اشتداد الحرارة هذه الأيام جعلت المكيف في غرفة نومي يُسرب الماء.. أصيب بحالة تنقيط من بداية أغسطس فاضطررنا لوضع سطل فارغ تحته حتى الصباح.. وكل مرة أرى فيها السطل (وقد امتلأ بالماء العذب) أتذكر اختراعي الذي يستخلص الماء من الهواء ويستعمل لسقيا الأشجار والمزارع الصحراوية! ... وبالطبع كنت أتمنى لو أنني أول من فكر بهذا الموضوع؛ ولكن الحقيقة هي أن شبيهاً لهذه الفكرة جُرب واعتمد في مناطق كثيرة حول العالم؛ ففي دول عديدة بنيت أبراج معدنية تعمل كمصائد لقطرات الندى وتكثيف الماء.. وهي تُبنى غالباً في أعالي الجبال أمام تيارات البخار المعروفة وتضم في أسفلها بركة صغيرة لتجميع المياه. وكان المهندس الفرنسي اشل كانبين أول من بنى برج تكثيف حديث ومتحرك يمكنه جمع 750 جالوناً من المياه العذبة في اليوم!! .. أيضا هناك مايدعى "حفرة الندى" المعروفة لدى المجتمعات الزراعية في أماكن كثيرة حول العالم (ومازالت موجودة حتى اليوم في شمال الهند). وهي طريقة أكثر بساطة وأقل كلفة حيث يبنى مايشبة الصحن المقعر في وسطها بالوعة تجمع المياه. وغالبا ما يتم تمليس أو تبليط الصحن بمواد يتكثف عليها الندى بسهولة كالزجاج والسيراميك أو حتى عيدان القصب.. ونماذج هذه الحفر يمكن مشاهدتها حتى اليوم في اليونان وتركيا ومنطقة سوسكس بإنجلترا!! وبالإضافة لأبراج البخار وحفر الندى بنى المهندس روزويل عام 1992 خزاناً إسمنتياً تخرج منه زعانف معدنية (تشبة رديتر الدراجة النارية) تجمع الرطوبة وتحولها لداخل الخزان.. وفي عام 1982 قدم المخترع الأميركي كاليس كورنيا خيمة بلاستيكية يمكن فردها لجمع الندى من الجو (وهي اختراع مسجل في أميركا برقم 4.351.651).. كما ابتكر طلاب الهندسة في جامعة بن غوريون الإسرائيلية شبكة معدنية تُجمع رطوبة الجو وتجمعها في أنابيب تصب في أحواض النباتات!! ... بقي أن أشير الى حقيقتين (أريدك التفكير فيهما) تؤكدان نجاح فكرة استخلاص الماء من الهواء: الحقيقة الأولى: أن الغلاف الجوي يزخر بكميات هائلة من السحب والأمطار المسؤولة عن ملء أنهار وبحيرات العالم أجمع.. كما توجد في الهواء الذي نتنفسه (في الطبقات الدنيا من الغلاف الجوي) كميات مهولة من الرطوبة وبخار الماء هي المسؤولة عن تشكل الندى والضباب.. والمياه المتسربة من المكيفات.. أما الحقيقة الثانية: فهي أن هناك أشجاراً (مثل شجرة الغدير في الهند والدموع الحزينة في البرازيل) ومخلوقات صحراوية كثيرة (كالعقارب والزواحف والخنافس) تعتمد على استخلاص الماء من الهواء بشكل طبيعي.. خذ كمثال الخنافس الجافة التي تملك أهداباً يتكاثف عليها الندى قبل أن تسحبه بلسانها. أما الزواحف فتملك حراشف ملساء تُكثف الندى وتُقطر بخار الماء الذي ينحدر كقطرات على طول أخدود ينتهي بفمها! ... أقترح على وزارة الزراعة تبني ابتكاري القديم.. مجرد قارورة تشبة القمع (تشبك رأساً على عقب بجذع الشجرة) تجمع الندى وتكثف الرطوبة وتسقط الماء قربها كقطرات. ... وقبل أن أنسى؛ من منكم يعرف سباك سبليت ماهر؟
مشاركة :