عندما فاز الفيلم الكوري الجنوبي «براسايت» بجائزة الأوسكار اندهشت من مستوى التقدم في التمثيل والسيناريو والإخراج.. لأنني لم أشاهد فيلمًا كوريًا واحدًا طوال حياتي.بعد هذا الفيلم الناجح بكل المقاييس.. وجدت أن محطة نتفليكس تضع الكثير من المسلسلات الكورية الجنوبية.. ولم أكن قد شاهدت أيا منها من قبل.. حيث أنني كنت أشعر أن عالمهم بعيد عن عالمنا ومشاعرهم مختلفة عنا ولا نفهم أي حرف من لغتهم.وفي يوم اقترح علي ابني مشاهدة مسلسل كوري جيد في نظره.. ووافقت على اقتراحه لعلني أجد مسلسلاً يشدني إليه.لم يشدني هذ المسلسل فقط وإنما أدمنت على المسلسلات الكورية وأصبحت أفضلها على المسلسلات التلفزيونية الأمريكية والأوربية والتركية والعربية.. كلما انتهيت من مسلسل قلت لنفسي..كفي..عليك مشاهدة مسلسلات أخرى جيدة تنتجها دول متقدمة أخرى..لكني أشعر بالملل ما أن أبدأ في حلقات المسلسل منها وأرغب في العودة إلى المسلسلات الكورية.والسبب أنني اكتشفت أن السينما الكورية تتميز بعدد كبير من الفنانين الشباب والكبار الذين يتقنون أدوارهم ويؤدونها بشكل طبيعي والسبب تواجد أكاديمية للفن السينمائي والتلفزيوني والمسرحي.. كما أنهم يركزون في مسلسلاتهم الاجتماعية أو الكوميدية حول الشباب من خلال قصص مشوقة تحتوي على كل ما يتعلق بطموحاتهم ومشاكلهم.. إلى جانب الإبداع في خلط الواقع بالخيال وإتقانهم في انتاج هذا النوع من المسلسلات.. كما إنني لاحظت أن لديهم خفة دم عالية في مسلسلاتهم الكوميدية تفوق خفة دم المصريين لأنهم لا يكررون مثلهم الجمل الكوميدية التي تعبر عن خفة دمهم.كما لاحظت أن شبابهم من نساء ورجال يتمتعون بمستوى عال من الوسامة والجمال والمحافظة على رشاقتهم فيظهرون في المسلسلات بأجسام ممشوقة طويلة سواء كانوا نساء أم رجالا.. الأمر الذي أدهشني لأنني كنت أعتقد أن شعوب شرق آسيا مثل الصينيين واليابانيين والفلبينيين نادرا ما نجد شبابهم طوال القامة مثلما وجدته في المسلسلات الكورية.. إلى جانب اهتمام الممثلين حسب أدوارهم بارتداء أحدث الموديلات الحديثة بأيدى مصممين عالميين ومن انتاج مصانع كوريا.. وهي على مستوى عال من الذوق الرفيع.. حتى لو كانت ملابسهم بسيطة.. ومن مستويات معيشية فقيرة إلا أنهم حريصون على إبداء الحس الجمالي في أزيائهم في تلك المسلسلات.. وتكريس مبدأ النظافة في بيوتهم الثرية والفقيرة.. وإذا أتينا إلى التمثيل نراه طبيعيا ومكياج النساء غير متكلف سواء في المسلسلات الكورية أو الأمريكية والأوربية بينما تضع ممثلاتنا طبقات من الماكياج لا تتناسب مع مواقف المسلسلات العربية والخليجية في معظمها.. مما يدفعني إلى الاعتقاد بمدى أهمية دور المخرجين في هذه المسلسلات.. لأن عليهم مسؤولية توجيه الممثلات والممثلين وما يجب أن يكونوا عليه من خلال ارتداء ملابسهم أو مكياج للممثلات بما يتناسب مع دورهن في المسلسلات.كما أنني أتساءل دائما وأنا أشاهد المسلسلات الخليجية.. هل اقتصرت مشاكلنا حول المال والنزاع حوله في العائلات الثرية في دول الخليج.. إذ حسبما ألاحظ لا يوجد تجديد في نوع المواضيع التي تطرح في هذه المسلسلات.. إلى جانب التطويل في عرض المشاهد ولا توجد مسلسلات تهم قطاع الشباب.. أو ما تتعلق بالخيال المختلط بالواقع مثلما تفعل الدول الأجنبية ويعود ذلك في معظمة بسبب عدم القدرة المادية في عمل هذه المسلسلات.. وعدم مساندة القطاع العام للقطاع الخاص في إنشاء معهد تمثيل يتخرج منه الممثلون والمخرجون وكتاب السيناريو والإنتاج.. وهذا الذي يطعم مسلسلاتهم وأفلامهم بهذا الكم الكبير من الممثلين والممثلات الشباب. اننا دون هذا المعهد لن نتقدم في فن إنتاج الأفلام والمسلسلات أو المسرحيات.. التي تعمل كثيرًا على زيادة الدخل القومي.. وتبرز الجانب الحضاري المتقدم لشعوبنا الخليجية, إذ كلنا نعلم أن تقدم الأمم يقاس بما تقدمه الدولة من فنون راقية وهادفة للمجتمع.