموضوعي الهادئ فلا تجده إلا بـ«المناكيش»، و«منكاش» جولتي على الصحف المصرية وأنا في رحلة على «المصرية» من مانشستر للرياض «نكش» مقالاً في «الشروق» المصرية السبت الماضي لكاتب ليبرالي مصري خصم للإخوان أعتبر مقاله موضوعيًا وإن اختلفتُ مع بعض تفصيلاته، يقول فيه ما مختصره إنه وإن اعتبر بعض حركة الإخوان المصرية إرهابيا بسبب ولوغها في بعض أحداث العنف، فإنه يعتبر أن وضع كل أفراد الجماعة إرهابيين ومن ثم إقصاء جميع أفراد الإخوان من العملية السياسية خطأ وانتحار سياسي، ويرى أن حركة الإخوان بعد 30 يونيو (حزيران) ليست على فكر واحد ولا على توجه متسق، وعليه فلا يصح أن يتم التعامل مع حركة بهذا الحجم الضخم المترهل والتمدد الكبير والعدد الذي لا ينافسها فيه فصيل سياسي آخر، بالتعميم الذي يستغرق كل أفراد الجماعة ومن ثم استئصال الحركة من جذورها، لأنها عملية مستحيلة. وهذا بالتحديد ما أكده كثير من المهتمين بالنزاعات السياسية العربية بغية علاج حالة الإقصاء والتمزق والاستقطاب التي تعيشها بعض الدول العربية هذه الأيام، وخصوصا دول المشرق العربي التي تشهد معركة وجودية مع خصمين خطرين شرسين، النظام الحاكم في إيران و«داعش» التي تريد بعناد شرس أن «تبقى وتتمدد». وحتى تتضح الصورة، لاحظ أن من حكم بالإرهاب على الإخوان لم يحدد هل الحكم بالإرهاب فقط لمن انتمى للحركة وبايع مرشدها ودفع رسومها، أم من انتمى لفكرها وآمن بطروحاتها؟ فإن قيل إنه من انتمى للحركة تنظيمًا فقط كان خللاً في القرار، إذ لا يمكن عقلاً حصر الإرهاب في المنتمين لتنظيم إرهابي وإلا كان من لازمه إهمال من تلوث بالفكر الإرهابي وصار مثل التنظيمات الإرهابية خطرًا على المجتمع، وكلنا نعرف أن بعض الذين فجروا في شرق السعودية والكويت والعراق لم ينتموا رسميًا لتنظيم داعش الإرهابي، وإنما هم ملوثون بفكر الإرهاب. وإن قيل إن وصف الإرهاب يشمل الذين يحملون فكر الإخوان حتى لو كانوا خارج التنظيم صار تطبيقه مستحيلاً، فهناك في عالم العرب في مصر وخارج مصر أعداد كبيرة من العلماء والدعاة والمثقفين والأكاديميين والسياسيين والمحامين والمعلمين والصحافيين والكتاب والإعلاميين والنقابيين لا ينتمون لتنظيم الإخوان ولكنهم وبتفاوت كبير بينهم يحملون الفكر الإخواني، أو بعبارة أدق هم في الانتماء للفكر الإخواني بين مقل ومستكثر، ففي مصر التي رفعت بحماس لواء «ترهيب» الإخوان يوجد في حلبتها الحزبية «السياسي الإسلامي» عبد المنعم أبو الفتوح يترأس حزبًا محافظًا ذا مرجعية إسلامية والكل يعرف أنه في خصومة سياسية فقط مع الحركة وليس في خصومة فكرية مع مرجعيتها، هذا ناهيك بمئات الكتاب والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين والعلماء والمفكرين والمحامين في مصر الذين إلى هذه اللحظة يحملون فكر الإخوان وإن اختلفوا معهم سياسيًا، فلماذا لم تقبض عليهم الحكومة ما دام أنهم حاملون لميكروب الإرهاب؟ كل الغاية من هذه المناقشة ليس دفاعًا عن أحد وإنما هي جهد يدفع نحو تنقية الأجواء السياسية العربية ورفع حالة الاستقطاب والإقصاء والاستفادة من كل الطاقات، بغض النظر عن رايتها وآيديولوجيتها، لمحاربة التهديد الحقيقي الآتي من هناك من «ما وراء النهرين» وما دون النهرين، أقصد نظام إيران و«داعش» الإرهابيين اللذين يعيثان في دول المنطقة إرهابا وقتلاً وتدميرًا وتفكيكًا.

مشاركة :