نازحون سوريون يواجهون الفيروس بلا كمامات أو معقمات

  • 12/29/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في مخيم الهول شرق سوريا، تبذل النازحة السورية منيفة ذات الأربعين عاماً، قصارى جهدها لحماية أفراد عائلتها من فيروس كورونا المستجد. وزاد قلقها بعد سماعها عن سلالة الجائحة الجديدة؛ لتقوم بالحفاظ على أكبر قدر ممكن من النظافة الشخصية لخيمتها التي يقيمون فيها منذ قرابة عامين.فهذه السيدة وكثير من الأمهات، تشكو غياب الكمامات وعدم وجود مواد التنظيف مثل الصابون إلى جانب قلة المال لشراء مطهرات وأدوية واقية، وقالت بلكنة محلية يجيدها سكان مدن وبلدات محافظة دير الزور شرق سوريا: «هناك الكثير الذي يمكنه القيام به، مثل الاهتمام بالنظافة الشخصية ومراقبة الأولاد وتوجيهم لغسل اليدين قبل تناول الطعام وبعده».ومنذ إعلان الأردن تسجيل أول إصابة مؤكدة بالسلالة الجديدة لفيروس كورونا، وبذلك يكون ثاني بلد عربي مؤكد تصله السلالة إليه بعد لبنان، وهما مجاوران لسوريا، تخشى منيفة هذه الأنباء كثيراً. وتابعت حديثها وقد ارتسمت علامات الحيرة على وجهها: «سمعنا أخبار الفيروس الجديد وانتشاره، للأسف ليست هناك إمكانيات لنأخذ احتياطاتنا أو نواجه الخطر، سلاحنا الوحيد نهتم بنظافتنا وخيمتنا».ومخيم الهول، يقع على بعد نحو 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة ويضم 62 ألف نسمة، معظمهم من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، كما يضم قسماً خاصاً يسكنه الآلاف من عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» الإرهابي في شمال شرقي سوريا، لكنه يعاني نقصاً في الاحتياجات الطبية حيث يستخدم معظم قاطني المخيم النظافة الشخصية كبديل وقائي لمواجهة «كورونا».وتقف النازحة سلطانة المتحدرة من بلدة السوسة بريف دير الزور الشرقي، أمام دورات الحمام حتى تخرج طفلتها الصغيرة حاملة إبريقاً بلاستيكياً لونه أحمر لتقوم سريعاً بغسل يديها وتنظيفها، وقالت: «أقوم بحماية بناتي وأطفالي من الفيروس فعندي أختهم صغيرة عمرها سنة ونصف السنة، وهي ضعيفة وتحتاج للاهتمام لذلك أحافظ على نظافة الكبار كثيراً، وأطلب منهم أن يغسلوا أيديهم قبل دخول الخيمة». ونوهت بأنها وزوجها: «نعيش في مساحة لا تتعدى 30 متراً منذ 3 سنوات؛ أخشى من انتشار الفيروس لغياب وسائل الوقاية الضرورية».ولم تُرصد مؤخراً ظهور حالات إصابة بين قاطني المخيم وكانت الطواقم الطبية بالهول سجلت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وجود حالتين كانت حالتهم سلبية تماثلوا للشفاء بعد وضعهم بالحجر الصحي مدة 15 يوماً، كما سجلت بالشهر نفسه إصابة 3 عاملين من الطواقم الطبية بفيروس كورونا يعملون لدى منظمة «الهلال الأحمر» الكردية المحلية، والتي تغطي معظم احتياجات المخيم المكتظ.من جانبه، قال محمود العلي، قائد فريق الصحة لدى منظمة «الهلال الكردية»، وهي النقطة الطبية الوحيدة في المخيم: «منذ شهرين لم نسجل أي إصابة جديدة بفيروس كورونا أو حالة اشتباه». وأضاف أن النقطة تضم قسماً للإسعاف وثانية للأمراض الداخلية، وثالثة للأمراض النسائية وقسماً خاصاً بالولادة إلى جانب قسم أمراض الأطفال، وهي أكثر الأمراض انتشاراً بين قاطني المخيم. وأشار المسؤول الطبي إلى أن إدارة المخيم بالتعاون مع «الهلال الكردي» ومنظمات دولية، وقال: «افتتحت مخبراً للتحاليل الطبية للكشف عن فيروس كورونا وبقية الأمراض المعدية ومنذ شهر يوليو (تموز) الماضي دخل حيز التنفيذ ويقدم خدماته للمرضى والمصابين»، لافتاً إلى تنظيم حملات توعوية دورية لتوزيع المنشورات وقصاصات ورقية للتحذير والوقاية من المرض: «قمنا بتأسيس صندوق سلامة للعمل على توزيع كمامات ومعقمات للحماية مجانية، وتنظيم حلقات توعوية».وتعاني مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات أساساً من نقص بالمعدات الصحية والطبية، بعد توقف المساعدات القادمة من معبر اليعربية بعد قرار فيتو روسي - صيني بداية العام الحالي، مما يشكل تهديداً مضاعفاً يفرضه انتشار سلالة فيروس كورونا الجديدة، وسط تحذيرات من منظمات إنسانية دولية ومحلية وقلق من مسؤولين أكراد من العجز عن احتواء انتشار المرض، لا سيما بين قاطني المخيمات.ويخشى النازح السوري عبد الودود المتحدر من بلدة السوسة الواقعة شرقي دير الزور، لا يمتلك تلفزيوناً أو جهاز راديو ولا يعرف كثيراً ماذا يدور في محيطه، وكيف أن فيروس «كورونا» انتشر بشكل كبير وبدأت سلالتها الجديدة بالانتشار في دول أوروبية وعربية، وأخبر بأنه: «لا نعرف ماذا يحدث حولنا لكن نخشى من انتشار الأمراض عموماً، وهنا بالمخيم تقوم إدارته عبر مكبرات الصوت بحملات توعية للتحذير من كورونا».ويسكن الرجل الخمسيني وزوجته وبناته الخمسة تحت رحمة خيمة لا تقيمهم برودة طقس الشتاء البارد، ولفت قائلاً: «البرد شديد هذه السنة مع قلة وسائل التدفئة بالأخص الحرارة تنخفض تحت الصفر، والحمامات ودورات المياه بعيدة وغير نظيفة. وللأسف الكثير من الاحتياجات الصحية تنقصنا».بينما كانت تنتظر نوال دورها أمام باب نقطة طبية تحمل طفلتها الرضيعة؛ وقد جلست بجانبها خمس سيدات على مقعد حديدي جئن لمراجعة الطبيب وفحص درجة الحرارة لأطفالهن، والتأكد من خلو الإصابة بأي مرض معدٍ، ونقلت النازحة كيف تقوم بمراجعة دورية للكشف على ابنتها الصغيرة، لتقول: «أهتم بطفلتي الرضيعة لأن عمرها 10 شهور، وأراجع الطبيب أسبوعياً. وأهتم بنظافة أطفالي فعندما يلعبون بالخارج وقبل دخولهم للخيمة أقوم بتعقيم أيديهم وغسلها جيداً».

مشاركة :