مجلس التنسيق السعودي البحريني خطوة متقدمة على طريق التكامل والاتحاد (2-2)

  • 12/31/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

 لا ريب في ان آمالا عريضة تنتظر مجلس التنسيق السعودي– البحريني المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية, يمكن ان تجسر الطريق لانطلاقة وحدوية جديدة ورؤية تنموية مشتركة، تستكمل ما وصلت اليه المملكتان من ترسيخ للتعاون الثنائي بينهما، وهذا ما يتضح من مجريات الاجتماع الأول للمجلس، وما أكده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد بالمملكة العربية السعودية في كلمته بافتتاح الاجتماع بالقول «ان التوجيهات السديدة أفضت ولله الحمد إلى تحقيق نتائج مثمرة على الأصعدة كافة، معبرا عن الارتياح للتنسيق الوثيق بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة وتواجه البلدين، والمحافظة على مصالح البلدين وأمنهما واستقرارهما»، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير فلا شيء يعلو على الامن والاستقرار وحماية وتحقيق المصالح العليا للمملكتين الشقيقتين في ظل التحديات الإقليمية والدولية مختلفة الأنماط ومتعددة الفواعل والادوات والاساليب، الا انها تكاد تكون متوحدة في اهدافها الرامية إلى زعزعة استقرار وامن منطقتنا عموما ومملكتينا خصوصا، والهيمنة على مقدراتها الاقتصادية، وطمس مكانتها التاريخية والاعتبارية والروحية. والتي تتصاعد اوزارها وتداعياتها، وتنذر بمستقبل قاتم لمنطقتنا. الامر الذي يقود إلى ضرورة تفعيل اقصى الجهود في البحث عن افضل صيغ التعاون والتنسيق والتكامل التي تحقق المنعة والقوة لمملكتينا لمواجهة تلك التحديات أو على الاقل الحد من تداعياتها وامتصاص زخمها. وخاصة انهما يمتلكان حزمة من الخبرات والمقومات الاقتصادية والاستراتيجية التي يمكن توظيفها من خلال مكانتهما الخليجية والعربية والدولية، وبما يتيح لهما التصدي لتلك التحديات ومواصلة إنجاز عملياتهما التنموية والنهضوية المعاصرة، وتحقيق الاندماج في الاقتصاد العالمي من موقع القوة والتأثير والكفاءة والقدرة التنافسية العالية، سيما وان احد أهم غايات تعاظم التحديات والمخاطر التي يواجهونها في الوقت الحاضر تستهدف تعطيل ذلك، وابقائها دولا ريعية يعتمد اقتصادها, لا بل وجودها، على الموارد النفطية التي ترتبط وترتهن بمتغيرات السوق العالمية وتدور في خانة التقلبات وتأثير قرارات الغير. لذا فإن كل تعاون وتنسيق بين الدولتين الشقيقتين يرمي إلى الارتقاء بمكانتهما وامكانياتهما ويحقق لشعبيهما موقعا مميزا على الخارطة التنموية والتقنية والعلمية الدولية ويمثل ردا حضاريا على مختلف التحديات. ويتعاظم اثره حينما يكون نواة لجهود لاحقة تشمل جميع دول مجلس التعاون الخليجي. وبما يحقق اهداف المجلس والوصول إلى قمتها في المجالات المختلفة، ومنها ما نصت عليه المادة الرابعة من نظامه الاساسي «بتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الاقتصادية والمالية والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات والشؤون التعليمية والثقافية والشؤون الاجتماعية والصحية والشؤون الاعلامية والسياحية والشؤون التشريعية والادارية، ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعـة والتعدين والزراعـة والثروات المائيــة والحيوانية وانشاء مراكز بحوث علمية واقامة مشــاريع مشــتركة وتشـــجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوبها». كما ان التكامل والتنسيق الشامل بين دول المجلس يقوي قدراتها التفاوضية على الصعيد العالمي تجاه التكتلات والدول والمنظمات والشركات الاخرى الامر الذي يخفض من كلف الاستيراد، ويحقق نوعا من الحماية الديناميكية لمؤسساتها وشركاتها ومصارفها ومنتجاتها الوطنية. وسيعينها على مواجهة تحديات تداعيات ازمة كورونا (كوفيد-19). كما سيكون عاملا مؤثرا في زيادة وتيرة التعاون مع التكتلات الاقتصادية الإقليمية ومن موقع متكافئ، مما يجعل دول المجلس اكثر قدرة على مواجهة تحديات الهندسة الاقتصادية الدولية المعاصرة من عولمة وتكتلات اقتصادية وثورة تقنية ومعلوماتية سريعة الايقاع، ويحولها إلى فرص للنهوض والتنمية. فضلا عما يؤدي اليه من تسريع لوتيرة الإصلاح الاقتصادي والتحديث وفقا لأسس ومنهجية خليجية موحدة هي محصلة لأفضل تجارب الإصلاح التي مارستها دول المجلس خلال السنوات الماضية، مقرونة بقدرة عالية على التفاعل مع التجارب الدولية من موقع متكافئ استنادا على المعطيات الاقتصادية والبشرية والاستراتيجية التي تنجم عنه، مما يعزز من تنافسية دول المجلس، ويعظم من قدرتها على توسيع الاستثمارات الوطنية وجذب الاستثمارات الاجنبية. وان من النتائج المبشرة التي تمخض عنها الاجتماع الأول لمجلس التنسيق المشترك، الآلية المؤسسية والتنظيمية التي ميزته، فقد تم إقرار الإجراءات التنظيمية لأعمال المجلس، وتشكيل خمس لجان فرعية للعمل على المواضيع والمبادرات التي يقرها مجلس التنسيق المشترك وهي (لجنة التنسيق السياسي والدبلوماسي، ولجنة التنسيق الأمني، ولجنة التنسيق في مجالات التجارة والصناعة، ولجنة التنسيق في مجالات الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية، ولجنة التنسيق في مجالات الاستثمار والبيئة والبنى التحتية)، وهذه اللجان تغطي مختلف المجالات والانشغالات ذات الصلة بالدولة والمجتمع حاضرا ومستقبلا.كما ان الحضور النوعي لعدد كبير من الوزراء والمسؤولين إلى جانب وليي عهد المملكتين الشقيقتين يعطي للاجتماع وما يتمخض عنه من قرارات الصفة التنفيذية المباشرة، وبما يمكنهما من اعتماد استراتيجيات امنية واقتصادية وسياسية موحدة، تترجم بتنفيذ سياسات قطاعية موحدة تقوم على تحشيد امكاناتهما المالية والاقتصادية والبشرية والعلمية، مما يؤدي إلى نتائج غاية في الايجابية. وقد اختتم الاجتماع بإعراب الجانبين السعودي والبحريني عن تطلعهما إلى اجتماعات المجلس القادمة، التي سيتم خلالها وضع الرؤية المشتركة لتعزيز العلاقات وتعميقها بين البلدين في جميع المجالات بما يحقق ما تصبو اليه القيادتان الرشيدتان من تعزيز للأمن والاستقرار ودعم المسيرة التنموية والاقتصادية في البلدين الشقيقين. وفي الختام ندعو وسائل الاعلام والكتاب والباحثين ورجال الفكر والاكاديميين في المملكتين الشقيقتين إلى اعارة هذا الحدث المهم اهتماما كبيرا والتعمق في بحث اثاره ونتائجه الايجابية، واقتراح الآليات والسياسات التي يمكن اعتمادها لتعظيم تلك الاثار بما يخدم حاضر ومستقبل مملكتينا وشعبينا الشقيقين وبما ينعكس على تحفيز بقية دول المجلس للسير في ذات النهج القويم الذي اختطته القيادتان الرشيدتان للمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، نسأل الله لهما التوفيق والسداد. ‭{‬  أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :