.«الإنتاجية ليست كل شيء، لكنها على المدى الطويل هي كل شيء تقريبًا» بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد. الإنتاجية هي استخلاص المزيد من الإنتاج من الموارد المتاحة.. إنها المصدر النهائي للزيادات طويلة الأجل في الدخل؛ ففي حين أن الزيادات في حجم القوة العاملة أو مخزون رأس المال يمكن أن تؤدي إلى زيادة الإنتاج، فإن تأثير هذه المساهمات يتضاءل ما لم يتم العثور على طرق أفضل للاستفادة من هذه الموارد (مجلة الإيكونيميست). قد تبدو آفاق عودة الإنتاجية قاتمة هذه الأيام، لا سيما بعد عقد تميزت بياناته بالإنتاجية السلبية. علاوة على ذلك، تشير بعض الدراسات التي أجريت على الأوبئة السابقة وتحليلات الآثار الاقتصادية لهذا المرض إلى أن كوفيد - 19 قد يجعل صورة الإنتاجية السائدة أسوأ؛ فقد شهدت البلدان التي ضربها تفشي الأوبئة في القرن الحادي والعشرين (لا يشمل كورونا) انخفاضًا في إنتاجية العمل بنسبة 9 في المائة بعد ثلاث سنوات مقارنة بالبلدان غير المتضررة، وفقًا للبنك الدولي. ومع ذلك، فالغرائب تحدث. أعقب سنوات الثلاثينيات القاسية أكبر انتعاش اقتصادي غير عادي بالتاريخ. لكن منذ جيل مضى، تخلى الاقتصاديون تقريبًا عن الأمل بمطابقة أداء ما بعد الحرب عندما حدث انفجار في الإنتاجية بواسطة الكمبيوتر. واليوم، مرة أخرى، هناك إشارات محيرة إلى أن الصدمات الاقتصادية والاجتماعية في العقدين الأولين من هذا القرن قد تفسح المجال قريبًا لمرحلة جديدة من الديناميكية الاقتصادية، وفقاً لبحث للإيكونيميست، نعرض خلاصته. الإنتاجية هي الإكسير السحري للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، يعرف الاقتصاديون القليل عن كيفية زيادة الإنتاجية أكثر مما يرغبون. يبدو أن الزيادات في إنتاجية العمل (أي زيادة الإنتاج لكل عامل في الساعة) تتبع التحسينات بالمستويات التعليمية، والزيادات بالاستثمار (التي ترفع مستوى رأس المال لكل عامل)، واعتماد الابتكارات الجديدة. على الصعيد العالمي، تباطأ نمو الإنتاجية بشكل حاد بالسبعينيات من المعدلات المرتفعة للغاية في عقود ما بعد الحرب. ثم من منتصف التسعينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين اندلعت موجة نمو أعلى للإنتاجية في العالم الغني، بقيادة أمريكا، والأسواق الناشئة.. ولكن منذ الأزمة (2008)، ظهر تباطؤ واسع النطاق ومستمر في نمو الإنتاجية.. نحو 70 في المائة من اقتصادات العالم قد تأثرت، وفقًا للبنك الدولي. يعد تفسير التباطؤ مجازفة؛ إذ يعتقد البنك الدولي أن تباطؤ نمو التجارة وقلة الفرص لتبني وتكييف التكنولوجيا الجديدة من البلدان الأكثر ثراءً ربما ساعد في كبح التقدم في الإنتاجية في العالم الناشئ. في جميع الاقتصادات، يبدو أن تباطؤ الاستثمار في أعقاب الأزمة المالية العالمية هو السبب. ومع ذلك، في حين أن هذه الرياح المعاكسة مهمة بالتأكيد، فإن السؤال الأكبر هو لماذا لم تحفز التقنيات الجديدة التي تبدو قوية (مثل الروبوتات المحسنة والحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي) المزيد من الاستثمار ونمو أعلى للإنتاجية. وفي عام 2010، كان الفشل في حساب الاستثمار غير الملموس بالبرامج يُحدث فرقًا بسيطًا في أرقام الإنتاجية. لكن الإنتاجية تم التقليل من شأنها بشكل متزايد؛ وبحلول نهاية عام 2016، كان نمو الإنتاجية أعلى بنحو 0.9 نقطة مئوية من التقديرات الرسمية المقترحة. في السنوات التي سبقت الوباء، مع انخفاض معدل البطالة وتزايد نمو الأجور، بدا أن نمو إنتاجية العمالة الأمريكية يتسارع، من زيادة سنوية قدرها 0.3 في المائة فقط في عام 2016 إلى زيادة بنسبة 1.7 في المائة في عام 2019، وهي أسرع وتيرة نمو منذ عام 2010. تشير الدلائل المبكرة إلى أن بعض التحولات من المحتمل جدًا استمرارها، وأن الوباء أدى إلى تسريع وتيرة تبني التكنولوجيا. وجدت دراسة استقصائية للشركات العالمية أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام أن أكثر من 80 في المائة من أرباب العمل يعتزمون تسريع خطط رقمنة عملياتهم وتوفير المزيد من الفرص للعمل عن بُعد، بينما يخطط 50 في المائة لتسريع أتمتة مهام الإنتاج. يتوقع أن تؤدي مثل هذه التغييرات إلى انخفاض صافٍ في القوى العاملة لديهم: وهو تطور يمكن أن يفرض تحديات على سوق العمل ولكنه يعني بحكم التعريف تقريبًا تحسينات في الإنتاجية. ثمة احتمال بأن نقل الكثير من العمل آثار تعزز الإنتاجية على مستوى الاقتصادات الوطنية أو على مستوى العالم. مثلاً أدت تكاليف الإسكان والعقارات المرتفعة في المدن الغنية والمنتجة إلى إبعاد الشركات والعاملين عن الأماكن التي كان من الممكن أن يفعلوا فيها المزيد بموارد أقل. أبعد من ذلك، يمكن أن يساعد تعزيز التعليم والتطبيب عن بعد بسبب الوباء في فتح فترة جديدة من النمو في تجارة الخدمات.. سيتطلب تحقيق أقصى استفادة من استثمارات القطاع الخاص الجديدة في التكنولوجيا والمعرفة من الحكومات هندسة انتعاش سريع في الطلب، وإجراء استثمارات تكميلية في السلع العامة مثل التركيز على معالجة النقص في التعليم الذي عانى منه العديد من الطلاب نتيجة لإغلاق المدارس. لكن يبدو أن المواد الخام اللازمة لطفرة إنتاجية جديدة في طريقها إلى وضعها الصحيح، بطريقة لم نشهدها منذ عقدين على الأقل. قد يعني ظلام هذا العام في الواقع أن الفجر قد اقترب في الأفق.
مشاركة :