استبعد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إمكانية تراجع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن عن قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.وقال العثماني أمس، في جلسة مساءلة شهرية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إن القرار، الذي اتخذه ترمب «لم يأتِ من فراغ، بل جاء تتويجاً لتراكم عبر سنين من الجهود الدبلوماسية المغربية في الساحة الأميركية»، موضحاً أن التوجه العام لهذا القرار ورد في التقرير التفسيري لميزانية وزارة الخارجية والبرامج المرتبطة بها، لسنتي 2018 و2019، والصادر عن الكونغرس.وقال العثماني إن الإعلان الرئاسي الأميركي، الذي وقعه الرئيس ترمب، جاء «ليكسب هذا التوجه قوة تنفيذية ملزمة»، ما يجعل التراجع عنه عبر قانون في الكونغرس «أمراً صعباً جداً».واعتبر العثماني أن القرار الأميركي يعد «تطوراً تاريخياً»، و«ليس مجرد إعلان رئاسي شكلي احتفالي»، كما قيل في بعض وسائل الإعلام المناوئة، وأصبحت له «قوة تنفيذية»، تمثلت في نشره في السجل الفيدرالي الأميركي، وتبعته أربعة قرارات سيادية: أولها الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وثانياً دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها الحل الوحيد للنزاع. وثالثاً فتح قنصلية عامة في مدينة الداخلة. أما القرار الرابع فيتمثل في تشجيع الاستثمارات الأميركية في الصحراء.في سياق ذلك، قال العثماني إن الولايات المتحدة قامت عبر مندوبتها الدائمة في الأمم المتحدة بإخبار الأمين العام للأمم المتحدة، وكل أعضاء مجلس الأمن، بـ«الإعلان الرئاسي» حول الصحراء، الذي أصبح «مرجعاً للجهاز التنفيذي في مجلس الأمن». كما تمخض عن الإعلان الرئاسي «تغيير الخريطة المعتمدة من طرف الإدارات والسفارات الأميركية»، حيث «تمت إزالة الفاصل الذي كان بين الصحراء وباقي التراب المغربي»، وبدأت الاستعدادات «لفتح قنصلية في الداخلة»، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن عن فتح «موقع قنصلي افتراضي»، يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وستليه فتح قنصلية فعلية في المدينة نفسها.وهذه الخطوات، يقول العثماني، تعكس «الجدية» في التعامل مع الاعتراف الأميركي، وترجمته «لإجراءات على أرض الواقع».في غضون ذلك، شدد العثماني على القول إن أميركا «دولة عظمى، وعضو في مجلس الأمن، وهي من يصوغ المشروع الأولي لقرارات مجلس الأمن حول الصحراء»، ما سيكون له «أثر على حل نزاع الصحراء»، مضيفاً أن المغرب «طوى بهذا الاعتراف سجل سنوات صعبة من المواقف الأميركية تجاه قضية الصحراء»، وتوقع أن يؤدي الاعتراف الأميركي إلى دفع دول أخرى للسير على النهج نفسه، وقال إن المغرب «سيعمل على رفع المجهود الدبلوماسي من أجل التحاق دول أخرى بالاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء».من جهة أخرى، شدد العثماني على أن قضية الصحراء «ستظل محل إجماع وطني» في المغرب، باعتبارها «معركة وطنية تحررية، ضحت في سبيلها الأجيال قبل الاستقلال وبعده»، منذ عهد الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، مشيراً في هذا السياق إلى أن الملك الحسن الثاني أطلق المسيرة الخضراء سنة 1975 لتحرير الصحراء.وقال العثماني بهذا الخصوص: «لولا جرأة الملك الحسن الثاني لما استرجع المغرب أقاليمه الصحراوية»، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الملك محمد السادس في تكريس مغربية الصحراء، «كقضية مصيرية»، وذكر بما جاء في إحدى خطبه حين قال: «سيظل المغرب في صحرائه، وستظل الصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها».
مشاركة :