كشفت مصادر عسكرية في إسرائيل أن جادي آيزنكوط، رئيس الأركان الجديد للجيش، أقام طاقما يرأسه يائير نافيه، النائب الأسبق لرئيس الأركان، من أجل دراسة موضوع الخيار العسكري ضد إيران، وقالت هذه المصادر إن إقامة الطاقم لا تشير بالضرورة إلى وجود قرار باستخدام هذا الخيار، بل فحص مدى جديته. وجاء هذا القرار بعد أن أصبح موضوع الخيار العسكري ضد إيران مستهلكا، ذلك أن غالبية الخبراء يقولون إنه غير جدي. وخلال السنوات الأخيرة جرى حديث مكثف حول الموضوع، أبرزه ما قاله رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، الذي صرح في مطلع السنة بأن خلفه بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق إيهود باراك، أنفقا أكثر من 11 مليار شيقل (3 مليارات دولار) على خطة وهمية لتوجيه ضربة عسكرية إيران، وقال إنهما يعرفان أنها خطة غير واقعية وغير مجدية. لكن باراك رد على ذلك خلال مقابلات أجراها مع صحافيين مؤرخين يكتبان سيرته الذاتية بالقول بأنها كانت خطة جدية، تم إعدادها بدقة في السنوات 2010 - 2012. ولكنها أجهضت لأن رؤساء الأجهزة الأمنية والجيش وغالبية الوزراء عارضوها، ولم يؤيدها سوى هو ونتنياهو ووزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان. ومنذ أن تم الكشف عن هذه التصريحات، مساء الخميس الماضي، والنقاشات الحادة دائرة في المجتمع الإسرائيلي. ويبدو أن غالبية المتحدثين في الموضوع وقفوا ضد باراك، لأنه كشف أسرار الدولة لأغراض شخصية، هدفها تسويق كتابه وتسويق نفسه كبطل، والتمهيد بذلك للعودة إلى الحلبة السياسية. وقد نشرت أمس صحيفة «هآرتس» مقالا تجاوز الحدود في حدته حمل عنوان «في خدمة من يعمل هذا العميل؟»، قال كاتبه نحاميا شتراسلر إن «الاستنتاج الراسخ هو أن إيهود باراك هو عميل إيراني، ذلك أن الإيرانيين وحدهم هم الذين سيحققون الفائدة الكبرى من الأسرار التي كشفها، ولذلك فإن المنطق يقول إنه يعمل لديهم. والحقيقة هي أنه زودهم بالمسدس الساخن الذي بحثوا عنه طوال الوقت. والآن سيقولون إنه يتحتم علينا الدفاع عن أنفسنا من هؤلاء المتوحشين في تل أبيب الذين جلسوا وخططوا لمهاجمتنا.. الآن سيفهم العالم لماذا نتزود نحن الإيرانيين بالصواريخ الباليستية، وسيدعم موقفنا. الأمر لم يعد مجرد شائعات وتخمينات، وإنما كلمات موثوقة قالها بصوته رجل الأمن لدى إسرائيل». وأضاف نحاميا أنه «بعد إعادة التفكير أدرك أنني أخطأت. باراك ليس عميلا إيرانيا، وليس أميركيا ولا حتى عميلا لإسرائيل.. إنه عميل لباراك، فهو لا يهمه إلا باراك، الواحد والوحيد، وليذهب الجميع إلى الجحيم، بما في ذلك الأمن والوجود والمستقبل والقومية والمجتمع وكل شيء». وفي السياق نفسه، كشفت مصادر قضائية أن المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين، يفحص إمكانية استدعاء باراك للتحقيق بسبب كشفه أسرار الدولة. وقد يؤدي تحقيق كهذا إلى محاكمته. فيما يؤكد خبراء أن تصريحات باراك أحرقت عمليا الخيار العسكري، إذ بدا واضحا من كلامه أن القوة العسكرية التي يفترض أن تنفذ خطة الهجوم على إيران ترفض الفكرة، وتقول إنها لا تتمتع بما يكفي من القوة لتنفيذها، فضلا عن حاجتها إلى تعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، بينما رئيس الوزراء، نتنياهو يحرق كل الجسور معهم، ويعادي الرئيس الأميركي ولا يبقي مكانا للصلح معه، حسب نفس الخبراء. لكن من جهة أخرى، كان هناك من طرح المسألة بشكل معاكس، حيث نقل موقع «واللا» الإخباري، أمس، على لسان مصدر أمني رفيع القول إنه «من يعتقد أن إسرائيل كانت تتمتع بالقدرة على مهاجمة إيران في 2012 فهو مخطئ ومضلل»، مضيفا أن «مصادر أمنية إسرائيلية كثيرة وجهت انتقادات شديدة إلى وزير الأمن السابق إيهود باراك. لكن السؤال الأساس هو: إذا كان هذا هو واقع الأمر، ولا توجد في الجهازين الأمني والسياسي غالبية مؤيدة لمهاجمة إيران، فلماذا يجب على إسرائيل مواصلة استثمار المليارات سنويا في الخيار العسكري؟ وهل تستطيع إسرائيل فعلا تنفيذ هجوم ناجع ضد المشروع النووي الإيراني؟».
مشاركة :